تمهيد

157K 2.6K 160
                                    

ثعلب في عباءة إنسان
لم يُطلَق عليه لقب "الثعلب" من فراغ، فهو سيد المكر والدهاء، عيناه كنافذتين مظلمتين تخفيان وراءهما حكاية من الخبث والخداع، يتحرك بخفة ورقة كظل سريع لا يمكن الإمساك به. ينظر إلى العالم ببرود مخيف، لا شيء يثير اهتمامه سوى نفسه، قلبه خالٍ من أي مشاعر دافئة، وكأنه تُرِك ليتجمد في صقيع الأنانية.
كل من حوله يرتعد من مجرد ذكر اسمه، يُخيفهم هدوؤه المريب، ونظرته الثاقبة التي تخترق الأرواح كأنها تبحث عن نقطة ضعفٍ لتستغلها. يمتلك كل شيء: المال، السلطة، النساء... لكن كل ذلك لا يساوي شيئاً في عينيه، فقد فقد الشيء الأهم والأثمن، ذلك الشيء الذي كان يُنير عتمة وجوده: **القلب**

وراء قناع البرود واللامبالاة، يختفي "سيف"، شاب في الثانية والثلاثين من عمره، وسامته تخفي وراءها ندوباً عميقة لا يراها أحد. عيناه السوداوان، اللتان كانتا تشعان بالحياة والدفء، أصبحتا كنافذتين مظلمتين تطلان على فراغ سحيق. جسده الضخم الذي يُثير إعجاب النساء، لا يشعر بدفء الحب، بل يبحث عنه بلهفة في أحضان غريبات لا يُشبهن تلك التي سكنت قلبه يوماً.
يُلاحقه طيف "ندى"، تلك الفتاة التي كانت تُنير عالمه ببراءتها، يرى وجهها في كل امرأة يقترب منها، ويُحاول أن يُسكن ألمه بحضنها، لكن كل محاولاته تبوء بالفشل، فهي ليست سوى ظل باهت لحب ضائع.
موته البطيء بدأ بفراق "ندى"، تلك التي أخذت معها قلبه وتركته غارقاً في ظلماتِه. حتى والده، الرجل الصارم الذي لطالما أحبه واحترمه، لم يستطع أن يُخرجه من عزلته، فقد أصبح "سيف" سجيناً في متاهة من الألم والوحدة.

تعيش سلمى شقيقة سيف الكبرى، وقد بلغت الرابعة والثلاثين من عمرها. امرأة ذات قلب طيب وحنان مفعم.
تزوجت سلمى من بلال، رجل يحمل في قلبه لها كل الحب والتقدير، وأنجبت منه طفلين: مازن ذو الاثني عشر ربيعاً، وأيهم الذي يُضيء حياتهم ببراءة عشرة أعوام. عائلتها الصغيرة هي ملاذها الآمن، ومصدر سعادتها في الحياة.
تحرص سلمى على زيارة والدها في موطنها كلما سنحت لها الفرصة، تحاول أن تُسكِن وحدته بضحكات أطفالها، وأن تُعيد إلى منزلهم بعضاً من دفء الماضي.
لكن ظل سيف يُخيّم على حياتها كلما عادت إلى وطنها، تلك النبرة الباردة في صوته، وتلك النظرة التي تخترقها كالسهام، تُثير في قلبها رعباً لا تستطيع إخفاءه.
هي تُدرك أن شقيقها لم يُصبح على هذه الحال إلّا بعد أن خسر شيئاً ثميناً في حياته، شيئاً حوّله إلى ذلك الشخص البارد الذي لا يعرف للرحمة طريقاً. لكنها تخشاه في نفس الوقت، وتحاول بشتى الطرق أن تتجنب إغضابه، فهي تُدرك أن غضبه لا يُبقي ولا يذر.

ندى: وردة ذبلت قبل أوانها
في ركن هادئ من العالم، تُزهر ندى، فتاة في الواحد والعشرين من عمرها، لكن عينيها الرماديتين تحملان حزناً يفوق عمرها. شعرها البني الغامق ينسدل كشلال على كتفيها، يُخفي وراءه ندوباً لا تُرى، ندوباً خلّفتها سنوات من القسوة والإهمال. جمالها الهادئ يشبه وردة تفتحت في ظل جدار عتيق، جمال لم يَلقَ من يُقدّره أو يحميه.
عاشت ندى طفولتها محاطةً بحنان والديها، لكن ذلك الدفء لم يُعمّر طويلاً، فقد خطف الموت والدتها وهي في الخامسة عشرة من عمرها، لتبدأ فصول جديدة من الحزن والوحدة. لم يُبدِ والدها اهتماماً كبيراً بغياب زوجته، وكأن رحيلها كان إشارةً له ليتخلى عن مسؤولياته كأب.
تزوج والدها بشقيقة زوجته الراحلة، لتُصبح ندى أسيرةً في منزلها، تحت رحمة امرأة لا ترى فيها سوى عبء ثقيل، تُحاصرها بكلماتها الجارحة وتُقيّد حريتها بقوانين ظالمة.
وكأن ذلك لم يَكفِ، فقد اختار والدها طريقاً مظلماً في الحياة، ليُصبح سجيناً لجرائمه، وتُصبح ندى وحيدةً تائهةً في عالم لا يرحم.
لم تَجد ندى من يُدافع عنها سوى صمتها، كانت تبتلع ألمها وتُخفي دموعها، تحلم بيوم تُحلّق فيه بحرية بعيداً عن ذلك القفص الذي أُغلِق عليها.
لكن القدر كان يُخبّئ لها مفاجأة أليمة، فقد قررت خالتها أن تتخلّص منها بطريقة لا تُخطر على بال، طريقة ستُحوّل حياتها إلى جحيم لا ينتهي... فقد باعتها لدار العاهرات.

_________________________

ملاحظة 1: الرواية عم يتم تعديلها
رجاء مابدي شوف ولا تعليق سلبي بموضوع التأخير بالتعديل والنشر
الي مابتقدر تصبر فيها تنسحب بين ماتنتهي الرواية وتنزل كاملة
وعفوا اذا بشوف اي تعليق مسيء ألي رح ازعج صاحبة التعليق
وشكرا لتفهمكم 🤍

ملاحظة 2: في كتير فلاش باك بهي الرواية

ملاحظة 3: الرواية ممكن ماتناسب البعض بسبب بعض المشاهد الجريئة شوي، الي مابتحب هالشي فيها تنسحب من أولها

وشكرا

ووقعت بين يديهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن