فصل استثنائي قصير:
الفصل الخامس عشر
حلت الدهشة المصحوبة بالصدمة على تعابير وجهي كليهما، تبادلا الاثنان نظرات مذهولة عقب جملة "آسيا" الأخيرة والتي لم تكن تعني سوى الطرد الصريح دون أي تجميل أو تلطيف، فغرت "نادية" شفتيها في استياء حزين، وسلطت أعينها المليئة بعبرات الحسرة على وجهها القاسي، بينما احتقن وجه "معتصم" بدمائه الغاضبة ونظر بغل إليها، فهي لم تكن إلا إنسانة جاحدة بلا مشاعر مطلقًا تجربك على كرهها أضعافًا مضاعفة، التفت برأسه نحو "نادية" مشفقًا على حالها البائس، شعر بالعجز لكونه يقف بينها وبين ابنتها، تمالك أعصابه قبل أن تنفلت دفاعًا عن كرامتها المهدورة على يديها، ثم استدار نحو ابنتها قائلاً بجمود ومعاتبًا زوجة والده في نفس الوقت:
-مش دي اللي تستاهل تكون بنتك، يالا يا ماما من هنا!
أشارت له بنظرات متوسلة من بين عبراتها الحبيسة بأن يتوقف عن قول ذلك الحديث الموجع فهو لن يزيد إلا الطين بلة، لكنه قاوم ضعفه أمامها، ولف ذراعه حول كتفيها ليجبرها على التحرك مع خطواته، ظلت تقاومه رافضة الابتعاد، انتبهت "آسيا" إلى رنين هاتفها فركزت بصرها على شاشته لتجد اسم والدها يعلوه، أظلمت أعينها غضبًا منه، فهو الضلع الآخر المتسبب في خوضها لتلك المواجهات العدائية وزرع الكراهية الشديدة بداخلها، انحنت لتلتقطه ثم صاحت قائلة بنفس النبرة الخالية من الحياة متعمدة تجاهل حضورهما:
-اقفلوا الباب وراكوا
لم تنتظر لترى إن كانا سيبقيان أم لا، بل أولتهما ظهرها قاصدة تجاهلهما بوقاحة منقطعة النظير، اتجهت نحو الداخل لتجيب على اتصال أبيها لتفرغ فيه هو الآخر شحنة غضبها المتقدة بداخلها، كان "معتصم" على وشك الاندفاع نحوها والتشاجر معها من جديد، لكن أمسكت به "نادية" من ذراعه تتوسله وهي شبه متعلقة فيه:
-سبيها يا "معتصم"
رد عليها بغضب مكتوم من بين أسنانه المضغوطة بقوةٍ:
-إنتي مش شايفة بتعاملك إزاي يا ماما؟ اللي زي دي .....
قاطعته برجاءٍ أكبر وقد انسابت عبراتها المنكسرة:
-عشان خاطري أنا، من فضلك يا ابني
أجبرته نظراتها المحطمة على كتم ما يشعر به بداخله والسيطرة عن نوبة الهياج الوشيكة، زفر بإحباط جلي على قسمات وجهه المشدودة كاظمًا في نفسه ما يعتريه من دوافع تحفزه على الرد بشراسة على تلك القاسية الجاحدة.
...........................................
على الجانب الآخر، ولجت "آسيا" إلى داخل غرفتها واضعة الهاتف على أذنها لا تنتوي أي خير، كانت في حالة انفعال واضحة، عكست تعبيرات وجهها المحتقنة ذلك، ردت متسائلة بنبرة هجومية غير طبيعية وهي تدور حول نفسها بالغرفة:
أنت تقرأ
المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅
Romanceعادت لتنتقم من الأقرب إليها كالغريب، فوجدته يقف أمامها كالحائط المنيع، لم يجمعهما سوى الكره العنيد، لكنها سرت في عروقه مثلما تجري الدماء في حبل الوريد المحترم البربري رواية اجتماعية بين قطبين شرسين #منال #منال_سالم