الفصل الثالث والثلاثون

63.9K 2.3K 449
                                    


الفصل الثالث والثلاثون:

نقلتها سيارة الإسعاف إلى المشفى الخاص ليتم وضعها فورًا بالعناية الفائقة بعد ذلك التدهور الحرج في حالتها الصحية، هاتف "وحيد" ابنه ليهرع الأخير على عجالة إلى المشفى ليطمئن عليها، ألقى نظرة سريعة على "آسيا" الجالسة في الزاوية في صمت حزين، ثم تجاهلها متجهًا إلى والده ليسأله مستفهمًا:

-إيه اللي حصل؟

أجابه "وحيد" بتجهم وقد اكتست تعابيره بعلامات اليأس:

-مامتك تعبت جامد بعد ما عرفت إن "آسيا" عاوزة تمشي

التفت عفويًا نحوها ليردد بترددٍ:

-هاه، هي كانت هتمشي

تساءلت "وحيد" مع نفسه بحيرة واضحة عليه:

-أنا مش فاهم بس إيه اللي خلاها تصمم على ده؟ ما كانت كل حاجة كويسة!

ضاقت نظراته نحو ابنه مخمنًا أن يكون له ضلع خفي في ذلك التصرف المفاجئ منها، سأله بحدةٍ رغم خفوت نبرته:

-إنت عملت في "آسيا" ايه؟

تنحنح قائلاً بحذرٍ وهو يتحاشى النظر نحوه:

-ولا حاجة

انضم إليهما "نبيل" الذي أتى هو الآخر فور أن علم بتعبها الشديد، حاول في البداية طمأنة "آسيا" وشد أزرها ثم تركها واتجه إلى عمه، تبادل معه حديثًا سريعًا قبل أن يوجه كلامه إلى "معتصم" قائلاً بلهجة شبه حادة:

-عاوزك في كلمتين على جمب

سار معه بعيدًا عن والده ليتمكن ابن عمه من الاستفسار عما حدث، سأله بجدية وهو يرمقه بنظراته الملتهبة:

-إنت ليك يد في اللي حصل لطنط؟

نظر له "معتصم" شزرًا قبل أن يرد ببرود:

-لأ طبعًا، ما أنا كنت معاك في الشغل

احتدت نظرات "نبيل" نحوه وهو يتابع بصوته الخافت لكنه كان جادًا للغاية:

-"معتصم" أنا مش هاسمحلك تجرح "آسيا" بكلمة، عمو قالي على اللي حصل في التليفون

حك طرف ذقنه مضيفًا بجفاء:

-ماليش فيه، هي حرة

أومأ برأسه محذرًا بجدية:

-ماشي، كويس إنك عارف إنها حرة، عشان هي هتبقى مراتي

رفع "معتصم" سبابته مصححًا:

-لحد دلوقتي لسه، لما يحصل يبقالك الكلام

رد عليه مؤكدًا:

-قريب إن شاء الله، وهاتشوف

ثم تركه واتجه إلى "آسيا" ليجلس بجوارها على المقعد، تبعته نظرات "معتصم" المغتاظة والمراقبة لتصرفاتهما سويًا، بدا كمن يجلس على موقد مشتعل من طريقة تودده إليها، صرف أنظاره بعيدًا عنهما لينشغل بالحديث مع أبيه، ورغم هذا بقي عقله يفكر فيها.

المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن