فُتحت البوابة الحديدية الكبيرة لمنزل وسام. ارتجلت وسام من سيارتها وأشارت للحارس بالقدوم ليوقف السيارة في الداخل. نزلت صفية وهي تفتح عينيها على اتساعهما مما ترى ! كان منزلاً هائلاً من طابقين كبيرين يغلب على بنائه الممزوج بلون السماء الأزرق وبياض الغيمة الصافية الطابع الكلاسيكي. رغم ظلمة الليل إلا أن جمال وخضرة حديقته المزينة بعناية وإتقان لا تخفى على الناظرين ! تقدّمت صفية ببطء وهي تتأمل جوانب هذا المنزل المهيب وتساءلت ترى من تكون وسام لقد بدا الثراء عليها منذ أن وقعت عينيها عليها !
فقطعت وسام شكوكها وهي تحدثها:
-"هذا المنزل الكبير الذي ترينه بسبب الوزارة."
-"أي وزارة ؟ "
-"أنا أكون ابنة وزير التعليم. "
-"ماذا ؟!! " فتحت صفية عينيها بذهول وصدمة وهي لا تستوعب كيف اجتمعت إذاً بتلك الفتاة الثرية ؟ أي مدرسة تلك التي جمعت بينهما ؟!
فتحت الخادمة الشابة باب المنزل الداخلي. مرتدية ثيابها البيضاء الأنيقة وهي تُشعر سيدتها وضيوفها بالاطمئنان من ابتسامتها المشرقة المرحبة.
-"مرحباً. هل أبي في الداخل ؟ "
-"مرحبا بعودتكِ يا آنسة وسام لقد غادر السيد الوزير منذ ساعتين إلى منزله الآخر. أهلا بضيوف الآنسة وسام مرحبا بكِ. تفضلي بالدخول.."
قدّمت لهما الخادمة التحية ثم توجهت إلى الداخل لتحضر الضيافة.
كانت تجلس صفية بالقرب من وسام على تلك الأريكة الفاخرة في صالة الضيوف ذات الطراز الكلاسيكي القديم الذي يشعرك بجو من الدفء والهدوء. شعرت صفية بالتشوش والصداع الخفيف لا تدري لماذا تشعر كأنها في قصة من تلك العصور السالفة حرسٌ وخدمٌ وأسياد وأميرة ثرية لا أحد حولها !! لم تتجرأ أن تسألها عن شيء واحد لأن حال وسام بدا خافتاً وهادئاً ويشوبه شيء من الحزن منذ أن سمعت بمغادرة والدها !
همست وسام بهدوء وكأنها تحبس غصة بداخلها:
-"قصر كبير بلا أحد مثيرٌ للشفقة أليس كذلك؟! أسكن وحيدة مع أبي. كنا ثلاثة سعداء فيما ما مضى لكن أمي وأبي قررا الانفصال عندما كنتُ في العاشرة. "
-"انفصال! يا إلهي هذا محزن."
-"أبي أخذني للعيش معه بعيداً عن أمي التي تزوجت لاحقاً. لكن أبي لم يبقى وحيداً هو الآخر فقد تزوج وأنجب من تلك المرأة صبيان. "
-"لماذا ليسوا معكم ؟! "
عضت وسام على شفتيها بشدّة وهي تتحدث بحرقة لا تُخفى:
-"لا أتحمل أن أرى أبي مع امرأة أخرى!! امرأة بديلةٍ عن أمي ! "
-"ماذا عن اخويكِ ؟! "
أنت تقرأ
لم تكوني يوماً وحيدة
Chick-Litسَتَبْدُو لَكَ فِي بَادِئِ الأَمْرِ حِكَايَةَ صَدَاقَةٍ عَادِيَّةً تَجْمَعُ بَيْنَ الفَتَاتَانِ.لَكِنْ الغَرِيبُ أَنَّ اِجْتِمَاعٌ الصَّدِيقَتَانِ لَا يَتَعَدَّى بِضْعَ مَشَاهِدَ وَأَحْدَاثٍ! فَمَا حِكَايَةُ تِلْكَ الصَّدَاقَةِ البَعِيدَةِ القَرِيبَ...