الفصل السادس عشر

26 2 2
                                    

دخل فراس المنزل بعد صفية وهو شديد الغيظ والقهر بادٍ على ملامحه!
لاحظت خولة غضبهما كلاهما ومكوث صفية في غرفتها طوال الوقت لا تكلم أحداً ولا تأكل شيئاً! وعند المساء أخبرت خولة المعلم جواد بما لاحظته منهما.
فأمرها المعلم وقد ازداد قلقه:
-"خولة ارجوكِ انتبهي على صفية، إنها تبدو متهورة هذه الأيام! "
-"نعم.. إني أهتم بها جيداً."
-"لا يكفي الاهتمام، عليكِ مراقبتها ! "
-"مراقبتها ؟! جواد ماذا تقول أنت! "
-"لا أدري يا خولة.. ينتابني إحساس سيء ومزعج..أخشى أن تفعل شيئاً متهوراً مجدداً وتذهب من بين أيدينا للأبد! تعلمين أنها كانت صاحبة الفكرة الغبية تلك آخر مرة!"
جفلت خولة وهي ترى الخوف والقلق يتضح في عينيّ زوجها:
-"نعم صحيح.. ! لا تقلق سأرعاها جيداً وليحميها الله."
-"نعم آمين.. اه صحيح نسيتُ أن أخبرك.. لقد عثروا على الأدلة في جهاز وسام ! "
صاحت خولة بسعادة كبيرة:
-"حقاً؟! آه يا إلهي الحمد لله ستظهر الحقيقة كاملة يا عزيزي ! "
-"الحمد لله والشكر له.. لقد عثروا على المقطع المصور وكذلك على محادثات لها مع أعوانها في تلك المواقع الذين ساعدوها في نشر كلا الحادثتين السابقتين لقد حوصرت وسام تماماً! " 
-"يا للوقاحة التي فعلتها! إذا ماذا الآن ما هو الحكم الذي صدر ؟! "
-"لم يقرر بعد قريباً إن شاء الله، سينتهي كل هذا الكابوس ونرتاح من جديد عزيزتي! "
ابتسمت خولة بفرح وحب وهي تقول: -"صحيح أن صفية تهورت لكنها كشفت أوراق وسام كلها ! "
بادلها المعلم ابتسامة امتنان ورضا:
-"صحيح انتِ محقة، لقد أبدت تهوراً لم أتوقعه منها! أعتقد أن مهنة أحلامها الآن صارت تلائمها تماماً ! "
-"أتقصد المحاماة ؟! "
-"نعم لطالما كانت تريد أن تصبح محامية لكنها كانت تقول دائماً أنها ضعيفة فكيف سأدافع عن الضعفاء! لكني أراها اليوم فتاة شجاعة قوية تتحمل مصاعبها وتصبر عليها بقوة وعزيمة متهورة ! "
-"هل تعتقد أن صفية ستستعيد ذكرياتها وأحلامها ؟! "
نظر إليها بود ونبرة واثقة جادّة:
-"ليس جواد من يتنبأ بهذا ! إن ربكِ على كل شيء قدير، فهو قادر سبحانه على شفاء صفية.كوني موقنة! "

***

في الحادية عشر والنصف صباحاً من اليوم التالي خرج والد ذكرى من السجن بعد زيارتها مسرعاً الخطى وهو يتجه نحو سيارته لكن كانت هناك مفاجأة بانتظاره لم يتوقعها بتاتاً !
كانت تقف صفية بثبات عند سيارته وهي ترتدي معطفاً أسوداً طويلاً وتنظر إليه بحزم وشدّة عكس ما بدت عليه من خوف وضعف حين رأته قبل أيامٍ معدودة!
-"صفية!! ماذا تفعلين هنا؟! "سألها بانفعال وهو مصدوم تماماً.
-"جئتُ إليك لأعرف الحقيقة! حقيقة ماضي صفية !" كانت نبرة جادّة لا تردد ولا تراجع فيها !
-"ماذا تقصدين ؟! لماذا أتيتِ عندي بالذات!"
-"أنت تعرف من أين أتيت وإلى أين ذهبت؟ وما علاقة ذكرى بي أريد أن أعرف! "
-"ولماذا الآن ؟! "
-"لأن ذكرى تحتاج بأن أستعيد ذكرياتي! "
سألها بقلق وتوتر وهو يمسح عن جبينه:
-"هل تريدين أن أعلّق مع ذاك المعلم القاسي ؟! "
أجابت بانفعال وحدّة-"لن يمنعني المعلم  جواد ولا غيره من معرفة حياتي الماضية، ذلك يخصني وحدي أنا ! أجبني.. ألا تريد أن تُخرج ابنتك من هذا السجن المقرف؟! "
أمسك والد ذكرى رأسه بحيرة واضطراب ثم نطق بعد برهة صمت:
-"اركبي السيارة سنذهب لتعرفي الحقيقة!"
أشاحت ابتسامة رضا ونصر على محياها وهي تركب السيارة لتتجه إلى مصيرها القادم !

لم تكوني يوماً وحيدة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن