الفصل العاشر
دبت الحيوية في قلبه وتعالت دقاته الراقصة مع رؤيته لفتاة أحلامه تضحك برقة وسط صديقاتها، لم يكن يرى سوى "أية"، كانت كالهالة المضيئة في المكان تجذب أنظاره نحوها فقط دون غيرها من الشابات الجميلات، انتبه "مصطفى" لشروده بها مبتلعًا ريقه بتوتر، فقد خشي من افتضاح أمره مع رفيقيه وأبناء عمومتها، تصنع الجمود وسار ببطء حذر قاصدًا التلكؤ في خطواته كي لا يظهر في الصورة، لوحت "أية" بذراعها صائحة بسعادة فور أن وقعت أعينها على ثلاثتهم:
-"معتصم"، "نبيل"، د. "مصطفى" أنا هنا، تعالوا اقعدوا معانا شوية
لمجرد نطقها باسمه بين شفتيها شعر وكأنه ملك الدنيا وما فيها، ابتسم لها "مصطفى" بصفاءٍ مقاومًا ما يختلج صدره من مشاعر متأججة تود البوح بما يخفيه لها، رد "نبيل" مبتسمًا وهو يمرر نظراته على جميع الفتيات الجالسات بصحبتها:
-منورين يا بنات، إنتو هنا من بدري؟
أجابته "أية" بتنهيدة شبه مطولة:
-يعني .. شوية وهنمشي!
انقبض قلب "مصطفى" لمجرد ذكر كلمة الرحيل، هتف عفويًا وبلا تفكير:
-خليكوا قاعدين معانا، ولا إذا حضرت الشياطين؟
التفتت "أية" بأنظارها نحوه قائلة بنعومة:
-مش هاكسفك يا دكتور، علشان خاطرك بس
قاوم بصعوبة جلية تأثير نظراتها الدافئة عليه مستشعرًا سخونة حسية تضرب صدغيه وكامل جسده متحرجًا من طريقتها اللطيفة، لم يتوقع أن ينجذب نحوها بتلك الصورة، وأن مجرد الحديث معها بكلمات محدودة يمنحه شعورًا لا يضاهيه أي شعور، أضاف "مصطفى" قائلاً باقتضاب ومتجنبًا التحديق فيها كي لا تكشفه أعينه:
-شكرًا ده من ذوقك يا آنسة "أية"
ابتلع ريقه وحاول تركيز حواسه على شيء أخر لكن أسلوبها الودود استمر في تعذيبه نفسيًا وتشويق مشاعره نحوها، في حين لم ينتبه "معتصم" لتلك الأحاديث الجانبية، واكتفى بالمتابعة في صمت والرد باقتضاب على معظم الثرثرة الدائرة، كان في بعض الأحيان يوزع نظراته بين ممارسي لعبة (البولينج) وبين مطالعة الجالسين معه، زفر لأكثر من مرة بفتور وملل، فعقله المنهك من كثرة التفكير كان يبحث عن حل للكارثة الملاقاة على كتفيه والمسماة بـ "آسيا".
.............................................
أزاح تلك المياه العالقة بخصلات شعره الطويلة بكفيه وهو يمسده للخلف متلفتًا حوله وباحثًا عن تلك المثيرة التي دفع أموالاً طائلة من أجل التمتع معها بليلة لا تنسى، تجاهل "سامر" هتافات رفاقه التشجيعية مدققًا النظر في أوجه الفتيات القابعات في المسبح، عبست تعابيره وتجهم وجهه كثيرًا، دفع المحيطين به متجهًا نحو طرف المسبح وهو يغمغم بضيق:
أنت تقرأ
المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅
Dragosteعادت لتنتقم من الأقرب إليها كالغريب، فوجدته يقف أمامها كالحائط المنيع، لم يجمعهما سوى الكره العنيد، لكنها سرت في عروقه مثلما تجري الدماء في حبل الوريد المحترم البربري رواية اجتماعية بين قطبين شرسين #منال #منال_سالم