الفصل الخامس والأربعون - الأخير - الجزء الثاني

69.8K 2.3K 327
                                    


الفصل الخامس والأربعون (الأخير - الجزء الثاني)

تجمد في مكانه ليفكر برويةٍ وعمق فيما انتوى على فعله، وبخطا ثابتة وحذرة غيَّر "معتصم" وجهته ليسير في اتجاه غرفته، ولج إلى الداخل ثم برفق شديد مدد "آسيا" على فراشه، عاد إلى الباب ليوصده بالمفتاح والتفت ليرمقها بنظرات مطولة، خلع سترته وأسندها بإهمال على المقعد، ثم انتزع رابطة عنقه وحل أزرار قميصه بالكامل، زفر بصوت مسموع ليهدئ من الحماس المشتعل بداخله، اقترب منها ثم جلس على طرف الفراش ممررًا أنظاره بتمعنٍ شديد على تفاصيل وجهها، رفع يده ليتلمس جبينها برفق ناعم، همس لها بصوتٍ عذبٍ اخترقها:

-"آسيا"!

تنبهت لصوته ففتحت عينيها على الفور لتجده يطالعها من ذلك القرب المُربك، زحفت بعيدًا عن حصاره المريب وهي تردد بتوترٍ:

-إنت!

ألقت نظرة خاطفة على تفاصيل المكان من حولها لتتأكد أنها ليست بغرفتها، زاد اضطرابها دقات وجهها وارتسم على ملامحها شبه المذعورة علامات القلق، سألته بنبرة مهتزة:

-أنا إيه اللي جابني هنا؟

أشار لها بيده محاولاً تهدئتها قبل أن تثير جلبة من لا شيء:

-"آسيا"، اسمعيني لو سمحتي

تحفزت حواسها لما سيحدث لاحقًا، استشعرت نية مبيتة لفعل ما تخشى التفكير في إمكانية حدوثه، رمقته بنظرات قلقة وهي تسأله:

-عاوز تقول إيه؟

دنا منها بحذرٍ، فهبت واقفة من على الفراش لتترك مسافة آمنة بينهما، توقف عن التقدم ليبث لها إحساس الثقة، منحها نظرات دافئة مليئة بالشغف ثم تابع موضحًا بخفوت:

-متخافيش مني يا "آسيا"، أنا غير أي حد

رفعت سبابتها نحو باب غرفته تأمره رغم ارتجاف صوتها:

-عاوزة أطلع من هنا

هز رأسه بالنفي وهو يرد عليها بهدوءٍ:

-مش هاينفع

شعرت بجفاف كبير يجتاح حلقها، فنظرات "معتصم" الغريبة نحوها تؤكد لها عزمه على تصعيد الأمور في علاقتهما، خفق قلبها بقوة حينما تابع:

-أنا عاوز أقرب أكتر منك، تعرفيني بجد وتفهميني

ردت محتجة بجمود زائف علها تنجح في التخلص منه:

-وده ماينفعش إلا في أوضتك؟

التوى ثغره قائلاً بابتسامة صغيرة:

-احنا متجوزين يا "آسيا"، طبيعي يبقى في أمور ومشاعر خاصة بينا

زاد يقينها بأنه سيتودد إليها بصورة حميمية، فمنذ ومتى وتلك المعاملة الرقيقة الراقية منه معها؟ حاولت المناص منه لتقول باعتراض واضح:

المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن