تسير الأيام بهدوء، لا يحدث ما هو جديد، فهي غالبًا ما تتخذ غرفتها ملجأً تنزوي فيه حتى الشروق، ثم تخرج قليلاً للحديقة وتعود مرة أخرى للغرفة بعد ما يقرب من ساعة أو اثنتان.
يئس براء أن تعود كما كانت فقد أصبحت محبة للعزلة والإنطواء أكثر، وإضطر لتركها ليتابع عمله ثم يعود ليرها في المساء. أما هو فلم ييأس، فبالرغم من عزلتها وإبتعادها عنه أغلب الوقت كان يراها دائمًا، أو بمعنًا أصح يستمر بإزعاجها كل الوقت، فبمجرد أن تذهب للحديقة صباحًا، كان يراقبها حتى تعود، ثم يطرق الباب ويزعجها بالفطور أو أي شيءٍ آخر، كأن يجعلها تفتح الباب ثم يقول أنه نسي لما جاء من الأصل، ولا يغادر إلا بعد نصف ساعة يقضيها بإزعاجها. الغريب على الرغم من أنه بدأ يفهمها بشكل أوضح لكنه لم يصل لإجابة يومًا عما يفكر فيه. فلما تسمح له بالبقاء معها، ولما لم تفاتحه حتى الآن بالإنفصال؟ لقد توقع منها أن تفاتحه فيه على الأقل، لكنها لم تفعل، كانت تتركه يتحدث معها وتجيبه على غير عادتها. هذا غير أنها تكون على علمٍ قبل أن تفتح الباب أنه لا يريد شيئًا محددًا!
واليوم قرر أن يكسر قاعدة أن تأكل وحدها، فهاهو يحضر الطعام إلى الحديقة، وهي لا تشعر به، أو تصطنع هذا.
كانت مغلقة العينين، مستندة على الشجرة التي اعتادت الجلوس تحتها. ووضع هو الصينية بهدوء قبل أن يخرجها منها ويضعها على الملاءة البيضاء التي وضعها.
اعتاد هو منها على ذلك، على تجاهل ما حولها، لكن اليوم هي لم تحزر.
-جويرية!
فتحت عينها حينها، ثم انتبهت لما وضُع أمامها، وضيقت عينيها متسائلة:
-إيه دة؟
أجاب بهدوء:
-عادي عاوز أفطر هنا، فيه مشكلة؟
أعادت إغماض عينها من جديد وهي ترد عليه ببرود:
-يبقى بلاش تندهلي تاني
-أكيد لو قولتلك تعالي كلي هتقوليلي شبعانة!
-أها
-طيب تعالي كلي
فتحت عينيها ناظرة له لثونٍ قبل أن تبتسم بدون قصد منها، ثم أجابته بهدوء:
-طب ما أنت عارف الإجابة!
إصطنع عدم الإكتراث وهو يتناول قطعة من التفاح:
-أمممم عادي يمكن تغيري رأيك!
لم تختفِ إبتسامتها وهي تجيبه:
-لأ، أنا عاوزة شاي بس
أحضر ابريق الشاي أمامها، ووضع السكر أمامها، فوضعت هي ملعقتين من السكر وهي شاردة الذهن، ثم صبت الشاي عليه، وقلبته. وكان هو ينظر لها بإهتمام، وبمجرد أن ارتشفت منه، أغمضت عينيها بعنف وتساءلت باشمئزاز:
-إيه دة؟
نظر هو للسكر وإبتسم، ثم اتسعت إبتسامته أكثر حينما قال متشفيًا:
-إيه دة يا جويرية حد يغلط ويحط ملح بدل السكر؟
نظرت له بغضب وتحدثت بهدوء قدر المستطاع:
-إنت اللي إدتهو..
حين رأت إبتسامته تذكرت كوب النعناع الشهي الذي أعدته له، فتحول الغضب فجأة إلى ذهول، ثم سألته:
-دة إنتقام مثلاً؟
بدى عليه الهدوء الشديد وهو يجيبها:
-مثلاً
أومأت رأسها بهدوء ولم تعقب، زفر بانزعاج من تلك الطريقة الجافة. فلأول مرة في حياته يعامله أحدٌ هكذا، ومع ذلك يصر على الحديث معها.
سألها مجددًا بضيق:
-بطلي تتعاملي معايا كدة إحنا داخلين على أكتر من عشرين يوم وإنتي بالحالة دي!
سألته ببساطة:
-حالة إيه؟
أجابها وهو ينظر في عينيها بعمق:
-تتجاهلي كل الناس، وكلامهم، تفضلي قاعدة لوحدك، ردود فعلك فيها فتور غير طبيعي!
فاجأته بردها الهادئ:
-جربت تبص لنفسك قبل ما تبصلي!
أنت تقرأ
عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزق
Romanceزداد صوت الصراخ والعويل فى ارجاء القصر ، حتى صار الصوت أشبه بصوت مذبحه دامية ... من إحدى الغرف كان شق باب يظهر منه عينان صغيرتان تشاهد كل ما يجدث برعب .. صرخت تلك السيده التى كانت مسجاه على الأرض وبدأت تحاول الزحف حتى تصل الى الرجل الذى كان يتجمع حو...