الفصل الثالث والأربعون - الجزء الثاني

67.5K 2.6K 253
                                    


الفصل الثالث والأربعون (الجزء الثاني)

احتقن وجهه وتخبطت أفكاره من ذلك الدعم غير المتوقع من "وحيد" وابنه لمنعه من استعادة ابنته، خرج "شرف الدين" من مكتب "معتصم" متوعدًا الاثنين باسترجاعها عما قريب، لن يكف عن المحاولة، سيكون كالشوكة في ظهريهما، بدت ملامح وجه "وحيد" مزعوجة على الأخير من خسته ودناءته، ألقى بثقل جسده على المقعد الجلدي ليقول بتبرمٍ شديد:

-بني آدم مستفز، معندوش ذرة أخلاق ولا تقدير لمشاعر الناس

تحرك "معتصم" بهدوء نحو مقعده بالرغم من تلك النظرات الشرسة الواضحة في وجهه، ربما هي مرته الثانية التي يلتقي فيها مع والد "آسيا"، لكنه بات متأكدًا من حاجتها الملحة للدفاع عن نفسها، فوجوده والعدم سواء، وحتمًا إن نشأت في ذلك المستنقع المليء بالقاذورات لابد أن تتأثر تربيتها بما فيه من موبقات مخجلة، عاد لينتبه لصوت والده المعلق:

-"نادية" كان عندها حق تدور عليها عشان تاخدها منه، واحد زي ده يؤتمن إزاي على بنته؟ أنا صحيح ماقبلتوش قبل كده بس فعلاً الكلام غير الواقع، ده أسوأ منه بكتير، ربنا يكون في عون "آسيا" إنها استحملته كل الفترة اللي فاتت!

حملق فيه بنظرات مطولة حملت في طياتها الندم، فهو من تسرع بالحكم سلفًا على "آسيا" موهمًا نفسه بأنها أيقونة الشر، ولم يخطر بباله أن تكون تصرفاتها نتاج ضغوطات أب كهذا، انتشله "وحيد" مجددًا من شروده ليحذره بجدية:

-خد بالك يا "معتصم" من "آسيا"، دلوقتي هي محتاجنا جمبها أكتر من أي وقت

رد عليه بهدوءٍ:

-ربنا يسهل

أكد عليه بنفس الصوت الجاد:

-هيسهل وكل حاجة، بس إنت دورك مهم في حياتها

حك مقدمة رأسه مخرجًا تنهيدة عميقة من صدره قبل أن يردف قائلاً:

-حاضر

هب والده واقفًا ليسأله باهتمام:

-هتفضل في المكتب ولا طالع برا

أجابه بتعبٍ انعكس على نبرته:

-يعني ورايا شوية ورق بأخلصهم، و"نبيل" في الموقع بيشوف العمال وطلباتهم، إنت راجع البيت؟

هز رأسه بالنفي قائلاً:

-لأ مش دلوقتي، محتاج أعمل كام مشوار ضروري قبل ما أروح

أشار له بيده متسائلاً:

-تمام، تحب أوصلك يا بابا للمكان اللي إنت عاوزه و...؟

اعترض عليه هاتفًا:

-لأ خليك في شغلك، وبلاش تتأخر برا على "آسيا"، احنا مش ضامنين البني آدم ده يعمل إيه في غيابنا

المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن