41

63.7K 1K 11
                                    

‏ · · الجزء الثاني من الفصل الأربعون
......منزل الحاج راشد ....
...حجرة روتيلا ...
تركها الجميع نائمه بعد أن جاءت مع والدها وهم يعلموا تماما انها ادعت النوم حتى لا تواجهم بدموعها ...
روتيلا بهمس تبكي وهي تضع يدها على جنينها : بحبك ..بس سامحني بابا لازم يفهم إزاي يحبنا ..
......مجلس الشيخ راشد .......
.....اليوم التالي ....
بعد صلاة الفجر يجتمع من يهمهم أمر روتيلا الأب والأبناء وخالد والعمه منيرة
الحاج راشد : لسه نايمه يا حاجه
الحاجه منيرة بحزن : مرضتش أصحيها ,,طول الليل يا روحي حاسه بيها صاحيه بتعيط
جمال : يا حاج أنا شايف أنك تاخدها وتسافر تغير جو في أي حته
خالد بتجهم : مش هاترضى
محمد بهمس : وانت متأكد ليه ما يمكن توافق
خالد : مستحيل ..أنا أكتشفت أنها متقدرش تبعد عنه
محمد بضحكه : علشان كده مكشر ..
خالد يضحك بسخريه : تخيل مع كل اللي بيعمله معاها تحبه كده ...الحب ده غريب أوي
محمد بتأكيد : غريب جدااا ..وهو كمان مين يصدق ان صقر اللي كانوا بيخوفوا بيه العيال علشان ميقربوش من مزارعه ولا خلوة أبوه ..يكون ده حاله في الحب
خالد : اه ..بيحبها
محمد بتعجب : غريبه إزاي إتأكدت ..
خالد يشير برأسه على النافذة ليشاركه محمد في النظر لخارج المجلس : واقف من نص الليل بره
محمد وهو يقف : يا مجنون ..وساكت
يضحك خالد : أه طبعاً ..وقفت ليه تعال بس هو أكيد هايــــ....
ويقاطع استرسال خالد دخول الصقر بوقاره وهيبته التي لاتنم أبداً عن ضعف المحب بداخله
: السلام عليكم
يقف الرجال : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يبتسم الحاج راشد : تعال يا ابني ..تعال
يتقدم صقر بعد السلام على الجميع ليجلس بجانب الشيخ راشد
صقر مباشرةً: ينفع يا حاج تاخد روتيلا بدون إذني
الحاج راشد وهو يريح ذقنه على يديه التي تستند على عصاه : والله يا ابني اللي فاكره أن روتيلا قالت ليك لما هاتظهر براءة خالد هاروح لبابا ..وأنا على الوعد أخدتها
صقر ببسمه جانبيه : واللي أنا فاكره أن أنا قلت ..لأ
خالد يقف عاقداً يديه على صدره :و لأمتى هاتفضل مانعها أنها تيجي لبيت أبوها أو تخرج
صقر ناظراً له وبحده : لغاية لما تكبروا أنتوا الأتنين وتعرفوا أن الكبار لما يتكلموا الصغيرين يسكتوا ويسمعوا الكلام
كاد يهم خالد بالرد عليه ولكن بإشارة من الحاج راشد يسحبه محمد لخارج المجلس ..ليقف قريبا يسمع ما يدور
العمه منيرة : معلش يا ابني سيبها فتره تريح شويه وسطينا
صقر بهدوء : روتيلا مكانها بيتها
الحاج راشد : يا حاجه شوفي رورو لو صاحيه خليها تيجي
صقر بقلق : نايمه ..هي تعبانه ..روتيلا مستحيل تفوت الفجر
يبتسم الحاج : لأ ..لأ ..اطمن
جمال : نجيب فطار صقر بيه
يبتسم صقر : شكراً ..
الحاج راشد : حبيبة ابوها جت ..يا صباح الأنوار يا صباح الخيرات ..تعالي حبيبتي.. تعالي
تجري روتيلا لحضن والدها تحت أنظار صقر الذي بمجرد رؤيتها وقف يتأملها ليغمض عينه يتخيل هذا الحضن والابتسامه التي زينت وجهها له هو ثم يفتح عينيه على صوتها القريب منه
الهامس وهي تمد يدها له : السلام عليكم
يبتسم صقر ويمسك يدها بكلتا يديه ويرفعها له ليقبلها : وعليك السلام ..
تسحب روتيلا يدها بخجل وتجلس بجانب والدها من الجانب الأخر ويجلس الصقر القلق من ابتعادها عن مجال نظره
جمال : روتيلا
: ايوه يا ابيه
:صقر بيه بيقول أنك خرجتي بدون أذنه وهو جاي يرجعك معاه ...
روتيلا تنظر للارض ولا ترد على أخيها الذي ردد ندائه مره أخرى
جمال : روتيلا ..
روتيلا بهمس : بابا
ينظر لها الحاج راشد : قولي يا حبيبتي اللي يريحك
روتيلا بدموع عالقه بعينها ومن وراء قلبها : عايزه أقعد معاك
الحاج راشد الذي يفهم ابنته ويفهم صراعها مع نفسها بين حبها وإصرارها على عقاب صقر ينظر لصقر بثقه : خلاص سيبها تقعد معايا شويه وأنت عموما مشغول اليومين دول
يمسح صقر بيده على وجهه وكان سيرفض بعنف إلا أنه لمح يد روتيلا وهي تعصرها من شدة التوتر ليقف ويقترب منها ويمسك يدها لتقف أمامه وبهدوء لا يعكس أبداً ما يدور بداخله من صراع ما بين الرفض وأخذها معه وبين السماح لها بعقابه ...نعم السماح لها ....وهو راضي تماماً : إهدي .. أنا عموماً هاجي كل يوم لغاية ما توافقي ترجعي معايا ...ثم يقبل جبينها ...خدي بالك من روحي لأنك واخداها معاكي
تنظر له روتيلا قليلاً بتردد ثم تجري لخارج المجلس
يقف الشيخ راشد : صقر يا ابني تعال معايا نروح لحماتك تصبح عليها وبعدين نتمشى مع بعض شويه
ينتبه صقرالذي كان نظره لازال مع روتيلا التي اختفت من أمامه من شروده على كلام الشيخ فيتحرك معه للمقابر حيث ترقد ناديا ..
.......الحاج راشد ......
جلس يمسح على لحد محبوبته ثم قرأ الفاتحة هو وصقر
: تعال يا ابني نتمشى شويه على النيل ..بحب اشوفه أوي الصبح
صقر بتنهيده وابتسامه خفيفة : بنتك زيك بتحب النيل .. يا ترى كمان تشبهك في الطبع
يضحك الحاج راشد : لأ,,روتيلا حته من أمها مش في الشكل روتيلا فرنساوي على مصري لكن الله يكون في عونك في الطبع ..ناري
يضحك صقر : أيوه اللي يشوف هدوئها ميعرفش أد أيه لما تكون صاحبة حق بتدافع عنه إزاي
: زعلان منها
ينظر له صقر وبثقه : ابداً مستحيل ,يا حاج بالأكتر زعلان من نفسي روتيلا مش ممكن تقدر تزعل منها ,,أنا تقريباً اللي دفعتها للتصرف ده ومحترمتش علاقتها بخالد ..كنت ممكن جداً مبقاش بالتصميم ده وأخليها براحتها وخاصه أن روتيلا كانت بتراعي رغبتي بأنها تقلل من ارتباطها بيه لكن أنا انسان ...ويصمت صقر ...
ينظر له الحاج راشد بتمعن وبتركيز بعينية: عاشق غيور...
يكسر صقر تواصل نظرته الصادقه والمؤيده لكلام الحاج راشد ويوجه نظره للنيل وبتنهيده :أيوه...عاشق...
يجلس الحاج راشد على أرض منخفضه بجانب شط النيل : تعال يا صقر أقعد أحكيلك اللي أنت عايزه
يظل صقر واقفا وبتعجب: روتيلا قبل كده قالت أنه شئ خاص ...
يبتسم الحاج راشد : تعال بس أقعد الموضوع يخصني أنا وأنا اللي هاحكيلك ,,
يجلس صقر بجانب الحاج ينظرا لجريان ماء النيل وكأنها هي الحياه تجري بنا
الحاج راشد : علشان تعرف الحكايه صح لازم تعرفها من البدايه ..عايز تعرفها يا ابن الجارحي
ينظر له صقر وبتأكيد : لو الموضوع خاص أنــ.....
يقاطعه الحاج راشد بابتسامه : يعني عايز تعرف... فاسمع
تبدأ الحكايه من زمان ..زمان أوي لما ناديا جت النجع مع أبوها الدكتور مصطفى ووالدتها الفرنسيه كانت هي وأمها حاجة غريبه على أهل النجع اتنين ستات جمال أوي بيض أوي وشعرهم أحمر ناري كأنه نار على راسهم
رجالة البلد وشبابها اتجننوا عليهم ومعتش في البلد إلا سيرة الأتنين دول
والستات غاروا ومن غيرتهم قالوا عليهم أنهم ساحرات وجنيات لدرجة أن الأطفال بقوا يخافوا منهم ويجروا لما يشوفوهم ....
يضحك الشيخ للذكرى هو وصقر ...ثم يكمل حكايته
:يمشوا في أي حته بقيت تسمع كلام عجب زي الساحرات أهم الجنيات جم أجري يا ولد أنت وهو ليقلبوكم قرد
وتمر الايام ولأن مفيش حد عاقل ينتبه ويصحح تكبر الحكاوي وعليها شوية تخاريف وتنتشر بين الناس وطبعاً أمي وأهل بيتي منهم كنت وقتها شاب صغير كل اللي معايا من الشهادات ابتدائيه أزهريه و كنت بدير الشغل مع أبويا وبشوف ناديا من بعيد ..إلا في يوم رحت أجيب منيرة من المدرسة لأن أمي كانت خايفه عليها لأنها عرفت أن منيرة مصاحبه ناديا
شفتها طالعه بشعرها الناري مع منيرة مشفتش غير عينيها لما ....
صقربابتسامه : أكيد لون عينين روتيلا ...وفي نفسه ...اللي جننتني
يضحك الشيخ : أيوة لون عينيها ...وبعدين بصيت في الأرض وأخدت منيرة ومشيت
تعدي أيام ويجي اليوم الموعود
ناديا كانت بتحب الخيل وتجري كل يوم لازم من الصبح بدري بطول البلد وترجع لبيتها طريقها كان معروف وبيطلع الشباب يشوفوها كل يوم وكانت وهي راكبه على الخيل زي جمرة النار اللي بتتحرك ومن ضمن الشباب دول عمك عبد الرحيم
ينظر صقر فجأة للحاج راشد وبتعجب : عمي !!
يضحك الشيخ راشد : ليه هو عمك مكنش من شباب النجع كان كبير كده طول عمره
يبتسم صقر ويعود للنظر للنيل : ليكون عمي هو سبب جوازك منها ..زي أنا وروتيلا
يضحك راشد عالياً : أه .. عبد الرحيم ..مش ممكن أنسى أن ربنا وضعه سبب ارتباطنا ببعض علشان كده دايماً بسامحه
يبتسم صقر مؤيداً وبتنهيده : أيوه دايماً نسامحه ..عمل ايه عمي
: اسمع ...كان عامل خطه أن الولاد يطلعوا يضايقوا الحصان وهو يخرج عليهم بالبندقيه ويضرب طلقتين في السما فالعيال تجري وهو يبقى منقذها وتوافق إنها تتكلم معاه ..فحبيبتي كانت بالرغم من عدم حجابها لكن كان هناك بداخلها بذره طيبه لحجاب رباني كان بس ينقصها من يرشدها للصح
:ونفذ الخطه
يضحك راشد : أه نفذها ومعملش حساب أن الولاد علشان يضايقوها بصحيح ضربوا الحصان بالطوب فخاف الحصان وطلع هو الهمام بالبندقيه واطلق الطلقتين فاترعب الحصان وجرى بأقصى سرعه وكنت أنا شاهد على جزء من اللي حصل وكنت خارج من بيتنا ومعايا كالعاده وأنا رايح المزرعه الخيل بتاعتي وشفت جمرة النار بتجري ومش عارفه تسيطر على خيلها
فاجريت وراها وعرفت ألقطها من على الحصان قبل ما تقع
يضحك صقر : وبدل ما هي تقع وقعت أنت في هواها
: وأه منه من هوى ..وقفت حصاني ونزلت جمرة النار واتلاقت عينينا للمرة التانية وكانت لسه هاتتكلم جريت بالحصان بسرعه ومعدناش شوفنا بعض أبداً بعد كده
منيرة كانت بتوصلني أخبارها دون قصد ومن ضمن أخبارها
منيرة : مش ناديا انهارده أخيراً سمعت كلامي ولبست الحجاب
أم راشد بغضب : مين ناديا الجنيه بنت الجنيه إنتِ لسه بتمشي معاها
منيرة : يا أمي والله طيبه أوي كل الحكايه أبوها كان مشغول وسايب تربيتها لأمها لكن لما عرفت بالحجاب هي اللي صممت عليه بالرغم أن أمها كانت رافضه
أم راشد : طبعاً ترفض علشان ساحرة
: طيب ناديا لبسته ليه
: لأنها ساحرة زي أمها وبتضحك عليكي علشان تسحرك
كل ده كنت سامعه وابتسامه من القلب ظهرت على وشي ومن لهفتي وفرحي منتبهتش على حاجتين واحدة نظرة منيرة ليا واكتشافها حبي لناديا فمنيرة قلبها أبيض وشفافه علشان كده كشفتني على طول
والتانيه ودي اللي تهمني فعلاً ...ويصمت الحاج راشد ياخذ نفس عميق ....
صقر بقلق : يا حاج لو تعبان أو الذكرى تضايقك
يبتسم الحاج راشد يداري حزنه : لأ,,يا ابني الحاجه التانيه تخص المرحومه أمي ...ربنا يغفر لها ويرحمها ...كنت أنا الراجل العاقل كنت لازم انتبه لكلام أمي وأصححه ليها ولكني نسيت
وهنا تبدأ المشكله
منيرة : راشد ناديا انهارده بعتت ليك شكرها وسلامها
يبتسم راشد: معملتش حاجه أي حد في مكاني كان عمل كده
ويمشي راشد يداري فرحته بسلام محبوبته
تمر الأيام وحبها في قلبي يكبر وقررت إني أرتبط بيها
: مستحيل لا تبقى ابني ولا أعرفك تاخد الساحرة بنت الساحرة تدخل جنيه البيت
راشد بإصرار : يا أمي حرام الكلام اللي بتقوليه
تبكي ام راشد بشدة وهي تولول : عايز تغضبني وتعصاني أنت حر ولو عايز تتجوز خد بنت عمك
راشد : يا سبحان الله مش بنت عمي دي اللي كانت مش عجباكي وبتقولي عليها لسانها طويل
تظل تبكي أم راشد بحرقه : هاغضب عليك ليوم الدين يا راشد لو عصيتني
صقر : وبعدين عملت أيه
:أمي دخلت أبويا الله يرحمه في المشكله وصممت انها تخطب بنت عمي ليا واتحركت بسرعه وخطبوها ليا وفي نفس الوقت والدي الله يرحمه راح للدكتور مصطفى وتقريباً طرده من البلد
وكان قبليها جدك خايف برده على عبدالرحيم ابنه وراح له برده وعطاه تحذير
الراجل خاف على زوجته وبنته وقمنا الصبح في يوم ولقيناه أختفى من البلد ..
مرت السنين طويلة جبت فيهم ولادي وفضلت ناديا في قلبي زي بذرة صغيرة محتاجه شئ يكبرها وكان الشيئ ده صدفه إني أشوفها وانا شيخ كبير والدي كان اتوفى وأولادي كبروا حتى جوزت أمل وجمال وبقيت جد ويوسف ومحمد كانوا في الدراسة وهي كمان كبرت واتجوزت واترملت بس مجبتش أولاد
وأول ما عيني جت في عينيها
: تتجوزيني
تبتسم ناديا : أيوة موافقة
يضحك صقر عالياً : بس كده أول كلمه تقولها في حياتك لها كانت تتجوزيني
يضحك راشد حتى ادمعت عينيه : تخيل وأنا الشيخ الكبير اللي معاه ابتدائيه وهي مهندسة ديكور وعندها مكتب وحياه مختلفه عن حياتي
صقر ينظر له طويلاً : مهندسة ديكور
يبتسم الحاج : مكنتش تعرف ....أيوه هي اللي حببت روتيلا في الرسم والديكور
لعلمك روتيلا ورثت من أمها فن لو هي حطت في دماغها كانت بقت زي أمها وأحسن حتى المكتب بتاع أمها موجود ولكنها يا حبيبتي بتراعي ربنا وكانت عارفه أنها مش هاتقدر تقف وسط الرجاله وتشتغل واختارت حاجة تانية مش عارف هي أيه.. بتقول انا كده مبسوطه
صقر بتجهم : جرافيك
: أيه
يبتسم صقر : مش مهم ..المهم إني مستحيل أرفض أنها تشتغل الحاجه اللي بتحبها
راشد : أنت أقوى مني ولكني بمجرد ما اتجوزت ناديا خليتها تقفل المكتب وتنسى الشغل
يضحك صقر عالياً وبسخريه : ايوه صح انا أقوى ...يا حاج راشد ناديا وبنتها عانوا من الراجل الغيور...وبعدين يا عمي نزلت جمرة النار إزاي البلد
راشد : غلطتي التانيه ..اتجوزتها وعلى طول اخدتها النجع وكانت النتيجه كارثه بمعنى الكلمه بالرغم من حجابها إلا أن عينها جت في عنين أمي ومراتي الأولى طبعاً وبدأ الصريخ والرعب وكان عند امي خدامه كبيرة في السن اغمى عليها وبقت حكايه ولادي الكبار زعلوا علشان امهم والصغيرين بقوا في النص بيني وبينها حتى احفادي رامي وجمانة بقوا يصرخوا على صريخ وزعيق الكبار من غير ما يفهموا ...كارثه
صقر ينظر له بتعجب : ليه كل ده ..المفروض رد الفعل يبقى غير ...زعل أيوه لكن بطريقة غير
راشد يبتسم بحزن : أنت نسيت أنها بنظرهم ساحره وجنيه
يمسح صقر على وجهه بعصبيه : ايوه نسيت ..لكن هما منسيوش بعد العمر ده كله
: للأسف انا بس اللي نسيت ..كالعاده
صقر بهدوء: وبعدين
: ولا حاجه هديوا شويه أو الأصح غصبتهم أنهم يهدوا
راشد موجهه كلامه لزوجته وأولاده وأيضا الخدم : اللي يفتح بقه يعرف أنه ملهوش مكان هنا في بيتي ...فاهمين ..دي زوجتي على سنة الله ورسوله واللي عنده كلمة يبلعها
في الوقت ده ناديا كانت تقريبا مخبيه نفسها ورايا مرعوبه ..الله يرحمك يا حبيبتي ....
أم راشد ببكاء وصريخ : مراتك ..مراتك ..تبقى متقعدهاش في بيتي ..
راشد بحنيه : يا أمي أصبري
أم راشد : هي كلمه يا أنا اللي هاخرج ومعتش تشوفني تاني
ناديا تلمس ظهر راشد تحثه أن يدور لها وبهمس : رضا أمك
ينظر راشد للدموع التي بعينها ويحزن بشده على اصراره أنها تنزل معه النجع بالرغم أنها ترجته أن يمهد لها الطريق أولاً ولكنه من غيرته عليها أصر أنها تنزل معه لتقابل هذا الهجوم
يوسف بعقلانيه : بابا أنا عندي حل
ينظروا جميعاً له
يوسف بتردد : الاوضه اللي في الشمال متطرفه وبعيد عن جدتي وأمي أقصد يعني ....
راشد مقاطعاً ابنه : ماشي موافق ..تعالي معايا يا ناديا
صقر : أيه حكاية الأوضه دي
يضحك راشد : يا سيدي دي أوضه بحمامها أبويا الله يرحمه كان مبيحبش دوشة العيال فكان عاملها بعيد شويه.. صحيح جزء من البيت من بره ولكن من جوه علشان توصلها تدخل ممر طويل وكان حاطط فيها أنوار صغيرة هادية وبيخوف العيال ويقولهم فيها عفاريت علشان محدش يزعجه ويبعدو عن الممر مش الأوضه بس
يضحك صقر : طبعاً عفريته لازم تقعد في اوضة العفاريت
راشد بحسرة : ودي كانت غلطتي الثالثه بعدتها عنهم بدل ما أقربها منهم في أوضة العفاريت بقت يا حبيبتي محبوسة طول النهار والليل ولكنها عمرها ما أشتكت وفي المقابل أمي وخدامتها ومراتي ومرات ابني جمال حتى أمل ينسجوا حواليها الحواديت إزاي مستحمله كده إلا إذا كانت ساحرة بصحيح
وتمر الأيام وأمي تمرض شويه ..صدقني مرض بسيط لكن اللي حواليها اقنعوها ان السبب الساحرة لأنها بتكرهها فنادت عليا وبدل ما تقولي خليها تجيني عيطت وقالت ليا ياأنا يا هي
أنا اتحطيت بين نارين رضا أمي ورضا نفسي ولكن كمان صعبان عليا حبسة ناديا فوافقت ونقلتها القاهرة وبقيت عايش بين هنا في النجع وهناك في القاهرة لغاية يوم وفاة ناديا وهنا تبدأ غلطتي الأخيرة ...يصمت الحاج راشد ويأخذ نفس عميق عدة مرات ...
ينظر له صقر بقلق بالغ : تعبان ..يا حاج تعبان
: لأ ,,يا ابني انت عارف أني عندي مشاكل في القلب
: ربنا يديك الصحه خلاص كفايه
يضحك الشيخ راشد : يعني أنت جاي للي يهمك وتسكتني اسمع ..اسمع
دفنت ناديا وحزن فراقها ملى قلبي اللي مستحملش حزني ووقعت من طولي ,اخدوني العيال للدكاتره واللي قالوا لازم عمليه قلب مفتوح وجهزوا جمال ويوسف بسرعه للسفر علشان أعملها بره وسافرت فعلا وسيبت روحي معاهم ووصيتهم عليها
صقر ينظر له فجأة : روتيلا
: ايوه روتيلا سيبتها ومفكرتش إني سيبتها وسط ناس يتحكم في تفكيرهم الجهل والغيره
: عملوا أيه
: أنت عارف طبعا ظروف وفاة ناديا وأن روتيلا قفلت الباب على أمها وهي معاها
صقر بحزن وهو ينظر للنيل : أيوه حكت ليا
راشد : روتيلا محستش أن أمها ماتت بجد إلا بعد ما سافرت أنا لأنها قبل سفري كانت دايماً بتنام في حضني وكنت قبل ما أنام أقرأ لها قرأن كتير علشان أهديها وتعرف تنام لكن لما سافرت أنا
الخدامه : أكيد ناديا الساحرة هي اللي عيت سيدي راشد علشان عايزاه ..فاكره يا حاجه لما عيتك ومستريحتيش ولا طبتي إلا لما خرجها من البيت
ام راشد بتفكير: أيوه..فاكره
الخادمه : هو خلاص راح يتعالج فأكيد دلوقتي هاتتجنن فأكيد موصيه بنتها ومعلماها لازم نخلص منها يا حاجه علشان لما يرجع يستريح
أم جمال : إنتِ اتجننتي يا وليه ..دا لو حصلها حاجه الحاج كان موتنا كلنا
أم جمانة بتأيد : ايوه يا خالتي ..بس كلامها صح بس مستحيل هانمد ادينا عليها
الخادمه : خلاص نخليها تموت من الرعب إنتِ شفتي من ساعة ما جت وهي بتعيط على طول عايزه أمها ومبتنمش إلا والنور مفتوح ومعاها حد ..أنا عندي الحل
صقر بحده ينظر للحاج راشد : كانوا قاصدين يحبسوها مع الفرسه اللي بتولد وقفلوا عليها النور
: أيوه..كانوا قاصدين صحيوا الصبح متهيألهم أنها ماتت من الرعب والبرد لكن ربنا نجاها حبيبتي نامت على كومة قش بعيد عن الفرسه وابنها والساقعه ربنا ناجاها منها ونامت طول الليل بعمق وحلمت بناديا تدفيها وتلعب معاها وتقرأ ليها قرأن ومصحيتش إلا الصبح على اصوات العمال ومحمد
محمد بحنيه وخوف: روتيلا ...روتيلا إنتِ ايه اللي منيمك هنا
تفتح روتيلا عينيها الخضراء وتفوق من حلمها الجميل مع والدتها : بتصحيني ليه يا ابيه أنا كنت مع ماما
يخاف محمد لتكون مصابه بالحمى فيضع يده على جبينها : حبيبتي إنتِ تعبانه
تجلس روتيلا وتنتبه للمكان التي باتت ليلتها فيه وتبكي : ناديت عليكم كتير وخبطت على الباب لكن محدش سمعني
محمد يحضنها ثم يمسح دموعها : ليه يا حبيبتي إنتِ مكنتيش نايمه مع جمانة
روتيلا تمسح دموعها : جمانة قالت ليا آنا عايزاني أروح أشوف الفرسه اللي بتولد واخد البيبي بتاعها زي ما بابا ما قال فجيت هنا لكن حد قفل الباب عليا من بره وبعدين قفل النور أبيه محمد أنا عيطت كتير اوي وأنا بنادي عليكم وأديا وجعتني وكمان سقعت وبعدين شفت القش ده طلعت عليه ونمت وماما نامت جمبي ودفتني وقرأت ليا قرأن ....ثم تعود روتيلا لبكاءها الذي مس قلب محمد فوراً ولكنه أصبح لديه شك ان يكون هناك من قصد حبس روتيلا ....
صقر بغضب وهو يحدف حجر صغير للنيل : وبعدين
ينظر الحاج راشد لصقر ويضع يده على كتفه لينظر له : خالد
صقر يضيق بعينه للحاج راشد : عمل ايه
الحاج راشد : سمع بالصدفه
الخادمه : ألحقي يا سيتي ..شوفتي المصيبه
أم راشد : مصيبه على دماغك فيه أيه
: البت طلعت منها مش بقولك ساحرة مش بيناموا إلا في الضلمه ومش بيخافوا
تضحك أم جمال بسخريه : يعني خطتك فشلت يا ام الأفكار
الخادمه : لكن لأ ..لازمن حل
أم راشد : هاتعملي ايه يا فالحه
يدخل محمد وبيده روتيلا وهو في قمة عصبيته : أدخلي يا حبيبتي الحمام وغيري هدومك وبعدين تعالي عندي في أوضتي اكون جبت ليكي اكل.. فاهمه يا روتيلا أوضتي ..
روتيلا : حاضر يا أبيه
وتذهب روتيلا
محمد والذي تخطى عمره السادسة عشر عاما بقليل هاجمهم بغضب : أنتوا حبستوا روتيلا أمبارح في استطبل الخيل
أم راشد وام جمال : أنت اتجننت ..
أم جمال تبكي : هي كمان سحرتك
ام راشد بغضب : أنت جبت الكلام ده منين ...انطق يا ابن راشد
محمد بهدوء : يا جدتي اسمعيني روتيلا طول الليل محبوسه في الساقعه دي وكمان في الضلمه مش حرام يعني مش عايزاني أزعل على أختي
أم جمال وهي تبكي غيرتها من امرأه ماتت : أختك حرام عليك دي بنت الست اللي خطفت أبوك منكم وأنتم لسه عيال ولما تكبر تقول أختك
محمد يقبل يد أمه :طيب خلاص متزعليش إنتِ قلبك كبير معلش البنت يتيمه وأبويا مسافر صعبت عليا معلش خليهم يجيبوا الأكل ليها عندي في اوضتي ممكن
ام جمال تمسح دموعها : حاضر علشانك انت بس
محمد يقبل رأسها وايدها : تسلمي يا ست الكل
ويذهب محمد تاركاً ورائه جهل يكبر عند الجده والخادمه وغيرة أم وزوجه على أولادها وزوجها
صقر : ليه عملوا حاجه تانيه ..وخالد فين من كل ده مسمعتش صوته يعني
يضحك راشد : لأنه كان مشغل ودانه لقط كل اللي اتقال وأتأكد أنهم هايعملوا في روتيلا حاجه تانيه وقرر انه مسئول عن روتيلا
خالد الذي كان يجلس متخفي بعيد عنهم في نفسه : متخافيش أنا مستحيل أخلي أي حد في الدنيا يأذيكي أبداً ...وعد
صقر بابتسامه : وعد
راشد : وعد عطاه لروتيلا في نفسه من هو عنده 12 سنه وأوفى وأنا أشهد
صقر يرمي حجر اخر في النيل : وانا اشهد ....وبعدين
محمد بحنيته قدر طول النهار أنه يحاول يحاوطها من ناحيه ومن ناحية تانيه خالد مكنش بيسيبها وودانه دايما معاهم لكن محمد انشغل في المزرعه وبقى بيبات أحياناً هناك وخاصه أن جمال ويوسف كانوا معايا فكان بيضطر يشرف على الشغل في غيابنا والستات دب الخوف جواهم وقالوا لازم لو حصل ليها حاجه محمد هايعرف وهاينكشفوا وقرروا أسهل حاجه الاوضه الشماليه حبسوها فيها
صقر بحده وغضب : ايه !!
راشد : حبسوها يفتحوا الباب يرموا ليها الأكل مرة واحدة في اليوم ويقفلوا الباب مع نور ضعيف محمد و خالد لما لقوا كده قالوا اسهل علشان ميعملوش فيها حاجه بس خالد كان مش عارف يهديها لأنها كانت بتخاف فمكنتش بتاكل من الخوف ومكنتش بتعرف تنام بقى قاعد طول النهار جمب أوضتها بعد ما يرجع من المدرسه يكلمها من ورا الباب
صقر بتعجب : وبالليل
راشد بشبح دموع على عينه : بالليل يا روح أبوه يجيب البطانيه بعد ما كلهم يناموا ويفردها جنب الباب بتاعها وينام وهي في المقابل تنام من الجهه التانيه ويمد يده من تحت الباب فيلمس اطراف أيديها بس ويفضل يحكي ليها كل حاجه حصلتله أو حصلت في البلد لغاية ما تروح في النوم وعند الفجر يصحى ويصحيها يصلوا الفجر وتقعد هي جنب الشباك لغاية ما يرجع هو من المدرسة
شهر لغاية ما رجعت من السفر
صقر : طبعاً حكت ليك
راشد يحرك رأسه يمين ويسار بلا
صقر : ليه هددوها
راشد : لأ ,,روتيلا بقت مش عايزه تتكلم سكتت
: أيه !!!
راشد يمسح عينه : معرفتش أحميها أنا افتكرت غيابي وغياب أمها السبب وديتها لدكاتره كتير كلهم قالوا معندهاش حاجه لغاية في يوم فوجئت بجمال بيطلق مراته ويطردها ويطرد الخدامه وبيوطي يبوس ايد اخته وراسها وبيوطي عايز يبوس رجلي ويطلب مني اني اسامحه لانه مقدرش يحمي اخته من جهل زوجته وأمه وجدته .....خالد حكى له كل حاجه
دي كانت الإجابه على اسئلة الدكتور النفسي اللي ودتها له قال لينا البنت حماها من الموت أو الجنون وضع الجنين التوأم اللي خدتها مع خالد
صقر ينظر له وهو يشد على رأسه بشده : توأم !!
راشد يبتسم بحزن صوره كده لينا مسك الدكتور ورقه وقلم ورسم لينا وضع التوأم في بطن أمه كل يوم خالد طول فترة غيابنا يعمل نفس الوضع يتكلم معاها لغاية ماتنام لكن مكانش فاكر يا روح جده أنها مش عارفه تتكلم بسبب مشكله ولكنه أعتقد أنها مش قادره تطلع صوتها لأنها كانت بتعيط كتير وزي ما كان هو سبب في إنها تفضل عايشه أوسبب في أنه يحمي عقلها من الجنون الدكتور علمه إزاي يتفاهم معاها لغاية ما أتكلمت ...بس دي حكاية توأمها
صقر يقف ويدور حول نفسه يمسح على وجهه عدة مرات بغضب : طفله ..طفله يا ربي يتعمل كل ده فيها ليه طفله .....وبصوت عالي صرخ ووجهه للسماء ..يا الله ...ثم ينظر للحاج راشد ...أنت كنت فين يا حاج راشد
كنت فين ....ثم يجلس بحسره ...خالد اللي حماها لما اتحبست أول مره لكن مين اللي حماها لما أنا أتجرأت وعملت نفس الشئ معاها ...مين
يضحك راشد وهو يربت على كتفه : إجابه سؤالك عندها روح اسألها
يقف صقر بسرعه لكن بتوتر : اروحلها إزاي وفين ..وهاترضى تقابلني
يقف الشيخ راشد وهو يبتسم : البيت ......أوضة العفاريت ..خالد هايساعدك
يجري بل يطير الصقر لفراشته تاركاً الشيخ يجري أتصاله بخالد ليكون في استقبال الصقر ليذهب به للفراشة ثم عاد هو لمحبوبته
:أه ...الحمد لله يا ناديا ربنا استجاب لدعائك وبنتك ربنا رزقها باللي يصونها ويحبها
الله يرحمك
.........نهاية الفصل الأربعين........

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله تعالى يقول : يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسدُّ فقرك ، وإلا تفعل ملأت يديك شغلا ولم أسد فقرك ) رواه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد في مسنده وغيرهم ، وحسنه الترمذي وصححه الألباني .
حقيقة الغنى إنما هي في القلب ، وهي القناعة التي يقذفها الله في قلوب من شاء من عباده ، فيرضون معها بما قسم الله ، ولا يتطلعون إلى مطامع الدنيا أو يلهثون وراءها

الفراشهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن