🔹 20 🔹

603 41 84
                                    

سيلڤا:

كان زين وكيرت يخوضان في نقاش جاد عن لوحة ما، وقررت أنا الخوض في هذا النقاش كوني أعلم بشأن تلك اللوحة.

"لكنني عندما بحثت على الأنترنت، وجدت نسخاتٍ عديدة، ظهرت المدعوة بإسم ماري ماجدولين بظاهر رجلٌ!" قال كيرت.
"أي رجلٍ بحق السماء كيرت." قال زين.

"في اللوحة، تظهر ماري جالسةً بجانب يسوع، وأن كنتم شديدي الملاحظة فسترون أن آخر إحتمال كونها رجل، فأنا قد رأيت اللوحة قبلاً، اللوحة الحقيقة التي لم تحرف. شعرها بنيٌ كثيف، وجهها أبيصًا أملس، وجسدها،
فهي تظهر بها مرتدية ملابساً معاكسة لملابس المسيح، فهو كان يرتدي ثوباً احمراً ووشاح ازرق، وهي العكس، فأظهرها ليوناردو مرتديةٍ ثوباً ازرق ووشاحاً أحمر."
كنا نتحدث عن لوحة "العشاء الأخير." اللوحة الجدارية الأشهر، ذات الأسرار التي تكتم عنها من يدعون العلم.

"ليست بدليلٍ قطعاً سيلڤا." قال كيرت.

"أستمرار نسل يسوع يشكل خطرًا عليهم، فقد يكشف هذا كونه أنسانًا طبيعيًا وليس إلهًا كما يعتقد البعض." قال زين.

ضحك كيرت، فهو مؤمن. "غريب كيف أن شخصًا لا يؤمن بالله قد يأتي ليتحدث."

"عندما يتعلق الأمر بالفن، فأنا أتحدث عن جميع محتوياته."

"وماذا عن الموناليزا؟" قلت أنا.

"لقد رأيتها شخصيًا وقد خضنا حوارًا ممتع." قال زين مازحًا، وكم جميلة تلك الضحكة.

"هل لكم علم بأن بعض المؤرخون يعتقدون أن الموناليزا ليست سوى دافنشي مؤنث؟"قلت.

" ولما قد يفعل شخصًا عبقريًا كدافنشي برسم نسخة مؤنثة من نفسه؟" كيرت.
وأضاف.
"أسمحوا لي بأن أقول، أن الموناليزا تحتوي مشاعرٍ، لم ارى مثلها قبل! أقسم، أنني أن نظرت لها وأنا سعيد أراها تبتسم لي، وأن كنت حزينًا أراها على وشك البكاء!"

كانت اللوحة تتوسط أحدى حوائط القصر،
وكانوا يشيرون الى ما يروه بها.
.
.
.

"كم أتمنى لو أنني عشت في عصر النهضة،
في ايطاليا، حيث يلفظون أسمي بوتيتشيلَـ ـيّ، كما تلفظ دونتيللا فيرساتشيّ أسمها الأخير." كان زين يقول بينما يصفن باللوحات التي أختارها وجمعها دومينيك.

"ولما عصر النهضة؟" قال كيرت، بينما قلت أنا في ذات اللحظة "ومن أين تعرف دونتيللا؟"

"من أين؟ عائلتي فيرساتشي وبوتيتشيلي أيطالية، وتنتهي بحرف الياء، مما يعني أننا أقرباء." قال زين لأعقد حاجبي.

همس كيرت "كذبة لا تجرح احد."

"في عصر النهضة كل شيء كان جميل،
النحت، فميكيلانجلو كان رائعًا في تلك الحقبة،
وكذلك رسمه، فمن من رواد الفن لا يعرف لوحة خلق آدم! آه لو أنني أملك أيمانهم..
وهناك تلك اللوحات الحرة.. والعمارة والتطور،
وهناك التعليم، ووحدة الشعوب! كانت أيطاليا في مجدها، وفي نهاية تلك العصور آتى ليوناردو دافينشي ليختم العصر بقطعه الفنية الآخذة الأنفاس، وبخططه العبقرية." قال زين وأنهى حديثه بتنهيدة.

جلست بجانبه، وبدأ الأمر ينحدر ليكون شخصيًا، فقلت بصوت هادىء "ما قصدك لو أنك تمتلك أيمانهم؟"

"العشاء الأخير، العذراء والصخور، لم يرسمهم ليوناردو لو أنه لم يكن مؤمنًا بالمسيح،
خلق آدم، لم يرسمها ميكيلأنجلو لو أنه لا يؤمن بقصة آدم وغضب الله منه،
الفنانون المسلمون، الذي يزخرفون حيطانهم بأحرفهم وآياتهم، هل كانوا سيبتكرون هذا الفن العصري والمميز لولا أيمانهم؟" قال.

"هل كنت ستفكر برسم بڤينوس لولا أنك مؤمنًا ومحبًا بها؟" أبتسمت، فرغم جنونه ألا أن لوحاته جميلة.

نظر في عيني مطولًا، لمعت عينيه ونهض.
"لدي فكرة."
ذهب الى مكانًا ما، نظر لي كيرت قائلًا أنني آلهمته، جيد.

لحقنا به، لنراه ينصب عدتهُ، وقد وضع لوحًا أبيض على مرسمه الخشبي، وطلب من كيرت أن يتولى الموسيقى، بينما طلب مني الجلوس والنظر، خلط بعض الألوان ولم يسكن بمكانه، فصعد للطابق الثاني، وحين نزل رأيته يحمل نسخة عن منحوتة ڤينوس.

وضعها أمامه، وبدأ يرسم.

كان مستمتعًا حقًا، يخطط بالقلم الرصاص، ومن ثم يعمل بألوانه الزيتية المميزة.

كان يرسم بالزوايا، وكان قد طلب كتاباً معينًا من كيرت، لأن لوحته تحتوي على شخصيات وردت بالتاريخ، بعيدًا عن كون ڤينوس الشخصية الأهم، هذا كان ما قاله.

بعد أن وضع كيرت الموسيقى طلب مني النهوض لأرقص معه على الأنغام الهادئة تلك، بدأنا نعبث حول زين.
حتى حين كان منشغلًا بلوحته، كان يبتسُم لنا.

"هذا الغرفة كانت ورشتي الخاصة، فحين اخبرني دومينيك أنها ستصبح لي ولأعمالي، كدت أطير فرحًا آنذاك." قال زين.

وأضاف "في إيطاليا، يحبون ڤينوس جدًا، وفي اليونان يمتلكون لها معابدًا وتسمى أفروديت، في العراق يطلقونَ عليها أسم عشتار ويرمز لها بالأسد..."
قاطعته أنا حين وقفت وراء لوحته ناظرة أليه "وفي داخل زيُنلاس، من هي؟"

أغمض عينيه، وأعاد فتحها وأكمل لوحته وكأنني لم أسأل عن أي شيء..

.

.

بعد أن قضينا أنا وكيرت وقتًا معينًا في أكتشاف بضعة من لوحات وتحف القصر، وصلنا إلى غرفة مقفلة بابها.

صحت على زين الذي يجلس في الطابق الأول
"لما الباب في الممر الأيمن مغلقة؟"

ليخرج هو من الغرفة قائلًا "أنها أكثر سريَةٍ من أي شيءٍ أمتلكهُ معلمي، حتى أنا نفسي لم أدخل أليها."

"الم يصبك الفضول أبدًا؟" سألت، بينما أقترح كيرت الدخول.

أصبح زين في الطابق الثاني يحمل أحدى خرقاته وينظف بها يده "لن ندخل أبدًا!" قال زين.

"لربما تكون تحوي جثة عفنة قد لا يريدك دومينك أن تعرف عنها شيئًا، أو ربما تكون تحتوي لوحة قد تسوى المليارات وأنت لا تعرف عنها شيئاً، أو ربـ..."

"آه أصمتِ سيلڤا!" قال زين ثم أضاف "حسنًا سندخل."
حطم كيرت بطريقة معينة الباب، ودخلنا.

حقًا، هذه أجمل غرفة رأتها عيني أنها... لحظة واحدة، ما هذا؟

"هذهِ أثينا!" قال كيرت بصوت متفاجىء، ليسيطر التفاجىء على ملامح أجمع من في الغرفة.

True Colours : Botticelli |الألوان الحقيقية : بُوتيتشيلليّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن