الفصل الثامن

20.3K 498 1
                                    

دخل إلي القصر قرابة الفجر منهك القوي .. يريد فقط أن ينااام .. يناام علي سريره .. أخيراً تمت الصفقة بنجاح بعد مجهود أسبوع .. ولا زالت تلك الأمور المتعلقة بشركته سيذهب غداً مبكراً ليتابع الأمر 

" جواااد .."
صوتها .. ااه هذا كل ما يحتاجه الآن صوتها العذب ينساب إلي مسامعه كسيمفونية وهي تحكي دون إنقطاع عن ما حدث في جامعتها ، صديقتها ، كيف أبلت حسناً في التمرين .. تحكي عن كل شيء .. ولا شئ .. ويديها الناعمتين تدلكان رأسه الذي سينفجر .. ورائحتها العذبة كالفراولة كي يفيق بها ..
نفض كل تلك الأفكار من رأسه وهو يستدير بخفوت ..
" لينااااا !!! لما أنتِ مستيقظة إلي الآن؟ هل بك شيء؟ "
كانت واقفة أسفل السلم ترتدي ذلك النوع من المنامات التي يعشقها .. منامتها التي تجعلها كطفلة صغيرة بخصلاتها البنية التي أستطالت لتنساب علي كتفيها وعيونها الرمادية الناعسة تنظران إليه ..
قالت بصوت ضعيف وخافت :
" أنا .. أنا لقد كنت أنتظرك .."
نزل السلم حتي وقف مقابلتها وهو يقول بحنان .:
" هل هناك شيء عزيزتي ؟!! "
كتمت شهقة بكاء لصوته الآسر وهي تفرك يديها بمنامتها لكنه أدركها ليقول بقلق :
" لينا ماذا... "
لم يكد يكمل حديثه حينما قاطعته وهي ترتمي تتعلق بعنقه وقد أنفجرت بالبكاء تبكي بقهر شديد
تصلب وهو يربت علي شعرها بحنان شديد ..يقول لها بهمس :
" أهدأي .. أهدأي لينااا من أغضبك وسأقتص منه الآن أمامك .. أم أنتي غاضبة مني أنا .."
قاطعته وهي تقول بصوت متقطع من البكاء بينما تتعلق برقبته أكثر :
" جواد.. أرجوك .. أرجوك لا تغضب مني "
نظرت إليه وهو يسحبها ليجلسا علي الأريكة يستمع إليها ...

منذ أسبوع وهو لم يرتاح يذهب في الصباح الباكر كل يوم للشركة ويعود قرابة الفجر .. يحل مشاكل التزوير في القوائم المالية .. ويسعي للحصول علي صفقة الفوج الفرنسي. . وفوق كل ذلك .. تزيد عليه بعنادها ومشاكلها، فيظل طوال النهار من هنا لهنا يدور خلفها ... لقد علم درجاتها المخزية رغم الأحتياطات التي أتخذتها .. لم تستطع النوم أبداً عندما رأته مساءً متعب والإرهاق يظلل أسفل عينيه ، أنتظرته حتي أتي .. لكن رؤيته يصعد السلم بكل هذا الإنهاك وهو يمسك برأسه لم تحتمل رؤيته متألم ..

أكملت وهي تخفض عينيها
" هذا الشخص الذي يدعي زياد إنه لا يعني لي شيء. . لقد قابلته فقط لأخذ منه محاضرات حياة .. وأنا كنت أعلم أنك ستكون في هذا المطعم فأردت معاندتك .. "
أبتسم لها وهي تغصب نفسها علي قول الحقيقة .. حتي لا يغضب منها .. صغيرته المدللة تحارب بشرف .. تبكيها رؤيته مجهد وتتنازل عن عنادها لأجل راحته .. .
ربت علي وجهها وهو يمسح بقايا الدموع المتعلقه بعينيها ..
" الوقت تأخر لينا إصعدي ونامي لنا حديث آخر "
..........................................

كانت تجلس بالحديقة التي أمام القصر ومعها الصغير :
" حسناً. . ما رأيك بأن نتعارف من جديد .. مرحباً أنا فريدة .. وأنت ؟ "
لم يرد عليها وهو ينظر إليها بعينين مضطربتين :
" حسناً أنت أيان .. وأنا فريدة .. هل يمكن أن نكون على الأقل أصدقاء؟ "
أكملت وهي تتناول طبق به قطع صغيرة من الموز والفروالة التي تزين الكيك التي صنعتها صباحاً مخصوصاً له ..
" ما رأيك أن نتناول يا أيان هذا الطبق الجميل سوياً.."
قربت المعلقة من فمه .. فزم شفتيه برفض وهو يدير وجهه ..
" حسناً سأتناولها أنا .. "
أصدرت صوت إستحسان وهي تقول :
"مممم طعمها لذيذ جداً .. وقطع الموز لذيذة جداً .. أيان هل تجرب معلقة قد تعجبك ؟ "
بدأ ينتبه إليها وهو ينظر في ترقب ، شجعها بداية إستجابته ، فأمسكت المعلقة وهي تقول:
" الطائرة تريد الهبوط في المطار ، ليأذن لها أيان الشجاع .."
فتح الصغير فمه وهو يبتسم ، خفق قلبها بسعادة فكررت الأمر حتي أنتهي الطبق ..
جاءت خالتها وهي تقول بتأثر :
" تلك أول مرة أري بها الصغير يتجاوب مع أحد غير أبيه .. "
قالت فريدة وهي تنهض لتضعه في سريره بعد أن نام :
" أيان كل ما يريده عاطفة حقيقية .. الطفل يشتاق للحب .. "
..........
في المساء عادت فريدة منهكة القوي ، ألقت بأشيائها بإهمال وهي ترتمي علي سريرها بتعب :
" اااه يا جسدي .. بحق الله لمَ دائما أسبب التعب لنفسي ؟ ما لي أنا والمباني و الأتربة والرمال ؟ اااه يا قدمي .. الله المنتقم يا يوسف يا إبن خالتي كوثر .. "
دخلت لينار بثورتها :
" مرحباً فريدة .. أنهضي أريدك معي .. "
رفعت فريدة رأسها تنظر الي لينار الواقفه وهي تقول بعينين شبه مفتوحين :
" ليناااا لا أستطيع التحرك لشبر واحد لقد هلكت بالعمل اليوم .. "
جلست لينار بجانبها وهي تقول بإعتراض :
" وما ذنبي أنا ؟ جواد لم يعد من العمل بعد ومن المحتمل ألا يعد اليوم من الأساس .. فكرم درويش عاد .. وأنا .."
قاطعتها فريدة بتعجب وهي تنزع حذائها :
" كرم درويش عاد ؟؟؟ "
قالت لينار :
" أجل إنها قصة طويلة .. "
قاطعتها فريدة وهي تتمدد علي السرير :
" غداً سأستمع إلي كل شيء. . لكن دعيني أنام الآن أرجوك وأغلقي الباب خلفك .. "
خرجت لينار وهي تقول بغضب:
" عسي أن لا يهنأ أحد في هذا البيت بالنوم .. "

أخبرك سرا - الكاتبه فاردية (fardiat sadek)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن