17

33.3K 705 14
                                    


  الفصل السابع عشر :

توجهت تلك السيدة سوداء الثياب نحو السيدة العجوز الجالسة على الأريكة والحزن هو ما شكل ملامحها ...
وبضيق النبرات أردفت :
-يا حماتي مش عارفة أوصلها خالص، عمالة أتصل بيها وبتليفون البيت مش بترد خالص !
نظرت السيدة لها بحنق، ووقفت في مكانها، ولم تجيب
وحتى إذا ما ظنت الأخرى أنها لن تجيب، قالت هي بهدوء :
-خلاص إبعتيلها سُهيِّل يعرفها باللي حصل ويجيبها معاه ..
أومأت صفا رأسها بتمهل، وأجابت :
-ماشي، هقوله كده ونشوف البت دي لحسن بدأت أقلق عليها ..

...........

بين الأشجار والزهور، وبين نسمات النسيم، وأسفل شجيرة تفاح خضراء، جلس هو، وعليها إستند ..

ظهر على ملامح وجهه الضيق، ونظر إلى الهاتف أمامه بغضب شديد وقال :
-عاوز أفهل ليه مبتردش بس !
إستند بيده على الشجيرة خلفه ووقف، ثم وضع الهاف في جيبه ومشى عدة خطوات في الحقل ..
نظر إلى الأفق البعيد أمامه، وأردف بضيق :
-أنا لازم أروحلها وأعرف هي فين !

ثم توجه نحو بيت المزرعة بخطى ثابتة ..
وحين إقترب من المنزل رمق صفا القادمة من بعيد بنظرات هادئة

إقتربت منه صفا حتى وقفت أمامه، ونظرت له قبل أن تردف بـ :
-سهيل إحنا من يوم ما الحاجة ماتت بنحاول نوصل لفيروز عشان نقولـ ..
قاطعها هو بنبرة عازمة :
-أنا كمان بحاول أكلمها مش بترد، وهي في العادة مش بتتجاهل حد، وأنا فكرت أروح أجيبها وآجي، وكمان هيبقى أحسن لو قولتلها الخبر وأنا قدامها عشان أمهدلها ..
إبتسمت له صفا بود، ووافقته بـ :
-أيوة دا اللي كنت عاوزاك تعمله، ناوي تروح إمت ؟
وضع يديه في جيبه، وبدون تردد قال بهدوء :
-النهاردة ..

.................

كانت جالسة بهدوء، على الأريكة القريبة من الشرفة، وإلى صدرها ضمت قدميها، وشردت تفكر ..
في الفترة السابقة لم يتسنى لها أن تفكر في اي شيء، لكنها تذكرت والدتها فجأة، وأن هاتفها قد أضاعته بعد تلك .. تلك الحادثة .
ربما سقط في أي ركن من أركان الشركة، او تهشم تحت أقدام أحدهم !
لكن ليس هذا هو شاغلها الأكبر الآن، فهي تريد أن تعلم كيف حال والدتها هناك، فهي لم ترها منذ وقت طويل ...

في ذاك الوقت خرجت جويرية من حجرتها، ونظرت إلى فيروز قبل أن تهديها إحدى أجمل إبتساماتها، وتقترب منها ..
وحين صارت على مقربة منها قالت باسمة :
-صباح الخير !
بادلتها فيروز إبتسامة باهتة، وأجابتها :
-صباح النور !
جلست جويرية بجانبها، ومسدت على شعرها وهي تقول بود :
-عاملة ايه النهاردة
أومأت فيروز رأسها مرتين بالإيجاب، قبل أن تردف :
-الحمد لله كويسة
صمتت قليلًا قبل أن تتابع :
-جوري، عاوزة أكلم ماما، والتلفون وقع مني لما .. أنا .. في الشركة وقع هناك و ..
فهمت جويرية ما ترمي هي إليه، فأخرجت هاتفها من جيب سترتها، وأعطتها إياه قائلة :
-خدي كلميها
إبتسمت لها، ثم مدت يدها لتأخذ الهاتف منها، وبروية أخذت تطبع الرقم على الهاتف، وما إن إكتمل حتى قامت بضغت زر الإتصال، ووضعته على أذنها ..
ظلت تستمع إليه لفترة ثم أنزلته من على أذنها وهي تقول بحزن :
-مقفول !
-طب حاولي مرة كمان يمكن الشبكة !
ضغطت على الزر مرة أخرى فلم يتغير الرد "الهاتف الذي طلبته غير متاح حاليًا" ..
زفرت بضيق ثم تركت الهاتف بجانبها، ولم تقل شيئًا ..
شَق على جويرية أن تراها هكذا، فقالت لها :
-طب ما تتصلي بحد من هناك يمكن
قاطعتها فيروز بضيق :
-المشكلة مش حافظة إلا رقمها هي بس ومش حافظة أي أرقام لحد هناك
-طب حابة تروحيلها !
نظرت لها فيروز وإبتسمت، لا لأجل أنها أرادت ذلك، بل لأنها لن تجد مثل صديقتها أبدًا !
كل شيء يحدث بسببها هي، وإن لم يك بإرادتها، لكنها مشاكلها وحدها، ولكن لا
تلك تريد أن تتحمل كل شيء وحدها، وتبعدها عن الساحة بجميع نواحيها !

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن