الفصل التاسع

33 2 3
                                    

( لقد قاطعتني في الكتابة تلك السجانة العنيفة يا إلهي لا اتخيل انها أنثى إنها تبدو كالرجل الحديدي تماماً ! إني أخاف منها كثيراً ! أخشى أن تعاقبني يوماً فقد عاقبت المرأة الآلية في يومٍ ما بأن أدخلتها إلى سجن إنفرادي لمدة اثني عشر ساعة ! لا أدري ما الذي فعلتهُ لكني سمعتُ من بعض السجانات وهن يثرثرن في دورات المياه أن هناك ضابط أتى للسجن ولا أدري ما حصل بينهما فانقضت عليه كالوحش حين اقترب منها وحاولت قتله !! ربما كانت إشاعات من السجانات الثرثارات لا اعلم !!
على أي حال أعتقد أنه لا بأس عندها أن تعيش وحيدة في الانفرادي فهذا ما تفعله هي الآن ! وجودها وذهابها واحد. لقد رأيتها تبتسم ابتسامة النصر حين أخبرتها السجانّة بالعقوبة !
نعم نسيتُ أن أقول لكِ لقد كانت فكرة  ممتازة يا صديقتي أن أكتب مشاكلي في دفتر المذاكرات لقد طلبتُ منهم دفتراً وقلم والحمد لله لقد نفذوا طلبي.
لا زلتُ أذكر يوم أن رأيتكِ تكتبين أول مذكرة لكِ وأخبرتني بأن كتابة المذكرات تساعد على فهم ما يجري حولكِ، لكني استخفيتُ بالفكرة وقتها يا للحماقة !! اعتقد أنكِ ستضحكين عليّ لو علمتي أني افعلها الآن.
لكن هل تذكرين هذا انتِ؟! اني قلقة عليكِ ترى هل استعدتِ ذاكراتكِ؟ ارجو ذلك يا صديقة.
اي كان فسأستمر بالكاتبة لكِ في هذا الدفتر فأنا متأكدة أنكِ ستعودين يوماً ما يا صفية. )
أغلقت ذكرى دفتر المذكرات وهي تتساءل عن سبب فتح باب السجن في هذا الوقت نادت السجانة بأعلى طبقات صوتها الحاد:
-"ذكرى ناجي لديكِ زائر. "
انتفضت ذكرى من مكانها وهي تتساءل من يكون عساه ومنذ ساعات قريبة قد زارها والداها ؟!
-"من هو هذا الزائر ؟ "
-"السيد جواد. معلمكِ في المدرسة."
-"المعلم جواد!!" اشتعل الحقد بداخلها وهي تتذكر كل ما حدث بينها وبين صفية كان بسبب كشفه للحقيقة أمام صديقتها  حتى وصلت لهذه الحالة المزرية !
فجأة صرخت بانفعال ودون وعي على السجانّة وهي تحترق قهراً:
-" لا أريد أن أرى وجه ذلك المعلم!! هو كان السبب لستُ أنا !! هو من قتل صفية لستُ أنا !! هو من يفترض أن يكون هنا لستُ أنا !! هو المجرم لست أنا !! أنا بريئة بريئة أتفهمين ؟!!"
هزت السجانّة ذكرى من كتفيها بعنف وشدّة وهي مصدومة من وقاحتها وانفعالها عليها !
-"أيتها الحمقاء! ذكرى اخرسي هل انتِ بوعيكِ؟! الزمي حدودكِ ! " ورمتها بعنف على سريرها وهي توبخها بكلمات قبيحة ثم اغلقت عليهن باب العنبر بإحكام !
كانت تبكي ذكرى بصمت حتى لا تسمعها تلك السجانة إذا ارتفع صوت بكاءها فستكون في حال لا يسر ! ونامت ليلتها تلك وهي تدعو الله بخضوع أن يخرجها من هذا المكان البائس.

***


-"يا لأولئك الصديقات الشقيات! انظري كيف صار حاله!! يرفض الطعام ولا ينام الليل من الهمّ.. لقدحمل نفسه عبءً لا دخل له به ! "
كان فراس يتحدث بقهر وحنق مع والدته على مائدة العشاء التي غاب عنها المعلم جواد.
تنهدت الأم بحزن وتساءلت بحيرة:
-"لماذا رفضت ذكرى رؤيته ؟! "
-"لا أدري ما الذي تفكر به تلك الأخرى! ربما كانت تخاف أن يشهد أبي ضدها. "
-"رباه..احمي تلك الصغيرة من السجن وأخرج زوجي من همه."
-"لكن يا أمي بربكِ ما الذي ورط أبي وسط هؤلاء الصديقتان لينهيا مشاكلهما بينهما ما علاقتنا نحن ! "
-"لا يمكنك لومه يا بني ! إنه يرى بأنه السبب في انفعال واحتدام الشجار بينهما لتصل كلاً منهما لحال أسوء من الأخرى. كل ما علينا فعله الآن هو إيجاد صفية لتُخرج صديقتها من السجن وسيرتاح والدك. "
تساءل فراس وهو يفكر ملياً؛
-"ما الذي تخطط له تلك الفتاة صفية ؟! لقد بدأت ترفض وجود أبي في حياتها ! يبدو أن التعامل معها سيكون صعبا !!"
ضحكت الأم ساخرة -"لا أظن هذا. أعتقد أنه يجب عليك أن تعتاد على صفية من الآن!"
-"هاه!! ماذا تعنين يا أمي ؟! "
اكتفت الام بالضحك مجدداً ولم تجب على سؤال ابنها وغادرت تاركةً فراس يتخبط في حيرته!
"سنرى أي نوع من الفتيات تكون صفية! "

لم تكوني يوماً وحيدة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن