الفصل الخامس والخمسون:

22.6K 565 4
                                    




-بس أنا أول مرة آكل بيتزا حلوة كدة!
تلك بها الجملة التي نطق بها هذا العجوز الهرم وهو يبتسم، وبهدوءٍ بادلته هي الإبتسامة وأجابت عليه وهي تنظر لزوجها بجانبها:
-هنبقى نجيب من المطعم دة على طول.
ابتسم زوجها بسكونٍ وعاد يتابع تناوله للطعام، ربما كان ينظر لها أكثر مما يأكل.. لكن في كل الأحوال كان يأكل بشراهة!
الجميع كان يأكل بشراهة حتى ذاك الذي لم يبتسم ابدًا حتى الآن.. إذا نظرت له من بعيد ستجزم أنه يأكل ليتغلب على غضبه، وغيظه وهو ينظر إليه.. لا يستطيع تقبل زواجهما.. بالطبع هو يرغم أخته بطريقة أو بأخرى على البقاء معه.. بالطبع فهو لا يطاق!
اتحكت شوكته بالطبق بقوة، فكان الطبق أن ينكسر فنظروا له جميعًا مما جعله يقف فجأة ويردف بجدية:
-أنا شبعت الحمد لله، جويرية أنا همشي أنا.
هزت جويرية رأسها عدة مرات بثباتٍ وهي تجيبه:
-لأ عاوزاك شوية استنى.
أخذ نفسًا مطولاً، ثم استدار وهو يجيبها بهدوء:
-طيب هستناكي برة في الجنينة
لم تجبه، ولم ينتظر هو أي إجابة منها بل ذهب على فوره.. حينها نظرت هي لصهيب الذي وجدته يقف ليذهب خلفه وتحدثت بخفوت:
-هتعرف؟
ابتسم لها ابتسامة جذابة، وغمز لها ثم استدار ذاهبًا وهو يجيبها بغرورٍ وثقة:
-عيب دة أنا صهيب برضوه.
راقبته مبسمة إلى أن ذهب، وهنا بدأ رحيل يتحدث بجدية:
-مش عارف أشكرك ازاي عشان..
-الموضوع مش محتاج شكر يا عمي، دة واجب.
-لأ يا بنتي كنتي تقدري بكل بساطة تبعديه عني أكتر، وخاصة إني عارف إن صهيب مستحيل كان يسامحني لولا تدخلك!
-إنت بتقلل من قيمتك عند صهيب لما تقول الكلام دة! إنت متعرفش صهيب بيحبك ازاي.. مكنش هيتوجع منك لو مكانش بيحبك!
ابتسم لها رحيل وأجاب بهدوء:
-أنا عارف إني لفترة طويلة كنت غالي عليه..
-ومازلت، محدش هيقلل من القيمة دي
وقف رحيل، وسار حتى وصل إليها، ثم وضع يده على كتفها وهو يردف بامتنان:
-أنا مش زعلان، أنا كان اهم حاجة عندي إنه يسامحني.. أنا بس الوقت عرفت إن ابني محظوظ جدًا برغم الحظ اللي اتحرم منه لفترة طويلة.. بس هو محظوظ بيكي، محظوظ إنك بقيتي مراته، مش هنكر إني في البداية مكنتش حابك بس دة لأني لقيت كل حاجة تمت بسرعة، بس بعد كدة فهمت انه فعلاً عمره ما هيلاقي زيك، وأنا حاليًا في نهاية عمري هتمنى إيه أكتر من ابني يبقى كويس، ويلاقي الست اللي تراعيه؟

................

وضع صهيب يده على كتف براء الواقف موليًا إياه ظهره، فانتبه له واستدار وهو يردف بانزعاج:
-جويرية إنتي عارفة إني..
صمت حين وجده صهيب، وبدى الحنق جليًا على قسمات وجهه أكثر حين تساءل بضيق:
-إيه اللي جايبك؟
أخذ صهيب نفسًا عميقًا، ثم بدأ يتحدث بهدوء:
-بص يا براء، العلاقة بينا كانت وما زالت متوترة.. دة لأن كل حاجة في البداية حصلت بطريقة مش روتينية.
صمت لثوانٍ يتابع تعابيره المتشنجة ليتابع بجدية بعدها:
-فاكر لما سألتني أنا عاوز جويرية ليه؟ أنا نفسي وقتها مكنتش عارف الإجابة.. بس الوقت عرفتها كويس..
سأله براء باستخفاف:
-وإيه الإجابة؟
أجابه مبتسمًا بدون تردد:
-بحبها
نظر له براء بصدمة، ولكن سيطر الغضب عليه فجأة فأمسكه من ياقة قميصه وكاد يصيح به إلا أن صهيب وضع يده على فمه بقوة وبدأ يتحدث بحدة:
-إنت مجنون أنا جوزها أقول اللي أنا عاوزه
ابتعد عنه براء وهو ينظر له بغضب، فسأله صهيب:
-إنت إيه اللي مضايقك؟
نظر له بحدة وتكلم:
-اللي مضايقني إنك خدتها غصب، مفيش اشهار، سمعتها، والله أعلم إنت بتهددها بإيه عشان تفضل معاك!
ببرود سأله:
-و المفترض أعمل إيه؟
-تـ..
-وأحسنلك متجبش سيرة الطلاق على لسانك.
عقد براء ساعديه، حاجبيه، مشيحًا وجهه وهو يزفر بغضب، فظل صهيب واقفًا في محله وحدثه بهدوءٍ قدر الإمكان:
-يا براء، حاليًا احنا عيلة، سوءًا تقبلتني أو لأ!
نظر له براء بحنق، فتابع الأخير بجدية:
-ولو عاوز تتأكد إني مبجبرهاش على حاجة كلمها واتأكد!
-وأنا إيه يأكدلي إنك مجبرتهاش تـ..
-براء!
قالتها جويرية بهدوء وهي تتقدم نحوه، فنظر لها وسألها بضيق:
-يعني حاليًا إنتم الاتنين عاوزين تكملوا وأنا أطلع!
كتف صهيب يده وأشاح وجهه وهو يهمس لنفسه:
-والله تبقى عملت فينا خدمة.
-سمعتك على فكرة.
أردف بها براء بغيظ ثم عاد لينظر لأخته وهو يقول:
-شوفتي بيقول عليا إيه!
نظر له صهيب ببرود وتحدث:
-كويس إنك سمعت عشان متبقاش غيبة!
-والله أنا غلطان إني..
أوقفهما صوتها الغاضب وهي تهدر:
-دة لو عيال مش هيحصل كدة!
كتف كلاهما يداه بتذمر، فسارت هي نحو براء إلى أن وقفت أمامه مباشرًا ثم بدأت تتحدث بهدوء:
-براء، أنا مش فاهمة مالك بجد!
وضع براء يداه على كتفاها، وأخذ ينظر لصهيب بضيقٍ وهو يتحدث:
-قوليلي يا جوري بس لو بيهددك بأي حاجة وأنا آآ..
قاطعته هي بنفاذ صبرٍ وهي تنظر له:
-فيه إيه يا براء، هو إنت متعرفنيش.. يعني أنا لو كنت متهددة مكنتش هعمل حاجة لحد الوقت!
-أيوة بس..
-يا براء أنا عاوزة النزاع اللي بينكم دة يتشال.
-طب والطريقة اللي اتجوزك بيها، وتهديدك، و..
نظرت لصهيب الذي يقف خلفها ثم عادت تنظر لأخيها وهي تجيبه ببساطة:
-مسمحاه!
نظر لها بدهشة، فهو يعرفها جيدًا فمن المستحيل أن تسامح أحدًا قد آذاها، أو سبب لها الضرر لتلك الدرجة فما بالها بمن هددها!
-بجد مسمحاه! ببساطة كدة!

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن