الفصل الثامن والثلاثون

58.1K 2.4K 312
                                    


فصل جديد استثنائي ....


الفصل الثامن والثلاثون

على غير عادتها شعرت بوعكة خفيفة في جسدها المرهق، تحاملت "نادية" على نفسها وجلست بغرفة المكتب مع زوجها لترتشف معه الشاي الساخن، ورغم ذلك لم تتبادل إلا حديثًا مقتضبًا، لاحظ "وحيد" ذبول وجهها فاقترب منها تاركًا ما في يده ليجلس بجوارها، مسد برفق على ذراعها متسائلاً باهتمام:

-إنتي كويسة يا حبيبتي؟

ردت مبتسمة:

-الحمدلله

سألها بجدية وهو يتفرس تعبيرات المتعبة:

-شكلك تعبان النهاردة، قومي ارتاحي فوق

حافظت على ابتسامتها الباهتة لتقول بلطفٍ:

-أنا كويسة يا "وحيد"، ماتقلقش عليا

أومأ برأسه باهتزازة خفيفة ثم أرجع ظهره للخلف مخرجًا من صدره تنهيدة مطولة، سألته "نادية" بفضولٍ:

-في إيه شاغل بالك؟

أجابها بضيقٍ:

-أنا قلقان من "معتصم" يا "نادية"، مكانش لازم نوافق على جوازهم، ممكن ده يخليهم يكرهوا بعض بزيادة، وخصوصًا إننا فاهمين الحقيقة

ردت عليه مبررة دعمها لتلك الزيجة رغم التناقضات المرئية للعيان:

-فكرك أنا دخل عليا الحركات اللي عملها وإنه بيحب "آسيا" والكلام إياه؟

ارتسم على ثغرها ابتسامة ساخرة قبل أن تتابع:

-لأ وإنها انتحرت بسبب حبهم وهاتموت عليه، ده "معتصم" ابني الكبير اللي ربيته وعارفاه وفهماه كويس!

ركز "وحيد" أنظاره معها فأكملت بحزنٍ ملموس في صوتها:

-هو عمره ما حب "آسيا" ولا كان بيطيقها، كل الحكاية إنه خايف إنها تاخد مكانها الطبيعي بعد ما كان كل حاجة في حياتي ويتحط على الرف، غيران من إني أعاملها أحسن منه وهو يتحرم من حبي وحنيتي، مع إنه غلطان في تفكيره ده، غلاوة "معتصم" من غلاوة "آسيا"، الاتنين ولادي، بس كرهه ليها كان باين في عينيه وفي تصرفاته

ارتفع حاجبه للأعلى كتعبير عن اندهاشه بإفصاحها عما خبأته في قلبها، بقيت تعبيراتها هادئة وهي تسترسل موضحة:

-أنا مش ناسية إنه مزرهاش في المستشفى لما كانت تعبانة، عملت نفسي مش واحدة بالي، ده طبعًا غير أسلوبه الناشف معاها رغم إنه بيتعامل بذوق جدًا مع كل البنات مهما كانت طبيعتهم، لكن هي لأ، دايمًا حاططها الند بتاعه، بيكرها من لا شيء، يا "وحيد" الأم بتحس بابنها، وأنا حافظة "معتصم" أكتر من نفسه، ده متربي على إيدي

المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن