الفصل الأول
على غير المتوقع والمعتاد في مثل تلك النوعية من الحفلات عالية التنظيم، رفضت الخروج للسير على الممر الرخامي ضمن باقي العارضات المستعدات لأداء عرضهن المميز قبل أن تتلقى باقي أجرها وكاملاً، مدت "آسيا" يدها نحو الراعي الرسمي لذلك الحفل وهي ترفع رأسها للأعلى في إباء وكبرياء واضح، تأملها الأخير بنظرات مطولة دارسة لكل تفصيلة في وجهها المتوهج بمساحيق التجميل التي ضاعفت من جمالها ومن إشراقها المغري، أخفض أعينه ليتابع تأمل جسدها المثير الذي بدا منحوتًا كالتماثيل الإغريقية من أسفل ثوبها الأسود، ناولها الشيك النقدي قائلاً:
-وماله، تستاهلي!
ردت عليه بقسوة وهي تنظر له باستعلاء من عينيها الفيروزتين:
-حقي!
اختطفت منه الشيك بإصبعيها ثم رفعته نصب عينيها لتقرأ ما دونه فيه من أرقام خيالية، التوى ثغرها بابتسامة صغيرة ساحرة شاعرة بالانتشاء لحصولها على مبتغاها، أبعدته عن أنظارها لتحدق في وجه الراعي مكملة حديثها معه ببرود:
-اعمل حسابك دي أخر مرة هاشتغل فيها هنا
رد محتجًا باندهاش صادم:
-مش معقول، ده احنا عندنا ديفيلهات تانية و....
قاطعته مشيرة بإصبعها:
-خلاص، كفاية عليا كده، أنا راجعة مصر!
رفعت يدها لتتلمس شعرها المعقود كعكة لتتأكد من تناسقه، ثم التفتت نحو المرأة متأملة مظهرها الفاتن بدلال يليق بها، تسمر الراعي في مكانه للحظاتٍ محاولاً استيعاب قرارها الصادم بترك كل شيء والسفر هكذا دون سابق إنذار، هتف متسائلاً وكأنه يفكر بصوتٍ مسموع:
-وتسيبي دبي، بلد الموضة والجمال؟
حدقت "آسيا" عبر النافذة الزجاجية - والتي كانت تحتل مكان الجدار بأكمله - في شكل المباني الشاهقة متأملة تصميمهم الإبداعي اللافت للأنظار، تنهدت بعمق لترد باقتضاب حاسم:
-أيوه
وقف خلفها يسألها بجدية عله ينجح في إقناعها بالعدول عن رأيها:
-طب ليه؟ كل طلباتك مجابة، وكل أوامرك بتتنفذ أول بأول، يعني...
التفتت برأسها للجانب قليلاً لتلمحه من طرف عينها لتقاطعه بعبوس:
-زهقت!
تحرك خطوة أخرى نحوها ليصبح في نفس مستواها، نظر لها بتوسل مقروء في عينيه وهو يستعطفها:
-طيب إيه رأيك لو نزلتي في سيزون الصيف، احنا لسه عندنا شغل كتير اليومين دول، وبصراحة مقدرش أستغنى عن واحدة زيك معروفة، اطلبي اللي إنتي عاوزاه، وأنا تحت أمرك
أنت تقرأ
المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅
Romanceعادت لتنتقم من الأقرب إليها كالغريب، فوجدته يقف أمامها كالحائط المنيع، لم يجمعهما سوى الكره العنيد، لكنها سرت في عروقه مثلما تجري الدماء في حبل الوريد المحترم البربري رواية اجتماعية بين قطبين شرسين #منال #منال_سالم