الفصل التاسع

19.6K 506 2
                                    



كانت تمشي خلفه بسرعة أقرب للهرولة ..
" تباً لك يوسف ماذا يركب في قدميه لا أستطيع اللحاق به.. . "
أستدار لها بتساؤل ..
" هل قلتي شيئاً الآن فريدة. .؟؟؟ "
نظرت حولها وهي تقول ..:
" أنا !!.. هل تقصدني!! .. أنا .. أنا لم أفتح فمي. . "
إبتسم عندما أسرعت أمامه بغير إستقامة بسبب حذائها العالي الذي لا يتوافق أبداً مع الطريق الملئ بالحصي ...
لحقها وهو يقول ..:
" كان يمكنك الإستعانة بحذاء مريح عن هذا .. "
زمت شفتيها وهي تقول ..
" هذا إن كنت أخبرتني سابقاً أننا سنأتي للموقع ،أتفاجئ بقوة مسلحة تأتي لتصدر أوامرها دون نقاش ... "
رفع حاحبيه وهو يقول ..:
" هذا أنا .. "
نظرت للسلم وهي تكاد تبكي. . الدورالذي عليه المعاينة هو الخامس تلك المرة .. نظرت إليه وهي تهمس لنفسها ..
" حسبي الله .. "
......
أنتهت من معاينة الدور وهي تتزل علي السلم بأنفاس مقطوعة .. إن شاء الله أكون مستريحة الآن بعد أن جلبت هذا العذاب لنفسي .. بماذا كنت أفكر عندما أردت أن أجرب شيء جديد .. ومن قلة الأشياء أختار ذلك المشروع ..
ناولها يوسف علبة عصير وهو يقول بتهكم .. :
" الأمر لا يحتاج كل ذلك الرثاء. . لم يضربك أحد علي يديك لتعملي في تلك الشركة .. "
عدت لثلاث حتي لا تنفجر .. صوته المتهكم أخر ما تريد سماعه الآن. . قالت له بأنفاس غاضبة. . :
" وما لك أنت !!! .. لم أوجه لك حديث .. ولم أطلب منك التدخل .. "
رفع أعلي فمه - تلك الحركة المغرورة - وهو يجلس بجانبها على السلم :
" إذن لا تطربي أذني بشكواكي .. "
ناولته علبة العصير وهي تنهض بعنف .. :
" سأترك لك المكان .. "
.." أنتبهي .. "
أغمضت عينيها وهي تستعد لتتلقفها الأرض بإمتنان مهدرة كرامتها و إعتزازها وكل ما تبقي لها في الحياة .. فتلك الحجرة الخبيثة .. التي ظهرت لها من اللامكان كسرت كعب حذائها المفضل ..
رمشت بعينيها وهي تفتحهما .. هي لم تقع .. الحمد لله الذي حفظ لي كرامتي و ن..
" علي الرحب والسعة يا ملكة فريدة. . "
فتحت عينيها علي إتساعهما وهي تجد يوسف بالقرب منها ، يحيط خصرها بذراعين قويتين ..
أعتدلت بسرعة وهي تقول بغضب. .
" إبتعد عني .. "
تمايلت بحذائها فأمسك يديها وهو يقول ..
" لا أريد .. لكن أنظري ستقعين أرضاً إن تركتك .. "
كشرت جبينها بغضب وهو يسندها حتي أوصلها للسيارة..التف ليجلس في مقعد السائق .. وهو يهمس لنفسه..
" لن تستطيعي فريدة .. كما لم أستطع أنا .. فكلانا في نفس الموجة .."


في شركة جواد ...
كانت تمشي بالشركة وهي تمسك بالأوراق التي طلبت السيدة مها توصيلها للسيد جواد .. هي لم تتعرف علي أحد بالشركة إلي الآن. . فلطالما كانت لديها مشكلة مع العلاقات الإجتماعية. . وحدها لينار هي صديقتها في الجامعة منذ أربع سنوات .. لم تنسي أول مرة حينما كانت تبكي بسبب إحدى الفتيات اللاتي يضايقنها .. وظهرت لها لينار من العدم وهي تجلس بجانبها تقول بمرحها المعتاد دون أن تأبه لبكائها .. :
" مرحباً أنا لينار ويمكنك أن تدعوني لينا .. هل يمكن أن نكون أصدقاء .. "
سقطت الملفات التي كانت تحملها علي الأرضية عندما اصطدمت بإحداهما أمام المصعد .. إنحنت لتلتقطهم وهي تعتذر بصوت منخفض عندما سمعت صوت الشخص الذي اصطدمت به :
"نحن نتصادم كثيراً .. يبدو أن مسارنا واحد سنيوريتا .. "
رفعت رأسها في غضب فإبتسم لها بسماجة :
" بنفنوتو سنيوريتا .."
نهضت بعنف وهي تمسك بالملف بقوة ولم ترد عليه ..
" هل أنتي صاعدة لجواد .. ؟ "
لم ترد عليه وهي ترفع رأسها .. حك رأسه وهو يهمس لنفسه ما هذا لقد أتخذت وضع الصمت ..
فتح باب المصعد ليشير لها بالدخول أولاً. .
" تفضلي سنيوريتا .. "
أستدارت له بغضب ..
" لا تقل لي ذلك الأسم .. لقد بت أكرهه .. أنا حياااااه .. "
إبتسم بخباثة عندما جعلها تتكلم لقد إستفزها ..
" حسناً يا حيااااااااة .. كيف حالك اليوم ؟ "
أمسكت بأعصابها وهي تقول من تحت أسنانها ..:
" ولا تنطق إسمي بتلك السهولة .. ولا تسألني عن شيء فلسنا أصدقاء. . "
أعترض وهو يقول بثقة ..:
" يمكننا أن نكون .."
مد يديه وهو يقول .. :
" مرحباً أنا كرم درويش .. .. "
دقة فلتت منها وهي تري الإصرار في عينيه .. تري حنان لم تره من قبل .. نظرت إلي يديه الممدودة ، لم يطلب منها أحد الصداقة قبل ذلك سوي لينار .. ولم يهتم أحد من قبل أن يكون صديقها ..
وقف المصعد فإستدارت تقول له قبل أن تخرج ..
" لا تعطي صداقة لأحد بتلك السهولة .. وخصوصاً إذا كنت لا تعلم عن الطرف الآخر شيء . . فلا يغرك المظهر .. "
قبض يديه وهو يهمس لظلها الذي إبتعد .. :
" أنا لا أعطي صداقات لأي حد بيلا .. فقط هذا القلب هو من يعطي حياه.. وهذا القلب مستحيل أن يخطأ "
............
خرجت حياة فأستدار له جواد وهو يقول ..:
" أحذر كرم إنها صديقة لينار .. أي أنها من المحظورات تعلم أنني لا أستطيع أن أفعل شيء إذا غضبت عليك لينار .. "
نزع كرم عينيه من على الباب مكان ما خرجت للتو :
" أنا لن أؤذيها .. لكن نظراتها الخائفة دائماً. . ورفضها أن تفتح مجالاً حتي للتحدث معي .. وكأن بها شيء غريب .. "
قال له جواد .. :
" لا تعبث معها كرم إنها ليست من ذلك النوع .. كما أن ظروفها صعبة جداً. . فأبتعد عنها إنها لا ينقصها مصيبة أخري.. "
أعتدل كرم بتركيز وهو يقول ..:
" تعلم أنني لم أكن لأبعث معها أبداً .. لكن هناك شيء ما يجذبني إليها .. لا أستطيع مقاومته .. "
أمسك جواد الأوراق وهو يقول :
" لقد حذرتك كما يجب وأنت حر .. دعنا من هذا الأمر وأنهض خلفي لأريك كيف سأستغلك في الفترة المتبقية لك هنا .."
نهض خلفه وهو يعرف أن صديقه أغلق الموضوع ولن يخبره أي معلومة عنها .. ...
............
...
في إحدي الحدائق. ..
" توقف أيون .. سأمسك بك الآن. . "
صرخت به لينار وهي تجري خلفه وفريدة تحمله .. وصوت ضحكاتهم تعلو المكان .. أبتسمت السيدة كوثر بسعادة .. أيان حالته تحسنت كثيراً ، فبدأ يتجاوب مع الجميع ، فبحنان فريدة وروح الأمومة الفطرة لديها ، وجنون لينار المرح أخرجوا الطفل من قوقعته .. فتعلق بفريدة كثيراً وبات كل صباح يبحث بعينيه عنها ويمد يديه الصغيرتين بحركة السلام الخاصة بهما وكأنه يطلب وجودها ..
جلست فريدة تضحك بتعب وهي تحمل أيان .. شدتها لينار من يديها وهي تقول :
" أنهضي فريدة لم ننتهي بعد .. "
قالت فريدة بتعب .. :
" لا أستطيع لينا لقد تعبت يا فتاة ... وأين حياة هي الأخري ؟؟"
جلست لينار بجوارها وهي تقول ..:
" ستنهي عملها وستأتي مباشرة. . "
ناولت السيدة كوثر كل منهم قطعة كيك وهي تقول :
" لا تعرفا كم أنا سعيدة معكما .. الله يحفظكما من كل شر ، وأعيش حتي أحمل أولادكم .. "
أسندت لينار رأسها علي كتف خالتها ..
" .. بارك الله في عمرك خالتي حتي تصرخي من كثرة الأطفال من حولك .. "
ضحكت السيدة كوثر بسعادة وهي تقول ...
" يارب "
"مرحباً لقد أتيت ..."
قالت فريدة إلي لينار وهي تناول أيان قطعة الكيك .. :
" وأخيراً أتت حياة لتبعدك عني .. "

أخبرك سرا - الكاتبه فاردية (fardiat sadek)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن