الفصل الأربعون

61.7K 2.2K 325
                                    


الفصل الأربعون

كان رأسها صلبًا وقرارها نافذًا عنيدًا نابعًا من إحساسها الداخلي، لم تكترث "آسيا" باعتراض والدتها أو زوجها على ابتعادها وتركها لهما، بل لم تعبأ من الأساس بكونها متزوجة من "معتصم"، اعتبر الأمر مجرد تصرف خاطئ يستوجب إصلاحه، حاول "وحيد" إثنائها عن رأيها قائلاً بجدية:

-تمام، ولحد ما ده يحصل إنتي هترجعي معانا يا "آسيا"، وكلامي مافهوش نقاش

احتجت عليه بعدائية:

-أنا محدش يؤمرني

خشيت "نادية" من اندلاع جذوة صدام جديد بين الاثنين فتدخلت قائلة بحذرٍ:

-هو قصده إنه طلب مش أمر

نفخت بصوت مسموع وهي تشيح بوجهها للجانب، استعطفتها والدتها آملة أن تستميل قلبها:

-طب ليه كده يا بنتي؟ احنا قصرنا معاكي في حاجة؟ أنا جايز أذنبت في حقك زي ما باباكي فهمك، بس أقسم بالله بأحاول أعوضك الفترة دي عن كل حاجة

مدت يدها لتتلمس كفها متابعة برجاءٍ:

-عشان خاطري ماتبعديش عني

سحبت "آسيا" يدها من أسفل كفها لترمقها بنظرة جامدة وهي ترد:

-كل واحد عارف هو عمل إيه

اكتست ملامحها بتعابير حزينة من قسوتها التي عادت على السطح في تعاملها معها، أخرجت تنهيدة موجعة من صدرها ونظرت بإحباط إلى زوجها، أضاف "وحيد" بهدوءٍ جاد:

-مش وقته يا "آسيا"، نتكلم في ده بعدين، المهم سلامتك دلوقتي

أكملت "نادية" قائلة:

-"معتصم" بيحبك يا بنتي، ده مستعد يضحي بحياته عشانك

تقوس فمها بابتسامة ساخطة مستنكرة لما قالته، استدارت نحوها لترمقها بنظراتها الحادة قبل أن ترد قائلة بتهكمٍ:

-ممكن أصدق أي حد يعمل كده إلا هو، فبلاش تقولي حاجة مش حقيقية

دافعت عنه "نادية" بحنوٍ:

-والله إنتي لما تشوفي شكله هتتأكدي من كلامي، بس إدي لنفسك فرصة

قست نظراتها معلقة بإصرار:

-حتى لو كان العاشق المتيم، فده مش هايغير قراري أبدًا، أنا ماشية!

يئست والدتها من إقناعها بشتى الطرق، أدركت في تلك اللحظة أن ابنتها قد عادت إلى شخصيتها القديمة حيث العناد والحدة والشراسة والجمود، لن يلين قلبها نحوها ولن ترق مشاعرها من أجلها، فكرت في تذكيرها بعدائية والدها ورغبته في استعادتها بعد أن رأت ردة فعلها الرافضة لوجوده، هتفت قائلة بخوفٍ:

المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن