الفصل الحادي والعشرون

14.9K 438 19
                                    

( كل منا يحتاج للبوح احياناً ، يحتاج لإفراغ مكنونات صدره لأحدهم ، مشاركة أوجاعه وآلامه مع من يعلم انه سينصت دون كلمات ، دون عتاب ، ودون كلمة مقيتة سئمنا سماعها ( معلش ) ، نحتاج من يسمعنا بقلبه لا بأذنه ، من يتحاور معنا ، ينصحنا وقد ناشدناه العون )
انهت حديثها بزفرة ألم زادت من وطأته هيرمونات الحمل التي بدأت تتلاعب بمزاجيتها .. طالعتها حلا بإشفاق خفي قبل ان ترسم ابتسامة حانية علي ثغرها وهي تقول بينما تقترب محتضنة كتفيها ،،،،،
- " بصراحة انا معاه ومش معاه "
رمقتها هند بتساؤل حائر فتابعت موضحة ،،،،
- " يعني واحد زيه بظروفه الي حكتيلي عليها وافتقاده لمشاعر الأمومة الحقيقية رغم المعاملة الأمومية الي كانت بتعامله بيها مرات أبوه طبيعي ميصدقش ان فيه ام تعمل كده "
ضيقت هند بين حاجبيها بينما تقول باستفسار ،،،
- " قصدك ايه ؟ "
- " قصدي انه حتي زوجة الأب الي دايماً المجتمع بيرسمها في شكل امنا الغولة كانت معاه ملاك فمابالك بقي لو كانت امه .. ده تفكيره يا هند ، هو متخيل ان الأم البيلوچية للطفل اكيد بتعامله احسن من معاملة مرات الأب وانتي بكلامك بدون قصد ضغطتي علي النقطة دي فحصل معاه زي التباس "
اتسعت حدقتا هند بينما تتراجع للخلف علي مقعدها لتقول بذهول ،،،،،
- " يعني انا غلطانة ؟ "
حركت حلا رأسها نفياً بينما ابتسامة حانية تزين ثغرها لتقول ،،،،
- " لا يا هند انتي اتصرفتي التصرف السليم ، المشكلة في نفسيته هو وحساسيته تجاه النقطة دي .. للأسف يا هند كامل طالما مش عاوز يروح لدكتور لازم تعالجيه انتي طالما زي ما انا شايفة كدة لسة باقية عليه "
أاشتعلت وجنتاها بحرج دفع بابتسامة حنون لترتسم علي ثغر حلا التي تساءلت بجدية ،،،
- " مش عاوزة تشتغلي يا هند ، هتنشغلي صدقيني غير قعدتك لوحدك دي الي هتخلي التفكير يجننك "
اعتدلت هند في جلستها ترمقها برجاء وصل الأخيرة علي الفور لتقول ،،،،،
- " لو موافقة هشغلك معايا مساعدة شخصية ليا نعمت الشغل كتير عليها وعاوزة حد يساعدها ايه رأيك !! "
تهللت ملامح هند بسعادة لم تخفيها وهي تقول بحماس وقد تناست مشاكلها ،،،،،
- " ياريييت ومش عاوزة مرتب هو بصراحة مديلي فلوس كتير وبيبعتلي كل حاجة البيت مع البواب "
حركت حلا رأسها نفياً قبل ان تقول بعتاب مصطنع ،،،،
- " ازاي متاخديش مرتبك ده حقك وبعدين يا ستي لو مش لازمك اقبضي انتي بس وهاتيهولي "
ضحكت هند بانطلاق انعش صدر الأخيرة لأجلها .. نعم هي مؤيدة للمرأة وحقوقها علي الدوام ولكنها استشعرت أخلاق زوج هند الكريمة رغم تناقضاته المزعجة الا انه في النهاية تراها مستحقة !!
حياته السابقه وافتقاده لأمه ، تلاها زيجته البائسة وأخيراً اقترانه بهند .. هو ليس برجل يستحق الهجر والنكران ، هو فقط يحتاج للعلاج ،، ومما استنتجته من حديث هند فهذا الرجل لا يدرك حقيقة مشاعره نحوها ، وتلك هي أولي خطوات العلاج الذي ستبدآنه معه سوياً !!!
***
القلق يتلاعب بعقله كعروس الماريونت .. يختلق الكثير من السيناريوهات التي ينفيها عقله بعد لحظات من التفكير .. لم يشأ القدوم ومضايقتها وقد وعدها بتلك المساحة بينهما .. ولكن تصرفات مازن منذ ايام خلت جعلته يقطع وعده لها ويأتي عله يستطيع استرضائها .. نظراته اللائمة علي الدوام ، نظراته الساخرة عندما تسأل اخته الصغيرة عن هند وباسم كعادتها اليومية بينما يجيبها كعادته بانهما في زيارة لأبويها ، تمرده الذي استطاعت هند بحنانها احتوائه في فترة قصيرة ، اعتكافه عن الجميع في غرفته معظم الوقت ، كل تلك اسباب قدومه المفاجئ لها ، هو لا يشتاقها بالطبع ! لم يترك ما بيده متعللاً بحالة ولده فقط ليراها عن كثب حتي لو لم يستطيع اقناعها بالعودة ، أراد القدوم في الفترة ما بين ذهاب باسم للمدرسة وعودته ، عله يستطيع تليين رأسها اليابس وها هو ينتظرها منذ ثلاث ساعات في صالة منزلها بعد ان استبد به القلق عندما لم يجبه احد فاستخدم المفتاح الثاني للشقة الذي بحوزته .. أخذ ينقر بحذاءه علي أرض صالة المنزل ، هاتفها غير متاح وذلك اكثر ما اثار قلقه وتوتره .. زفر بضيق بينما يطالع ساعة معصمه بغضب وعيناه مستقرتان علي باب الشقة .. هل يذهب لاحضار باسم من المدرسة !! ذلك الوقت يعلم انه وقت نهاية يومه الدراسي ولكن بماذا سيخبره وهو لا يعلم اين والدته .. اعاد رأسه للخلف مغمضاً عيناه , فاركاً بيده فروة رأسه بنفاذ صبر ورغماً عنه عقله يسترجع فاتنة رقيقة الملامح تتهادي بثوبها الأرجواني أمام ناظريه .. اعتدل في جلسته بسرعة عندما استمع لصوت مفتاح الشقة .. لم يدرك بانه وقف وقد تاهبت كل حواسه للحظة اللقاء ,, اندفاع كتلة صغيرة الحجم محتضنة قدمه بينما تلك الشهقة الأنثوية التي كادت تذهب بعقله اطربت أذناه .. توقف كالمشدوه يطالعها باشتياق , يرتشف ملامحها علي مهل بينما عيناه تنسابان علي جسدها عله يطمئن نفسه انها بخير ولكن مهلاً !! هل ازدادات فتنة وبهاء , احمرار وجنتاها المرتفعتان , ارتعاشة شفتيها الشهيتان , وعيناها اللاتي تناظرانه بذهول الأن .. انحني جالساً علي ركبتيه امام الصغير مقبلاً وجنتيه ثم قمة رأسه بحنان ابوي قبل ان يقول له بخفوت وعيناه لا تفارقان تلك التي أغلقت باب الشقة وقد استفاقت أخيراً من صدمتها ,,,,,

سبايا بلا أغلال ( الجزء الثالث من سلسلة ألحان حوائية )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن