الفصل السابع والثلاثون

60.7K 2.2K 306
                                    


فصل جديد استثنائي تعويضًا عن فترة التأجيل الماضية

الفصل السابع والثلاثون

رفعت يدها للأعلى لتحدق في خاتم الخطبة الذي يزين إصبعها بنظرات متعمقة، لم تشعر "آسيا" مطلقًا بالارتياح لتلك العلاقة التي فرضت عليها وارتضت بها بعد إلحاح شديد من والدتها فقط لتكشف نوايا "معتصم" الحقيقية نحوها، فكيف لامرأة أن تقبل بالزواج ممن يهددها بالاعتداء عليها بالضرب إن أخطأت أو فقدت أعصابها ذات يوم؟ استنكرت كذلك قسوته غير المبررة معها وكأنها قد أجرمت في حقه رغم كونها لم تؤذيه في شيء، أخرجت تنهيدة ثقيلة من صدرها، ثم أخفضت يدها لتميل برأسها المسنودة على الوسادة نحو هاتفها الذي بدأ بالرنين، التقطته من على الكومود لتجيب على "أية" التي أضاء اسمها على شاشته، ردت بصوت خفيض:

-أيوه

أتاها صوتها المتحمس وهي ترد:

-أنا عندي ليكي أخبار حلوة أوي

دست يدها في خصلات شعرها المبعثرة عابثة فيهم وهي تسألها:

-إيه هي؟

أجابتها بنفس النبرة المليئة بالحيوية والحماس:

-"سامر" مستعد يقابلك عشان يتعرف عليكي

شردت لوهلة لتتذكر حكاية "أية" العاطفية معه، ضربت مقدمة رأسها بظهر كفها كنوع من العتاب لنفسها، فقد تناست كليًا الاهتمام بمعرفة المزيد عن موضوعها بسبب انهماكها في عقد القران، ردت عليها بفتور بعد أن طال صمتها:

-طب كويس

تابعت "أية" مضيفة بجدية:

-شوفي إيه الميعاد اللي يناسبك وبلغيني بيه، بس بليز بسرعة

فركت "آسيا" جبينها بإصبعيها لتعلق بعدها عليها:

-تمام، هارتب أموري واكلمك

استطاعت أن تستمع إلى تنهيدتها بوضوح قبل أن تهمس لها بشغفٍ:

-أنا فرحانة أوي يا "آسيا"، حاسة إن ربنا هيكرمني قريب بإنسان بيحبني بجد

ردت عليها الأخيرة قائلة:

-إنتي تستاهلي كل خير

-مش هاعطلك بقى، باي

أنهت معها المكالمة لتلقي بالهاتف على الوسادة بجوار رأسها، حدقت في سقفية الغرفة متسائلة مع نفسها بحيرةٍ:

-يا ترى حكايتك إيه يا "سامر"، مش مستريحالك خالص!

.............................................................

استند بجسده على مقدمة سيارته متأملاً المشهد من أعلى سفح الجبل، أراد "معتصم" الاختلاء بنفسه ليفكر بتعمقٍ في طبيعة علاقته بـ "آسيا"، لم يتصور أن تأخذ الأمور ذلك المنحنى الغريب بالرغم من عدائيته لها، هو لجأ لاختلاق الأكاذيب والحيلة ليظهر أمام والده ووالدتها بأنه العاشق المتيم الذي وقع أسيرًا في حبائل حبها ليكشف ألاعيبها، ولكن عن أي ألاعيب يتحدث؟ لم يرها تفعل ما يشين منذ أن وطأت قدماها المنزل، كانت أغلب الوقت ماكثة في غرفتها، وحينما تخرج تكون بصحبة والدتها، حتى نشاطها لم تمارسه أو تبدي رغبتها في متابعته، اختلفت شخصيتها كليًا منذ حادثها الأخير والذي رفض أن يصدق فيه إصابتها بفقدان الذاكرة، فأي شخصية يمكن أن يصدق؛ "آسيا" المتنمرة الحانقة الحقودة، أم "آسيا" الجديدة التي تعيش في منزله؟

المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن