الفصل الحادي والعشرون
حذر العسكري "معتصم" من الاقتراب من "آسيا" وطلب منه الابتعاد عنها بعد أن لاحظ المشادة الكلامية بينهما، كان الأخير مضطرًا لتنفيذ أمره دون نقاش، رمقها بنظرة طويلة عدائية كارهة لها وهو يزيد من ضغطه على ذراعها، ثم بغضب مشحون بداخله دفعها للخلف فارتطمت بقسوة بالحائط، أصدرت أنينًا موجوعًا من أثر الصدمة فلولا وجود الحائط لكانت افترشت الأرضية بجسدها المستنزف معنويًا، نظرت له بأسف من بين دمعاتها الباكية، آه لو ترك لها الفرصة لتبوح بالحقيقة وتدافع عن نفسها لاختلفت حالتها كثيرًا! لكن هيهات هو مثل غيره صدق ما قيل عنها ببساطة ودون تفكير، أشار لها بسبابته هاتفًا بسخط:
-كلامي معاكي مخلصش لسه!
رد عليه العسكري وهو يدفعه للخلف:
-بعد إذنك شوية يا أستاذ
التفت برأسه لينظر له بأعينه المشتعلة دون أن ينبس بكلمة، كان محاميه على مقربة منه فناداه قائلاً:
-أستاذ "معتصم"، من فضلك تعالى شوية
عاود التحديق في وجه "آسيا" بكل معاني الازدراء هاتفًا بقليل من الحدة:
-حاضر!
ثم سار في اتجاه المحامي الذي أراد الانفراد معه ليبلغه بشيء مريب وغامض قد لاحظه، تابع "نبيل" الموقف بانزعاج، وعلى عكس ابن عمه ألمه أن يرى "آسيا" في ذلك الوضع المخزي، أشفق على حالتها واقترب منها ليؤازرها في مُصابها، استطرد قائلاً بحذرٍ كمحاولة بائسة منه لتلطيف الأجواء:
-أزمة وتعدي!
رفعت وجهها لتنظر نحو صاحب الصوت الغريب، بدت ملامحه مشابهة لـ "معتصم" رغم اختلاف الشخصيتين، ظل يتحدث بكلمات مدعمة لها وهي تتابعه في صمت غير مصدقة أنه يوجد بالفعل من يساندها، كانت بحاجة لمن يصغي لها، فهمست بيأسٍ:
-معملتش حاجة
بدا "نبيل" في حيرة من أمره، فطريقتها في الحديث معه تخالف ما يردده "معتصم" دومًا عن سوء أخلاقها ونواياها الخبيثة نحو عائلته، كانت منكسرة، محطمة، بقايا امرأة تكالب عليها الجميع، مد يده ليربت على كتفها قائلاً:
-المحامي موجود وهيتصرف، متقلقيش، كلنا معاكي
نظرت إلى يده الموضوعة على كتفها باستغراب، بينما تابع مؤكدًا:
-ممكن الموضوع يكون متفبرك، ساعات بتحصل!
انفرجت شفتاها كتعبير عن تفاجئها، لأول مرة تُعامل برفق من قبل شخص غريب عنها لا يريد منها شيئًا ولا يطمع في لمسة محرمة من جسدها، فقط أراد أن يشعرها بدعمه لها، أشفقت على نفسها، ذلك ما كانت تحتاج إليه حقًا، ابتسمت له بامتنان من بين بكائها المقهور، حرك "نبيل" رأسه في اتجاه "معتصم" ليضيف بعدها بارتباك طفيف:
أنت تقرأ
المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅
Romanceعادت لتنتقم من الأقرب إليها كالغريب، فوجدته يقف أمامها كالحائط المنيع، لم يجمعهما سوى الكره العنيد، لكنها سرت في عروقه مثلما تجري الدماء في حبل الوريد المحترم البربري رواية اجتماعية بين قطبين شرسين #منال #منال_سالم