خيبة الحضارة الغربية في صناعة الإنسان مؤلمة جداً، وهؤلاء المثقفون الذين يسترون عورة الغرب تلك بسبب تطوره العلمي والصناعي والديموقراطي هم رسل الشيطان فعلاً، فالإنسان يجب أن يكون حاضراً بقوة في تطورنا العلمي والصناعي والسياسي كي لا نصنع دمار البشرية وشقاء الإنسانية ... إنني مستاء جداً من تلك الحضارة الهزيلة، وأحن للأرياف والقرى التي صنعت أفضل مما صنعه التمدن، لست راضٍ عن الأسطرة والجاهليات الدينية، لكنني لا أرى الحضارة الغربية حلماً نهائياً يستحق كل ذلك التبجيل الذي يروجه بعضنا لها، ضد قيم نبيلة أورثنا إياها التاريخ، ويعد فقدها فقداً للحياة برمتها مهما تطورنا، وأنا هنا لا أنطلق فيما أقول من ألم معايشة يعيشها إنسان لأنه مأزوم، لكن التدبر في واقع الحياة البشرية ومسيرتها وتطوراتها يدعو لقرع أجراس الخطر من أن نكون في الظل رغم تخلفنا فننتقل للجحيم بسبب بريق الآلات والمعلومات والنظم القانونية ... التي للأسف تحتاج في جوهرها للإنسان، بينما نرى الإنسان في قبالها باهتاً يتلاشى، إن رسالة من الرحمة والإنسانية يجب أن تأتي لتلك النظم الغربية لتنفخ روحاً حقيقية في جسدٍ شبه ميت، وهنا تأتي المزاوجة بين الأصالة بما طورته من قيم والمعاصرة بما طورته من نظم كضرورة.
أنت تقرأ
في رحاب الوعي
Non-Fictionمحاولات لاستنهاض الوعي لمقارعة الخرافة وإنقاذ العقل من أجل حياة سليمة... تحمل حكم مدعاة وشذرات أخرى...