الفصل الثالث

44 0 0
                                    

كانت تمشي صفية في ممرات المدرسة باضطراب وقلق شديد وهي لم تستوعب ما أمرها المعلم جواد بفعله كانت لا تدرك العالم من حولها !بات الأشخاص والأصوات والضوضاء سراباً بعيداً مقابل ما كان في رأسها من حيرة وقلق،

وهي لم تتوقف لحظة عن الغوص في زوبعة من الأسئلة المندفعة " لمَ كان المعلم مضطرباً لأول مرة أراه على هذه الحال؟ لقد كان يرتعد خوفاً ! ما التي تحمله تلك الرسائل ؟! أهي تخص شيئا عن تسريب أوراق الامتحان؟! آه الامتحان! كيف فعلتها وبعت ثقة معلمي بأوراق بخسة يا إلهي هل سيسامحني على ما فعلت؟ لكن خطأي كبير ماذا افعل هل اعترف؟ لكن ذكرى ستغضب مني هل علي.."
فجأة عادت صفية لعالم الأشياء حين اصطدمت بها طالبة بعنف عن سبق اصرار وترصد ورمقتها بنظرة احتقار وشك كبير! انتبهت صفية حينها إلى أن جميع من حولها يرمقونها بتلك النظرات المشمئزة وهم يحدقون فيها باحتقار وحقد ويتهامسون سراً فيما بينهن، وما إن تأتي إحداهن للتو إلا اعطينها الهاتف المحمول لترى ما فيه فيتغير وجهها مصدوماً ومدهوشاً وما تلبث أن تنضم لصفوف المحتقرين والمزدرين لها! وقد يرمونها بأقبح الشتائم الفاضحة ويصرخون في وجهها !!
كانت صفية كالحمامة التي تحلّق بحرية وأمان لكنها غفلت عن بنادق الصيادين التي تنتظر فرصة لسحقها !قُبض قلبها بشدة وأخذت ترتجف وباتت لا تقوى على الحركة والوقوف. لقد شُلّ عقلها تماماً عما يجري من حولها وعن ما تخفيه تلك الهواتف المحمولة بدءً بالمعلم جواد إلى الطالبات !
جاءت ذكرى وهي تركض مسرعةً حين لمحت صفية منتصبة مكانها لا تتحرك وكأنها تقف أمام جنازة مهيبة وهي لا تدرك ما حولها ! اقتربت منها بقلق ورمت الجميع بنظرة حقد وغضب على ما وضعوا صديقتها فيه.
-"صفية عزيزتي اهدئي ما هذه الحال التي انتِ عليها ؟! لنذهب من هنا هيا.."

ردت عليها بصوت يرتجف ويأن كأنما ينتظر نبأ إعلان حرب ضروس:
-"اعطيني هاتفكِ المحمول..ما الذي تخفيه تلك الأجهزة اللعينة؟! "
ترددت ذكرى في اعطاءها الهاتف المحمول خوفاً من ردة فعلها فقد لا تتحمل الصدمة والفاجعة.
-"اه..لا شيء مهم لنتحدث فيما بعد علينا أن نذهب من هنا الآن !"
فجأة تدخلت وسام وهي تسلّمها هاتفها المحمول وتحدّق فيها بنظرة خبث ولؤم شديدة الوضوح:
-" لا بأس يا داعية الشرف أنا أُعطيكِ الهاتف لتري الحقيقة فصديقتكِ تريدكِ أن تظلي غير مدركة للأمور اليس كذلك يا ذكرى؟"

اشتعلت ذكرى غضبا وحنقا:
-"وسام أيتها الوقحة لا تتدخلي بيننا وإلا سأخنُّقكِ هنا ! "
سحبت صفية الهاتف من وسام بقوة وهي تقرأ النبأ الذي سينعطف بحياتها إلى منحى آخر تجهله تماما !!

***

تلاشى كل ما حول صفية عدا ذلك الخبر الذي تقرأه فهز كيانها وأرجف ما في داخلها وخارجها ! لقد شعرت أن الزمن توقف عند هذه اللحظة الفاجعة !!
مضمون الخبر في مواقع التواصل الاجتماعي :
(فضيحة ثانوية العالي تكشف عن علاقات المعلم جواد السرية مع إحدى طالباته ! )
^في يوم غائم ممطر يخفي كل ما حوله وفي سرية تامة داخل أسوار ثانوية العالي. اجتمع المعلم جواد في حميمة وحب مع احدى طالباته يوم غياب جميع منسوبي المدرسة من طالبات ومدرسين وإداريين بسبب اضطراب في الأحوال الجوية.
وقد تم التقاط العديد من الصور لهما التي تجمعهم في حميمة وانسجام تام يوحي هذا عن وجود علاقة سرية بينهما وفي داخل حيطان المدرسة التي لا وجود للعلاقات الغرامية بين المعلمين وطالباتهم! فهل هي علاقة حب ؟ وهل هناك خيانة من المعلم ؟ أم أن هناك خفايا وأسرار أخرى ستكشف قريبا؟! جدير بالذكر أن المعلم جواد مدرس مادة الرياضيات منذ أكثر من خمسة عشر عاماً في ثانوية العالي عن عمر يناهز الثالثة الأربعين. وقد تقلّد منصب رئيس إتحاد معلمين البلدة لكنه تنازل عن منصبه بعد سنتين رغم احتياجهم له فجأة لسبب مجهول.وهو أب متزوج لديه ثلاثة من الأبناء الذكور. أما عن هوية الطالبة المعجبة فهي غير معروفة غير أنها فتاة من الميتم. ربما كان غياب والديها عنها دعاها لإقامة علاقة حب وغرام مع معلمها الذي يكبرها بالسن، أم أنها نزوة ومراهقة متأخرة من ناحية المعلم جواد؟! الأسئلة والأسرار كثيرة! كيف ستتخذ إدارة ثانوية العالي اجراءً حول هذه الفضيحة التي ستهدد سمعتها ومكانتها التي تربعت عليها لعقد من الزمن. "

لم تكوني يوماً وحيدة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن