الفصل الخامس والثلاثون:

26.1K 660 7
                                    



جزء مما وراء الرواية...
العاشر من مارس ٢٠٠٥
صباحًا، لم تترك الشمس أرضًا إلا وسلطت ضوءها عليها، إلا هذا المكان، فهو كظهر للمباني لكن لا تطل نافذة واحدة عليه، وغالبًا ما تسيطر عليه الظِلال، كان طريقًا هادءًا لا أحد يمر به. لكن لحظة، هناك فتاة ما تمر منه الآن، حجاب أبيض، وتنورة طويلة تصل لقدمها زرقاء، وقميص أبيض، هكذا ترتدي، وتحمل في إحدى يديها حقيبة، وبالأخرى بعض الكتب، على الأرجح هي عائدة من المدرسة. تسير بهدوء شديد، ويبدوا أنها معتادة على المرور يوميًا من هذا الطريق، فهي وبرغم الهدوء المسيطر على المكان لا يبدوا عليها الكثير من الرهبة!
سمعت تلك الفتاة صوتًا ما يأتي من الخلف، فنظرت وراءها جيدًا، ولكنها لم تجد أحدًا، حينها ظنت أنها تتوهم وتابعت سيرها للحظات بسرعة أكبر، وفجأة رأت يد أحدهم تمتد أمامها لتتوقف عند فمها بمنديل أبيض، حاولت المقاومة لأكثر من عشر ثوانٍ، ولكن سرعان ما فقدت وعيها مغلقة عينيها على نظرات الخوف والفزع، فحملها ذاك الذي خدرها ثم سار بها نحو إحدى السيارات....!!!

.................

الحادي عشر من مارس ٢٠١٠ الساعة التاسعة صباحًا..
جلس هو على الكرسي بجانب تلك الراقضة في سريرها، وقد كان ممسكًا بهاتفه يدون فيه رقمًا من هاتف آخر،
وبعد أن انتهى ضغط على زر الإتصال ووضعه على أذنه. ثوانٍ يسمع صوت الجرس من الجانب الآخر، حتى أنصت أخيرًا للصوت الهادئ:
-السلام عليكم!
أجابه الآخر بهدوء:
-إنت براء صح؟؟
تغيرت نبرة الأخير حين سمع صوته، وسأل بتوجس:
-أيوة، إنت مين؟
رد ببساطة:
-مش مهم أنا مين، المهم إنك لازم تيجي الوقت مستشفى ((...))
زفر براء من الجانب الآخر وأعاد السؤال بنفاذ صبر:
-بقولك إنت مين؟
-تعالى المستشفى وهتلاقي كل الأجوبة،
نظر الأخير في ساعته، ثم تابع ببرود:
-نص ساعة بالكتير وتكون هنا، و.. وعلى فكرة الموضوع ليه علاقة بأختك
صاح الأخير من الجانب الآخر برعب:
-جويرية! تقصد إيه؟ جاوبني
لكنه لم يأبه له وأنهى المكالمة في التو، ثم نزع البطارية من الهاتف وتركهما بجانبه، ليحيط عينيه بها مرة أخرى...
لقد كان يفكر منذ الصباح في شيءٍ قد يساعدها على التحسن، فلم يجد أفضل من براء ليساعده، بحكم قربهما وأخوتهما. حين نقلها إلى المشفى البارحة وإلى اليوم لم تفتح عينيها، فقط ساكنة، هادئة، لكنها عابسة حزينة..
هو يدرك هذا جيدًا، والشعور الغبي الذي يسكنه حين يراها هكذا هو الألم، أي غباءٍ هذا، تحزن هي فيتألم هو ماذا لو بكت إذًا بماذا سيشعر؟!
أخبره الطبيب أنها دخلت في غيبوبة، ولا تحمل الرغبة بالرجوع إلى الحياة، أجهزتها تعمل بشكلٍ متكاسل، وكأنها تستجيب لرغبتها بالرحيل، حسنًا لكن مع هذا هو واثق أنها ستقاوم هذا الشعور، ربما لن يمضي أكثر من ثلاث أو أربعة ساعات حتى تفيق، هل سأل نفسه لما يشعر بذلك؟ لا لكن يعلم أنها أقوى من كل هذا، ستتحمل وتعود من جديد تمارس دورها كمبرد للجو أو ما شابه.
إبتسم حين وصل إلى تلك النقطة وهو يتذكر كوب النعناع الذي لم يذق مثله من قبل، هو مستعد الآن أن تفيق وتتابع هذا الجنون. المهم أن تعود.
أثناء حديثه الطويل مع نفسه، لم يكن ينسى أبدًا أن ينظر لها، من الجيد أنه لم ينسى وضع الحجاب على شعرها، فبعد ما فعلت البارحة جاءه شعور بأنه فقط من يُسمح له برؤية شعرها...

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن