كان الغضب جليًا على ملامحها، وكانت تعصر قبضتها حتى كادت تُدميها، ومع ذلك حاولت قدر جهدها السيطرة على نبرتها وهي تردف:
-بس أنا قولتلك مليون ألف مرة إنك متهتميش لكلام حد!
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تتابع بنبرة أهدأ:
-لأ يا فيروز، معتصم عمره ما هيفكرك بحاجة، أنا عارفاه من زمان وكنا زي الاخوات.
جلست على الفراش، وأخذت تستمع إلى الطرف الآخر بإنصاتٍ قبل أن تتحدث بجدية:
-بطلي عياط، إنتي سمعاني!
وضعت يدها على جبهتنا، ثم تابعت بهدوء:
-فيروز! ساعة وابقى عندكثم أغلقت الهاتف، وزفرت بانزعاج، كيف تقنعها أنها فتاة طبيعية كسائر الفتيات؟ كيف وإن كانت هي مقتنعة أنها لن تعود يومًا كما كانت، وأنها لا تستحق حياةً جميلة كالجميع! تبًا للمجتمع الذي يلقي باللوم على الضحية ويترك الجاني يرقد بسلام.. تبًا لمجتمعٍ شرقيٍ يتفوه أراذلته بالترهات تحت مسمى شرف الفتاة، وواجبها حفظه! يا الله وأين المشاعر التي يحترمونها ألا تعد تلك أيضًا من الواجبات التي تقع على عاتقهم!
وقفت، وأمسكت هاتفها، كتبت رسالة عليه ثم سارت نحو خزانتها لتخرج ثيابها وتبدأ بارتدائها............
-ها يا فيروز لو مفيش كيميا بينك وبينه ومش قابلاه خلاص بلاش معتصم.
أردفت هي بها بهدوء وهي تنظر في وجه فيروز بتمعن، و تعيد كوب القهوة إلى مكانه.
بدى على وجه الأخيرة علامات الرفض وهي تردف بتقطع الصوت:
-لأ مش.. مش كدة! أنا.. أنا بس خايفة إن آآآ..
-خايفة ييجي في يوم ويعايرك مثلاً!
قاطعتها بها بهدوء، فنظرت لها فيروز بحزن وأجابت:
-أأ.. آه
ابتسمت لها ابتسامة مطَمئنة، ثم قربت منها يدا حتى وضعتها أسفل ذقنها، ورفعت وجهها قليلاً ثم بدأ تتحدث بروية:
-طب فكري مع نفسك، إيه يخلي واحد زي معتصم إللي فضل أكتر من ٦ سنين بعد ما مراته ماتت يفكر في الجواز!
سحبت فيروز وجهها قليلاً وقد بدأت عيناها تدمعان من جديد، ثم قالت باختناق:
-قبل ما انام امبارح افتكرت بنته.. بنته يا جويرية، فاهمة هو عاوز أم مش زوجة!
أرجعت جويرية ظهرها للخلف، وظلت تنظر لها بهدوءٍ وهي تفكر.. ربما هي محقة، لكن هي لا تفهم أبدًا أن معتصم لا يفعل هذا فقط لأجل ابنته، بل لأجلها هي.. هي لا تفهم الأمر أبدًا!
-فيروز!
نظرت لها بعد أن نادتها، فتابعت بهدوء:
-مين اللي طلعك من كل الوجع اللي كنتي فيه، مين خلاكي تقفي على رجلك من تاني؟
نظرت لها بثبات، وسريعًا أجابت:
-ربنا في الأول و..
قاطعتها جويرية بجدية:
-طب لو ربنا اداكي الرفض أو القبول هتعملي إيه؟
أجابت بدون تفكير:
-أكيد هعمل اللي ربنا يقولهولي، بس ازاي؟
كتفت جويرية ذراعاها، وردت عليها:
-صلي استخارة، وهتعرفي تعملي إيه بنفسك، بس قبل أي حاجة لازم تثقي في نفسك.. لازم تعرفي إنك مغلطتيش أبدًا، سامعة؟!
أومأت، فوقفت قائلة بهدوء:
-طيب، أنا همشي أنا بقى..
وقفت الأخيرة ترمقها بغضب قبل أن تجيبها:
-بتهزري! إنتي مكملتيش ساعة ومن أكتر من شهر ما اتقابلناش، إنتي بجد وحشاني جدًا..
هدأت نبرتها قليلاً وهي تضيف بحزن:
-وحتى العزاء معرفتش اروحه، عشان..
اقتربت منها جويرية ثم ضمتها بقوة وهي تردف بصوتٍ خافت رغم ما ألم بها من ألمٍ عقب ذِكر هذا الموضوع:
-عارفة، ومش محتاجة مبرر.. الصحاب مش بيحتاجوا مبررات.
بكت الأخيرة وهي تبعدها عنها وتقول:
-لأ أنا عمري ما وقفت جنبك زي ما انتي بتقفي جنبي، عمري ما اديتك حقك أبدًا.. أنا كصديقة وبنت خالتك عملتلك إيه؟ ولا حاجة.. و..
قاطعتها الأخيرة بوضع يدها على فمها، فأنزلتها فيروز بقوة وهي تهز رأسها نافيةً وتتابع:
-عارفة؟ دايمًا بحس يالذنب وتأنيب الضمير في كل مرة بتقفي معايا فيها.. أنا بس كلمتك وجيتي، بس إنتي مـ..
قاطعتها جويرية بجدية:
-فيروز! حبيبتي! بطلي عياط أنا مكنتش لوحدي والله أنا..
قاطعها صوت رنين هاتفها، فنظرت في شاشته و ما لبث أن أجابت بهدوء:
-وعليكم السلام.
صمتت لبعض الوقت قبل أن تتابع:
-طيب نازلالك، يلا السلام عليكم.
ثم أغلقت، ونظرت للأخرى قائلة بروية:
-أنا عاوزة أنزل، براء مستنيني تحت
كتفت فيروز يديها وأشاحت وجهها بانزعاج وهي تجيبها رغم الدموع التي لم تجف بعد:
-طيب اتفضلي!
رفعت جويرية يدها ومسحت لها دموعها وهي تجيبها بابتسامة:
-طيب، وبعدين هبقى اجيلك تاني.
أومأت رأسها بتفهم، ثم احتضنتها وهي تقول لها بامتنان:
-شكرًا على كل حاجة، شكرًا على انك مبتسبينيش لما بحتاجلك، وشكرًا عشان بتخففي عني بجد لما بتتكلمي معايا.
-قولت قبل كدة مبحبش شكرًا منك بالذات.
قلتها بتحذيرٍ وهي تبتعد عنها، فابتسمت لها الأخرى وأجابت:
-حاضر.
ومالبث أن ودعتها جويرية ثم ذهبت..
...
بعد القليل من الوقت، كانت بداخل سيارة أخيها براء، فسألها الأخير بهدوء:
-إيه اللي جابك عندها؟
أجبته بتريث:
-معتصم مقالكش؟
أجاب بفتور وهو ينطلق بالسيارة:
-قال، المهم فكك من كل دة، ماصدقت وافقتي نخرج شوية.
أرجعت رأسها للخلف، ونظرت إلى الطريق بثبات، ثم أجابته ببساطة:
-مش عاوزة أروح، عاوزاك تروح طريق فاضي وتسرع بالعربية على أقصى حاجة بس، لحد ما البنزين يخلص
ضحك هو بقوة ثم قال:
أنت تقرأ
عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزق
Lãng mạnزداد صوت الصراخ والعويل فى ارجاء القصر ، حتى صار الصوت أشبه بصوت مذبحه دامية ... من إحدى الغرف كان شق باب يظهر منه عينان صغيرتان تشاهد كل ما يجدث برعب .. صرخت تلك السيده التى كانت مسجاه على الأرض وبدأت تحاول الزحف حتى تصل الى الرجل الذى كان يتجمع حو...