٢٠١٦
كانت ممسكة بخصلةٍ من شعرها و تمررها على وجهه و هو نائم، حتى بدأت عيناه تتحركان، و بدأ يتحدث بصوتٍ ناعسٍ منزعج:
-إرحميني بقى عاوز أنام، النهاردة أجازة!
أجابته بهدوءٍ و هي لاتزال تضايقه:
-ما عشان النهاردة أجازة لازم تصحى بدري!
فتح عينيه لثوانٍ ثم نظر لمعصم يدها قبل أن يسحبها بسرعة و يحتجزها بين يديه قائلاً و هو يعيد إغلاق عينيه:
-نامي يا حبيبتي النوم جميل و الله
هزت رأسها نافيًا عدة مراتٍ قبل أن ترفع يديها إلى وجهه و تضع إصبعها على وجنته، ثم أنفه، ثم عينه، ثم جبهته..
-جوري!
-أمممم؟
-بتعملي إيه يا حبيبتي؟
-بصحيك
-ليه؟
-عشان النهاردة الجمعة! و المفروض نصحى بدري عشان نلحق الصلاة
-الساعة كام؟
-٨
-حسبي الله!
-فيا!
-لأ طبعًا، بس ممكن يعني نص ساعة كمان؟
ضحكت، ففتح عينيه لينظر لها.. حسنًا بالطبع النوم جميل لكن ضحكتها أجمل.
أجابته هي بهدوءٍ بعدها:
-أصل أنا جعانة
اعتدل هو على الفراش و أردف بيأس:
-أنا عارف لما تحطي في دماغك تصحيني، لازم أصحى
نزلت هي من على الفراش سريعًا و هي تقول:
-خمسة و الأكل يبقى جاهز، أعبال ما تكون إنت غسلت وشك
ثم خرجت من الغرفة، فنزل من على الفراش و هو يتحسر على نومه الذي قل في الآونة الأخيرة، لكنه لم يذهب للحمام الذي في غرفته بل خرج من الغرفة ذاهبًا في نفس المسار الذي سارت منه منذ قليل.. ليقف في النهاية على عتبة المطبخ يرقبها و هي تحضر الطعام، لكنها لم تكن وحدها، كان هناك طفلة صغيرة تقف على كرسيٍ صغير و تغسل بعض حبات الطماطم بجانبها، و طفلٌ آخر مشابهٌ لتلك الطفلة كثيرًا يضع الأطباق على الطاولة..
ابتسم عفويًا و قد كُتفت يداه و هو ينظر لهما بتلك النظرة الحانية، تلك النظرة التي تقول.. هذه مملكتي الخاصة لا أحد يقترب.
-أبي!
انتبه هو لطفله الذي يقف على مقربةٍ منه، فانحنى قليلاً ليصبح بمستواه، ثم حمله قائلاً بمرح:
-بتساعدوا أمكم؟
أومأ الطفل رأسه مبتسمًا، فقبل وجنته قائلاً برفق:
-طب يلا انزل معطلكش أنا روح ساعدها
ثم أنزله فركض الطفل إلى حيث كان بينما كانت الفتاة قد انتبهت لوجوده فأنزلتها جويرية لتذهب إليه، بينما هو قد سار نحوهما و حملها هي الأخرى قائلاً و هو يتظاهر بالجدية:
-شكلها تعبتكم معاها صح؟
هزت الفتاة رأسها معترضة و هي تجيبه:
-لأ يا أبي، أمي بتقول مش تعملوا كتير عشان مش تتعبوا، بس أنا بحب أعمل
-و أنا كمان
قالها الصغير و هو يتقدم نحوهم، بينما نظرت له جويرية بتشفٍ و هي تكتف يداها
-إمممم يعني كلكم ضدي ماشي
ابتسمت له زوجته بهدوءٍ و هي تمسك بإحدى أطباق الطعام، و من ثم أجابته بروية:
-أبدًا يا حبيبي مين قال كدة؟
ثم وضعت الطبق في يديه و هو ينظر لها بدهشة لتتابع هي بعدها بجدية:
-يلا ودي الطبق دة هناك و تعالى خد التاني
رفع حاجباه باستنكار، بينما ضحك الطفلان معًا، فأنزل هو صغيرته، و تحدث بغيظ:
-يومٌ لك و يومٌ عليك!
ثم ذهب و وضع الطبق على الطاولة، و جلس متذمر الوجه، فأمسكت هي بيدي طفليها، و ذهبت نحوه بابتسامتها المعهودة، و حين وقفت أمامه نظرت لطفليها و قالت بجدية:
-أُثيلة، أَثال، إحنا زعلنا أبي ينفع كدة؟
رفع هو حاجباه ساخرًا، في حين بادلها التوأمان نظرةً هزلية، فتابعت بهدوء:
-أنا هصالحه الأول و بعدين دوركم..
ثم دنت منه و قبلت خده هامسة في أذنه برفق:
-عملالك مفاجأة النهاردة
نظر لها باسمًا و سألها بحماسٍ مفاجئ:
-مفاجأة إية؟
ابتسمت له و لم تجبه بل حركت رأسها نافيةً و نظرت لطفليها قائلة:
-يلا دوركم
هجم عليه الطفلين قبل أن تنهي هي حديثها حتى، ففتح هو ذراعاه لهما و احتضنها و هو يضحك مردفًا بـ:
-طيب طيب حيلكم!
قبلته أُثيلة في خده الأيمن و فعل أَثال في خده الأيسر، فضمهما هو إليه و قبل كل واحد منهما في رأسه، ثم أنزلهما و قد تعلقت عيناه بتلك المبتسمة خلفهما ترمقهم بنظراتٍ لو وزع دفؤها على الأرض لما انتهت، أحيانًا كان يسأل نفسه من أين لها بهذه النظرة الحنون؟ يكاد يُقسم أنه قد شعر بحنو تلك النظرات مُذ رآها أول مرة، حتى خلف كل ذاك الجليد كانت نظراتها الحانية تطفوا في بحور عينيها..
-صُهيب!
انتبه لها تناديه، فأجاب بهدوء:
-نعم؟
نظرت للطعام و تحدثت:
-الأكل هيبرد..
ثم أمسكت رغيفًا و قدمته إليه متابعةً:
-يلا كُل
أخذ الرغيف منها، و بدأ يتناول طعامه بعد أن ذكر الله تعالى و اختصه بالشكر..
أنت تقرأ
عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزق
Romanceزداد صوت الصراخ والعويل فى ارجاء القصر ، حتى صار الصوت أشبه بصوت مذبحه دامية ... من إحدى الغرف كان شق باب يظهر منه عينان صغيرتان تشاهد كل ما يجدث برعب .. صرخت تلك السيده التى كانت مسجاه على الأرض وبدأت تحاول الزحف حتى تصل الى الرجل الذى كان يتجمع حو...
