· · يا سيِّدتي:
كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي
أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ.
أنتِ امرأةٌ..
صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..
ومن ذهب الأحلامْ..
أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوامْ..
يا سيِّدتي:
يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ.
يا أمطاراً من ياقوتٍ..
يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ..
وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ.
يا سيِّدتي:
أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ..
ووردةُ كلِّ الحرياتْ.
يكفي أن أتهجى إسمَكِ..
حتى أصبحَ مَلكَ الشعرِ..
وفرعون الكلماتْ..
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ..
حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ..
وتُرفعَ من أجلي الراياتْ..
(نزار قباني ).......الفصل السابع والعشرون ........
........مي........
من بداية وصولنا وهو مشغول مع سكرتيرة تركنا في البيت وخرج لمكتبة
ياسين على الهاتف : حبيبتي غصب عني هاتأخر شوية كمان
مي بدموع : عادي ياسين ....بس...أرجوك حاول ترجع بدري أنا ...
ياسين باهتمام : خير؟؟
مي ببكاء : خايفة ...خايفة أوي ....مش عارفة كل ما أسمع صوت أجري أتأكد إن الباب مقفول ..ولا الشباك
: حبيبتي إنتِ في الدور ال15
تضحك مي ودموعها تنزل : مش عارفة بقى..هو ده اللي جه معايا
: خلاص سيبيني أشتغل وأوعدك إني أجي بدري ...وإنتِ حاولي تروحي تنامي ..
مي بتردد : طيب أنا هاحط الموبايل جنبي ..وهادخل أنام بس هاقفل باب الأوضة بالمفتاح علشان أحس براحة ..وأنت لما تيجي أتصل بيا وأنا أصحى أفتحلك ..أوكي
يضحك ياسين : أوكي يا خوافة ..أعملي اللي يريحك ...مع السلامة
مي بهدوء وهي تمسح عينها : الله يسلمك ...
تغلق الهاتف وبتنهيدة وهي تنظر حولها بمشاعر خوف من المكان أو خواء من غياب الحبيب المشغول
: الحمد لله......عزومة ريهام و محمود......
بعد عزومة عشاء رائعة تفننت فيها ريهام كسيدة بيت من الطراز الأول وضيافة كريمة من محمود
محمود يمسك يد ريهام بقوة ويقف أمام جمع يضم والدتة وأم عمر وعمر
ينظر لريهام ثم لضيوفة : أنا وريهام أنهاردة قررنا نعرفكم حقيقة ..تخصنا في المقام الأول وأنتوا اللي صممتوا تعرفوا سبب تأجيلنا للأطفال ..لكن بعتذر منكم لأني قررت أحذركم من التدخل في قرارنا ....احنا مش بالطريقة دي بنقلل من أحترامنا ليكم ولكن بنطالبكم احترام رغبتنا بأنكم تحتفظوا بأي رأي مخالف لنا
عمر : محمود اسمحلي إذا كنت مش عايز رأينا جمعتنا ليه ؟
ريهام : لأنكم اللي عايزين تعرفوا السبب ..مش إحنا فلو كنتم مش عايزين خلاص بلاش نقول
يسود الصمت المكان فترة يتبادل فيها الضيوف النظرات لتتكلم أم محمود : أنا عايزة أعرف السبب ..توافقها أم عمر ...ويصمت عمر
محمود : عمر !!
عمر: لوكان السبب يخص أختي الوحيدة ويخص صديقي فأنا ملزم أقول رأي ..
ينظر محمود لريهام فتشير له بنعم : اسمعونا ...
بعد جوازنا قعدنا فعلا سنة باختيارنا عدم الإنجاب علشان ريهام كانت في الإمتياز ..وأنا مشغول في تجهيز المركز الطبي ..بداية قرارنا كانت لما قررنا بمناسبة إفتتاح المركز إجراء لإختبارات خاصة بالمقبلين على الزواج ...الوراثية منها على الخصوص
يصمت محمود لتكمل ريهام : كنا مبسوطين بالإفتتاح كنا بنضحك على نفسنا احنا مفيش بينا قرابة من قريب أو بعيد وبنجري الأختبارات دي وكنا متأكدين من نتائجها وإن احنا متطابقين تماما لبعض ..لكن للأسف
النتيجة كانت صادمة لينا ...مفاجأة ..أعدنا الأختبار كذا مرة والنتيجة واحدة ...نتيجة مبتحصلش إلا نادرا بس حصلت معانا
لم تستطع ريهام أن تكمل عندما خنقتها العبرة
ليضمها محمود له ويكمل عنها : أكتشفنا مرض وراثي عندي وعندها وبالتالي في أحتمال لظهور المرض على الأقل في طفل من أطفالنا
فقررنا عدم الانجاب ...
أم محمود : مش فاهمة ..وباستنكار ...علشان احتمال أنجاب طفل عنده مرض منكم ..أنتوا كويسين أدامنا أهو إزاي ابنكم يبقى مريض
محمود يشرح : أنا حامل للمرض بس ميظهرش عندي ونفس الشئ ريهام ولكن الطفل هايخدة منها ومني فاهيظهر علية المرض
عمر : لكن في أحتمال وجود أطفال سليمة موجود
ريهام : أيوة ..بس احتمال الطفل المريض كمان موجود
عمر يهز رأسة بعدم أقتناع : أسمحولي ..انا مش مقتنع
أم عمر : وأنا كمان دي حاجة في علم الغيب
أم محمود : وأنا كمان : وبعدين هو أية المرض ؟؟
محمود : أنيميا البحر المتوسط ..ومن النوع اللي يحتاج نقلل دم شهري من أول الولادة ..مع أدوية ومراقبة دايمة يوميا
عمر : ولو محصلش المتابعة دي
ريهام : تشوهات ..تأخر نمو عقلي وجسدي ..وكتير غيرها ..وأظن الأعراض دي كفاية تخلينا نتردد
أم عمر : لا حول ولا قوة إلا بالله
محمود : أنتوا دلوقتي عرفتوا كل حاجة وعرفتوا سبب قرارنا ..
أم محمود بتحدي لرأيهم : أنت وهي لازم تنفصلوا ..أنت إبني الوحيد ..وإنتِ كمان مش هايجي اليوم اللي تتمني فيه حد يقولك يا ماما
محمود : ماما أرجوكي ..أحترمي قرارنا
تقف أم محمود وبهستريا تقريبا : لأ..القرار ده يخصني أنا كمان أنت أبني الوحيد ومن حقي أشوف ولادك وأفرح بيهم
عمر : أهدي يا طنط ..أصبري أنا متهيألي في حل
ينظر له الجميع في انتظار لكلامة.
عمر : أنتوا دكاترة وأظن أنكم ممكن تعرفوا ده ..أنا سمعت أن برة بيعملوا فحص للكروموسومات بيغيروا أو يختاروا الصفات اللي عايزينها و بيتحكموا في صفاتهم الوراثية
محمود : مستحيل ..مستحيل ....إحنا طبياً مش محتاجين نعمل العمليه دي وكنا ممكن جدا عمرنا ما نعرف لأننا كنّا ممكن نجيب أطفال أصحاء
ريهام بتأيد : أيوه طبعا حرام
عمر :لكن الشيوخ قالوا إنها مش حرام
محمود ينظر لريهام وبتردد :أنا عارف ولكن ..أنا وريهام مش مستعدين ..نفسيا على الأقل
أم عمر بصبر : يعني مش حرام اللي أنتوا بتعملوه
ينظر الجميع لها.
ريهام : تقصدي إيه يا ماما إنتِ بردة هاتقولي نتطلق
تقف أم عمر وبقوة : لأ يا بنتي ..لكن أنتوا ما دمتوا قررتم الأستمرار مع بعض فلازم عليكم أنكم تخوضوا التجربة للأخر زي ما بتحبوا بعض لازم تحبوا ان يكون ليكم ذرية ..لازم تثبتوا سواء جاكم طفل سليم أو مريض انكم فعلا بتحبوا بعض وتحبوه كمان وتتحملوا مع بعض رعايته
إلا إذا كنتم بتمثلوا على نفسكم قبل ما تمثلوا علينا الحب........جناح صقر........
يدخل صقر الجناح ليجد روتيلا كالعادة مشغولة بالحاسوب
: السلام عليكم
روتيلا بابتسامة : وعليكم السلام ورحمة الله
: نفسي أعرف كل ما أدخل ألاقيكي أعده على الجهاز ده
تضحك روتيلا وهي تبعد اللاب : غيران منه كمان
يجلس صقر ويقربها منه ويقبلها وبهدوء : يمكن أكون غيران ..هاتعملي أية ؟؟
روتيلا تبتسم لعينة :ولا حاجة ..مفيش حاجة تخليك تغير ..كلها تصميمات جرافيك
يضيق صقر بعينة : جرافيك !!
روتيلا تعد على أصابعها بفرح وهي تحرك رأسها يمين ويسار : أيوة ..هوايتي الأولى ..وتخصصي إن شاء الله في الكلية ..وشغلي بعد كدة
صقر الذي كان يبتسم بحب لحركة يدها ورأسها ...توقف فجأة عند كلمة شغلي
وجه صقر المتجهم ..أنعكس على وجه روتيلا وساد الصمت فترة فيما بينهم ...
يقطع الصمت وقوف صقر مشرف على روتيلا التي ظلت مكانها واضعا يده في جيبة : قولي تاني
روتيلا بخوف : أأقول ..أأيه
يمسح صقر على وجهه عدة مرات متتالية بعصبية وبحدة : إنتِ عارفة ...قولي
روتيلا بغصة وهمس : أرجوك
صقر بحدة أكثر : سامعاني ؟
روتيلا بصوت هامس : أيوة
صقر : منتظر اجابة
روتيلا تبلع ريقها : شغلي
صقر : إنتِ أظن وصلك جوابي دلوقتي على الكلمة دي
روتيلا : أيوة
ولكنها تقف أمامة بتحدي : لكن أنا مصممة
يبتسم صقر بسخرية : عيدي
: أنت مش هاتمنعني إني أشتغل الحاجة اللي بحبها
صقر : صدقيني جربي أنك تقوليها تاني يا روتيلا
روتيلا ترفع رأسها بتحدي أكبر : أنت مش هاتمنعني إني أشتغل الحاجه اللي بحبها
يسود صمت ولا يقطعة سوى نظرات تحدي من فراشة رقيقة وعيون الصقر الحادة
يقرب صقر أكثر من روتيلا وينزل رأسة ببطئ شديد حتى تلامست أنفاسه الحارة أذنها وبهمس : كان ممكن دلوقتي تشوفي قسوة عمرك ما شوفتيها في حياتك لكن يمنعني بس ..بس ..حبي ليكي ...متختبريش صبري مرة تانية ....يصمت قليلا وهو يسمع صوت أنفاسها العالي ....فهماني روتيلا ....
تهز روتيلا رأسها بنعم وهي تكاد تسمع صوت دقات قلبها : أيوة ..أيوة
ولكنها تبتعد قليلا وتنظر لعينه وبصوت رقيق : لكن أوعدك انك أنت اللي هاتطلب مني إني أشتغل
ثم تترك له المكان تحت أنظار الصقر الساخرة من تحديها ووعدها
صقر ضاحكا من جرأة فراشتة الصغيرة : سبحان الله.........نهاية الفصل السابع والعشرون...........
في صحيح البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة.
أنت تقرأ
الفراشه
Randomفراشة روحي تعاليْ وُثوباً ستلقين قلباً إليكِ يثبْ إذا ما امتزجنا احترقْنا معاً ونلنا الخلود بهذا العطَبْ (ابراهيم ناجي )