الفصل السادس

37 1 3
                                    

بعد أسبوع من الحادث:
دخل الطبيب على غرفة صفية بعد مرور اسبوع كامل استعادت وعيها أخيرا. كانت تغزو ملامحه الحزن والأسى ولا يعلم كيف يبلّغها بما ظهر له في النتائج، تقدم ببطيء وتثاقل نحوها وقدماه تجر بعضها بعضاَ ونبأها بالخبر المفزع:
-"مع الأسف يا آنسة جراء تعرضكِ لحادث السيارة خاصة الإصابة القوية على منطقة  الرأس، أصيب  دماغكِ بضرر بالغ تسبب بتلف خلايا المخ...وبالتالي لقد فقدتِ ذاكرتكِ !"
دارت الدنيا في رأس صفية صُعقت وقد ارتعشت أطرافها وعيناها اغرورقت بالدموع المحرقة وهي تبكي بصمت يكاد يشابه صمت القبور.
لقد شعرت منذ أن عادت للحياة أن هناك شيئاً تلاشى عنها شيء مخفي وغامض رحل فجأة ! لم تعلم أن تكون حياتها وأيامها وذكرياتها الماضية قد حلّقت بعيداً عنها ! كانت تحاول أن تتذكر كل ما مضى لكن محاولتها باءت بالفشل فما من شيء سوى اللا شيء لا ماضي ولا تاريخٌ سابق الحاضر وفقط !

فجرّ بكاء ذكرى التي كانت تسمع النبأ مع صفية صمت الصدمة !
كانت تبكي بألم واهتياج، ويتحشرج صوتها فزعاَ وتلقي كلاماً بغير معنى. ثم جثت على ركبتيها وهي تنظر بحزن عميق وحسرة نحو صفية-"سامحيني أرجوكِ لم اتصور أن تصل الأمور لهذا الحد! لقد تهورتُ مجدداً نعم لقد كنتُ ضعيفةً وهشةً كما قلتِ لم استطع التحمل سامحيني سامحيني !! "
نظرت إليها صفية وعيناها تُبحر بالدموع بنظرة خاوية فارغة من أي معنى:
-"لكن من أنتِ؟! "
عندها علا انتحاب ذكرى وبكائها أرجاء المشفى بألم وحرقة أكبر ! تدخل الطبيب ليهدأ من الوضع الصادم:
-"لكن الأمل لم ينقطع بعد قد تعود ذاكرتها وتنشط من جديد، لكن لا أستطيع تحديد زمن محددٍ لعودتها ولا أستطيع أن أفعل ذلك لوحدي بالطبع!  الواجب الأهم يقع على عاتقكِ لتعيدي ذاكرتها بأقرب وقت ممكن.      احكي لها عن ماضيها عن احلامها عن حياتها وشخصيتها السابقة عن عائلتها وأصدقائها وحياتها المدرسية، وكل شيء تعلميه عنها لابد أن تساعديها لتستعيد ذاكرتها هذا هو واجبكِ ! "
كانت تُجيب ذكرى بهستيريا وغرابة شديدة:
-"كلا كلا لا أستطيع لن أحكي لها عن أي شيء ولا عن أي أحد، لا يجب أن تعلم شيئاً عن الماضي لا أريد أن أفعلها !! " 

***












وعند  السابعة من مساء الشتاء الطويل الذي يحمل برودة الأيام وقسوتها معه. نامت صفية بهدوء بعد أن أُعطيت مسكناً لسوء وضعف حالها وجسدها بعد أن علمت بفقدان ذاكرتها. اقتربت ذكرى منها بهدوء وخطوات خفيفة كي لا توقظها ودثرتّها جيداً لتحميها من موجات الهواء الباردة.
فجأة أمسكت صفية بطرف قميصها بشدة وهي تنظر لها بذات النظرة الخاوية الفارغة !
-"ما الذي تخفيه عني يا فتاة؟ لماذا تعتني بي من انتِ ؟ ما الذي تريديه مني؟ ؟ أين هم عائلتي ؟ هل لي أم وأب ؟ لماذا لا أراهم ؟!! اخرجوني من هنا حالاً لا أريد البقاء هنا اتفهمين أيتها الغريبة ! " كانت تتحدث صفية بانفعال وصخب حاد وتصرخ على ذكرى أن تخرجها من هنا حالاً ! تدخلت الممرضات بسرعة حين سمعنا صياح صفية وقمنا بإعطائها ابرة مهدئة من جديد، وهي ترفض وتتحرك بعنف وترفس وتزمجر بغضب إلى أن استسلمت وخارت قواها وغرقت في النوم مرة أخرى.
تساقطت الدموع من عيني ذكرى بحزن عميق وهي لا تكاد تصدق أن هذه هي صفية التي كانت معها منذ أيام قليلة ! لقد تغيرت واختفى كل شيء منها حتى ملامحها صارت أكثر قسوة وبرودة !
طلبت الممرضات من ذكرى الخروج من الغرفة.تحركت ذكرى نحو الباب برأس مثقل بالهموم وهي تجر أقدامها جراً. لكن المفاجأة أن ما إن فتحت ذكرى الباب حتى وجدت أمامها رجلان ضخمان وهما مسلحان !!





لم تكوني يوماً وحيدة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن