الفصل الخامس والثلاثون
أرق مضطجعها باقتحامه لغرفتها والبوح بعزمه على إتمام زواجه منها، استثار أعصابها بتهوره وبجراءته الزائدة معها وكأنه ملك زمام أمرها، تلفتت "آسيا" حولها باحثة عما تلقيه نحو "معتصم" كوسيلة لإفراغ شحنة غضبها منه، وقعت عيناها على مبرد الأظافر والمزهرية الصغيرة الموضوعة إلى جواره على الكومود فالتقطت الأخيرة بيدها وقذفتها في اتجاهه لتصطدم بمؤخرة رأسه، تألم من الضربة المباغتة واستدار نحوها يرمقها بنظراته الغاضبة، بادلته بنظرات متنمرة وهي تقف على ركبتيها على الفراش، أشارت له بيدها تحذره بشراسة:
-إياك تجي هنا تاني!
رد متحديًا بصوته المحتد وقد تبدلت قسماته للقسوة:
-إنتي متعرفنيش
انحنت لتأخذ مبرد الأظافر مستخدمة إياه كأداة حادة للدفاع عن نفسها، زحفت بركبتيها متراجعة على الفراش، نظر لها بنظرة تحمل السخرية، ثم أردف قائلاً بتهكمٍ وهو يومئ بعينيه:
-ده على أساس إنه هيحميكي، ارمي البتاع ده من إيدك!
حدجته بعينين ملتهبتين وهي ترد بوقاحة لتستفزه:
-بلاش أعلم عليك تاني
تحسس عفويًا جرحه الذي ضمده بمساعدة الصيدلي قبل ساعات متذكرًا هجومها عليه، استشاط من طريقة تحديقها الباردة به والتي أشارت إلى عدم تقديره لما يمكن أن يفعله معها إن خرج عن عقلانيته، ظلت محافظة على تلك النظرات المستفزة مما حفز دمائه على الاهتياج، كذلك ازدحم عقله بكل ما يخصها من أخبار يندى لها الجبين لتزيد من وهج غضبه، خرج "معتصم" عن عقلانيته وهدوئه الحذر ليندفع نحوها قاصدًا الإمساك بها، تملصت منه "آسيا" ببراعة قبل أن يطالها وركضت نحو باب الغرفة، لحق بها وجذبها من ذراعها ليستوقفها، التفتت نحوه قاصدة غرز المبرد في عضده، لكنه تمكن منها وقبض على رسغها وانتزعه قسرًا من بين أصابعها، شهقت بخوف، وقبل أن تصرخ لتفضح أمره كانت يده موضوعة على فمها، كممها جيدًا وألصق ظهرها بصدره، ثم استخدم ذراعه الآخر في تقييد رسغيها، اهتاجت "آسيا" من أسلوبه الطائش معها، تلوت بجسدها بكامل قوتها لتتخلص من قبضتيه، لكنه لم يحررها، مال على أذنها يهمس لها بوعيد:
-ده ليه حسابه
شعر بحركة خافتة خارج غرفتها وبصرير باب ما يُفتح، فتأهبت حواسه وشدد من قبضتيه عليها، تراجع بها للخلف مسندًا ظهره على الحائط ومجبرًا إياها على الالتصاق به والبقاء تحت رحمة حصاره، توترت نظراته وخفق قلبه بقوة مع رؤيته لمقبض الباب يتحرك، جزعت "آسيا" وتضاعفت حركتها مما حثه على استخدام قدراته العضلية في تثبيتها وتثبيط مقاومتها حتى لا تثير أي جلبة، لحظات مرت عليه كالدهر لكنها انتهت بسماعه لصوت خطوات الأقدام تبتعد، تنفس "معتصم" الصعداء وأرخى يديه عنها قليلاً، غمغمت بصوتها المكتوم بتذمر وكأنها تلعنه، عاد ليهمس لها:
أنت تقرأ
المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅
Romanceعادت لتنتقم من الأقرب إليها كالغريب، فوجدته يقف أمامها كالحائط المنيع، لم يجمعهما سوى الكره العنيد، لكنها سرت في عروقه مثلما تجري الدماء في حبل الوريد المحترم البربري رواية اجتماعية بين قطبين شرسين #منال #منال_سالم