الفصل الثامن عشر
ســار بخطوات شبه سريعة نسبيًا نحو الرواق المؤدي إلى غرفتها آملاً أن تصغي إلى توسلاته بشأن العدول عن قرار الشكوى في حق رفيقه "معتصم"، ضبط "مصطفى" من طرفي ياقة قميصه وهو يستدير نحو باب الغرفة، وقبل أن يدقه انتبه لصوت الممرضة الهاتف بتلهفٍ:
-د. "مصطفى"، تعالى بسرعة
تسمر في مكانه كالصنم، لكن تحركت رأسه في اتجاه الممرضة ليسألها بجدية:
-في إيه؟
أجابته بلا تردد:
-في حالة حرجة جت الطوارئ ومافيش حد متخصص يلحقها
تعقدت ملامحه مرددًا باستنكار شديد وهو يشير بيده:
-مستشفى طويلة عريضة زي دي ومافيهاش .....
قاطعته مبررة بصوت أقرب للهاث:
-الوقت متأخر يا دكتور، وأغلب الدكاترة سلموا ورديات والنبطشي الموجود مش عارف يتعامل مع الحالة المستعجلة دي!
أدرك "مصطفى" خطورة الوضع، نظر في ساعة يده ليجد بالفعل أن الوقت بات متأخرًا للغاية، ثم ألقى نظرة حائرة على باب الغرفة، كان الخيار الحاسم هو الذهاب لنجدة المريض الذي هو بحاجته الآن، تنهد قائلاً باستسلام:
-طيب، أنا جاي
ثم تمتم مع نفسه وهو يتحرك خلف الممرضة بخطوات راكضة:
-الظاهر مافيش فرصة أتكلم معاكي
تذكر أيضًا انتظار رفيقه بالجراج الملحق بالمشفى، فأخرج على عجالة هاتفه من جيبه، عبث بأزراره ثم وضعه على أذنه ليقول بعدها:
-ألوو، أيوه يا "معتصم"، معلش جتلي حالة طارئة فمش هاعرف أمشي، ارجع إنت البيت ماتستنانيش
أنهى معه المكالمة وواصل سيره نحو غرفة الطوارئ ليتعامل مع المريض الراقد هناك غير مدرك أن "آسيا" ليست بالغرفة، بل لم تعد بالمشفى من الأساس.
............................................................
حملق بشرود في الطريق المطل من شرفة غرفته وهو يعاود إشعال سيجارة جديدة، عاد "معتصم" للتدخين بشراهة مرة أخرى بعد أن أقلع عن تلك العادة السيئة، لكنه كان بحاجة للتنفيس عما يعتمر صدره من مشاعر مشتعلة، أراد إحراق شيء ما، أن يفرغ غضبه المكتوم بداخله، مل من القيادة بلا وجهة محددة لساعات للهروب من أسئلة "نادية" عن ابنتها الجاحدة، تلك الفتاة التي شغلت تفكيره بالكامل واستحوذت على عقله بعكس أي فتاة أخرى عرفها، بدت "آسيا" كالمخدر الذي ما إن يدمنه الشخص، يصعب عليه التعافي منه بسهولة، رجع إلى المنزل بعد أن قضى وقتًا طويلاً بالخارج، تسلل بحذر نحو غرفته وظل باقيًا بها حتى بزغ الفجر.
أنت تقرأ
المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅
Romanceعادت لتنتقم من الأقرب إليها كالغريب، فوجدته يقف أمامها كالحائط المنيع، لم يجمعهما سوى الكره العنيد، لكنها سرت في عروقه مثلما تجري الدماء في حبل الوريد المحترم البربري رواية اجتماعية بين قطبين شرسين #منال #منال_سالم