"ازيك ياغاده .. غاده .. غاده"
غاده متسمره في مكانها ولجم لسانها .. تسمعه ولا تستطيع الرد ..
ثم غلبت نفسها وحاولت ان ترد فخرج صوتها متحشرج : الحمد لله
محمود : انا محمود فاكراني؟
غاده : اه طبعا بس اعذرني مش فاكره شكلك
محمود : يبقى ماخدتيش بالك مني النهارده
غاده : النهارده فين
محمود : في العزا .. انا حضرت الدفن وجيت العزا وكنت مع الرجاله تحت
غاده : هو حضرتك كنت موجود في العزا؟
محمود : اه طبعا اومال مين هياخد العزا مش رجالة العيله . وبعدين تعالي هنا ايه حضرتك دي .. انا اخوكي الكبير اسمي محمود وبس
غاده في سرها : الله ده مش زيهم خالص .. وشكله حنين كمان
كانت مرتبكه وتفرك في يدها وهي تحدثه فاستأذنت منه ودخلت حجرة جيهان مسرعه .. وجدت جيهان جالسه على سريرها وهي تعبث بهاتفها بعصبيه .. نظرت لها جيهان متسائله : مين اللي جه بره؟
غاده : محمود اخوكي ..
جيهان : اها .. العشا خلص؟
غاده : لحد مادخلت الاوضه لأ
عادت جيهان لهاتفها واتجهت غاده لحقيبة يدها واخرجت مصحفها .. جلست على كرسي صغير في زاوية الحجره وبدأت في الورد اليومي لها .. ومع اول آيه تقرأها وجدت الدموع طريقها لعيونها مره اخرى .. تذكرت ابيها .. فكان يتابعها يوميا في وردها ويؤكد عليها ان لا تهمله ابدا مهما كان لديها من مسؤليات او اهتمامات .. فالقرآن هو سر السعاده والرزق ..
لمحتها جيهان .. وشعرت نحوها بشئ من الشفقه .. فجيهان فتاة متقلبة .. تجدوها الان قاسيه وبعد قليل حانيه .. ولكن دوام الحال من المحال
جيهان : مالك ياغاده بتعيطي ليه
غاده وهي تغلق مصحفها : افتكرت بابا .. كنا بنقعد كل يوم نقرا قرآن مع بعض
نظرت لها جيهان .. اتصدق دموعها ام تصدق والدتها؟ .. هزت رأسها وكأنها تنفض عنها الاهتمام من الاساس بغادة .. نظرت لهاتفها مره اخرى .. وعادت غاده الى مصحفها .. بعد قليل دخلت زوجة العم موجهه كلامها لغاده ..
فوزيه : الاكل في المطبخ خلص . تعالي افرشي السفره وحطي الاكل عشان عمك جه
غاده : حاضر ..
********************
تجمع افراد الاسره على الطاوله .. كانت غاده تحاول جاهده الا ترفع عينيها عن الطعام .. اول مره في حياتها تجلس معهم .. واول مره تجلس في مواجهة رجل غريب بل ويعاملها معاملة طيبه .. قضت في كليتها 6 سنين لم تتعرف الى شاب كلامها محدود مع الجنس الاخر .. وهم ساعدوها على ذلك .. تجنبوها تماما كأن ليس لها الحق في العيش وسطهم .. هكذا مجتمعنا يأخد بالمظاهر .. ينخدع في الشكل الجميل ولا يهم ما يخفي خلفه ..
صبحي : الدراسه فاضل عليها اسبوع .. هتنزلي من اول يوم ياغاده ولا عايزه ترتاحي شويه
غاده : لا هنزل ياعمو ان شاء الله .. السنه دي مش دراسه اوي اكتر ما هي شغل عملي
صبحي : ايوه كده برافو عليكي افتحي نفسك على الحياه وعلى الشغل واهو بردو الواحد يعتمد عليكي لو جراله حاجه مايروحش لدكتور وانتي موجوده معانا
فوزيه : ليه هو انت مستغني عن حياتك
صبحي : ليه بس دي غاده شاطره ومن اوائل دفعتها كل سنه
فوزيه : ياسلام .. وهو عشان بتطلع من الاوئل نعينها دكتورة العيله
هنا تدخل محمود : هو انتوا فاكرين انها هتفضالكوا .. السنه السابعه دي كلها شغل وهتبقى معظم اليوم في المستشفى وتيجي هلكانه عايزه تنام .. احجزوا عندها السنه الجايه
وضحك عاليا .. وابتسمت غاده رغما عنها .. فها هو للمره الثانيه في نفس اليوم يرطب على قلبها بكلمات بسيطه قليله ولكنها كافيه لمحو كلام زوجة عمها القاسي الخالي من الرحمة ..
انتهى العشاء في صمت بعد هذه المناقشه المتوتره .. ساعدت غاده فوزيه في حمل الاطباق الى المطبخ .. وطبعا لم تساعد جيهان في شئ .. اخذت هاتفها الذي لم يفارقها حتى اثناء العشاء ودخلت الى حجرتها .. خرجت غاده من المطبخ والقت نظره في الصاله بحثا عن محمود .. لم تجده .. فاتجهت الى غرفتها مباشرة ..
ذهبت في اليوم التالي مع عمها وابتاعت كنبة صغيره قابله للفرد والثني .. واحضروها للمنزل ورتبوا معا الحجره لكي تناسب وضعها الجديد .. وهم يضعون لمساتهم الاخيره دخل عليهم محمود
محمود : السلام عليكم
غاده وصبحي : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
محمود : مبروك ياغاده ولو اني شايف ان مكنش فيه لازمه .. السرير كبير ويكفيكي انتي وجيهان
غاده : لا خليها على راحتها .. مش عايزه احسسها بتغيير بوجودي
دخلت جيهان عليهم وجهت كلامها لمحمود : ها يا محمود جاهز؟
محمود : تحت امرك ياستي
صبحي : جاهز لايه ؟ رايحين فين؟
محمود : مانت عارف يابابا جيهان لازم تنزل تشتري هدوم جديده عشان الجامعه
جيهان : مانا قلتلك امبارح يابابا ولا نسيت
صبحي : اه افتكرت
خرج محمود وجيهان من الحجره ثم دخل مره اخرى بسرعه وقال لغاده : ماتيجي معانا وتجيبي هدوم جديده عشان اول السنه انتي كمان
صبحي : فكره جامده يامحمود .. يلا غاده روحي معاهم
دخلت جيهان عليهم مره اخرى وقد سمعت كلامهم : تروح معانا فيييين؟
محمود : اكيد هتحتاج هدوم جديده عشان اول السنه الدراسيه زيك ولا ايه
ارادت غاده انهاء المناقشه فمن الواضح ان جيهان لا تريد ان تخرج معهم
غاده : ياجماعه مش هينفع اشتري حاجه انتوا ناسيين بابا ماعداش عليه يومين
محمود : يعني هتروحي باللون الاسود المستشفى ده حتى مش فال حلو على العيانيين ..
ثم ضحك مره اخرى تلك الضحكه التي تخطف قلبها .. فابتسمت على استحياء ..
استكمل كلامه بجديه وقال : بصي ياغاده انتي لازم تغيري المود بتاعك عشان تعرفي تركزي في شغلك ومستقبلك .. يلا غيري هدومك وماتتأخريش وانا مستني في الصاله
ثم وجه انظاره لجيهان : يلا يا جي جي معايا
خرج معهم صبحي واتجه لغرفته احضر شيئا وعاد مره اخرى لحجرة غاده وطرق الباب ودخل
صبحي : خدي ياغاده الفلوس دي
غاده : ايه دول ياعمو؟
صبحي : عشان تشتري اللي نفسك فيه
غاده : بس ياعمو ..
قاطعها قائلا : الفلوس دي بتاعتك من ورثك يابنتي ..
بكت عيناها مره اخرى فقبلها عمها من جبينها وتركها لتبدل ملابسها
***********
وقف محمود ينتظر البنتين في الشرفه دخلت عليه جيهان وقرصته في ذراعه
محمود : ااااه ايه يامجنونه ده
جيهان : ايه اللي انت عملته ده ؟ ايه اللي خلاك تقولها تيجي معانا؟
محمود : وفيها ايه يعني ؟ ايه اللي مضايقك منها كده؟
جيهان : دي اصلا واحده مقفله كده في نفسها وهتقفلنا الخروجه .. وافرض قابلنا ناس صحابنا هنقولهم عليها ايه ؟ هقولهم ان دي بنت عمي انا؟
محمود بسخريه : اووو نوووو .. بنت عم جلالتك .. امبوسيبل .. ياشيخه اتنيلي دي في كلية طب وانتي في تجاره وانتساب كمان .. اجري اجري ..
جيهان : مالهم بتوع تجاره ياخويا
محمود : اجدع ناس .. اللي متواضع منهم بس . انما اللي زيك عايز ..
جيهان بتحدي : عايز ايه .. هه ؟؟؟؟؟؟
امسك محمود وجهها بيد واحد من خديها وقال : عايز بوسه
وقبلها في خدها بقوه كي يغيظها .. وتركها وجرى وجريت وراءه وهي تضحك من مزاحه .. هكذا كان محمود يقلب اي موقف من غضب او نكد الى مزاح وضحك
خرجت غاده من حجرتها وابتسمت لمنظرهم .. لم يكن لها اخ او اخت يشاركها اوقات المرح مثلهم ودت لو دخلت معهم هذا الشجار اللطيف .. ولكنها اكتفت بالمتابعه .. وانتصرت جيهان على محمود واوقعته ارضا وبدأ تعد ارقام مثل حكم المصارعه واعلنت فوزها على محمود .. وانتهى الموقف بدخوا فوزيه من باب الشقه محمله بطلبات البيت ..
فوزيه : انت ماروحتش شغلك النهارده ولا ايه يامحمود ؟
محمود : لا روحت وجيت بدري بناءا على تعليمات الانسه جيهان
فوزيه : طيب روحوا وماتتاخروش .. هتيجوا على الغدا ولا ايه؟
جيهان : لا لا انا عايزه اتغدى بره
فوزيه : طيب يلا ياغاده ورايا على المطبخ عشان نغسل الخضار والحاجات اللي جايباها
قالت جيهان بقصد : لا غاده مش فاضيه هتيجي معانا
فوزيه : تيجي معاكوا فيييين؟
جيهان : تشتري هدوم جديده عشان الجامعه؟
فوزيه : لا والله؟ امال ايه مش هلبس الوان عشان بابا وجو النكد ده ؟ واول ماعرفتي ان في خروج غيرتي رأيك
غاده : انا مكنتش موافقه ولحد اللحظه دي مش عايزه اخرج والله ..
ثم نظرت لمحمود : اسفه اني عطلتكوا كل ده على الفاضي
واتجهت لحجرتها .. اوقفها محمود : استني ياغاده
وجه الكلام لامه : ياماما انا اللي قولتلها واتحايلت عليها عشان تيجي معانا وفعلا هي ماكنتش عايزه تلبس غير الاسود ... لكن اصريت انها تغير الجو ده وانتي لازم تساعديها في كده يافووووز .. مش كده ياروح قلبي
مصمصت شفتيها ولم ترد عليه واخذت اكياس الخضار ودخلت بها للمطبخ
نظر محمود لغاده وقال : يلا بقى مش عايزين نتأخر
غاده : مابلاش الخروجه دي خليها مره تانيه مش عايزه مشاكل
محمود : مشاكل ايه يابنتي انتي في حماية محمود بك الكبير ماتخافيييش يا دودو
غاده في سرها : كمان دودو .. يخربيتك وانت حنين كده
غاده بانصياع : حاضر
ثم نظرت لجيهان نظرة لوم ولكن الاخرى لم تهتم بها وخرجت قبلهم ..
ركبت جيهان بجوار اخيها وركبت غاده في المقعد الخلفي وانطلقوا الى حيث المول التجاري ...