الفصل الرابع والثلاثون
وضع يده على جرحه النازف متحملاً ذلك الألم الشديد الذي أصابه، لم يخطر بباله أن تتجرأ عليه هكذا، جمد "معتصم" نظراته الحانقة على "آسيا" التي وقفت عند باب غرفته لتتابع انتقامها الشرس منه، فكما صدق ما شاء عنها، هو أوقظ فيها نزعتها الحقودة لإلحاق الأذى بمن يتجرأ عليها، ستمنحه قسوة لا تنتهي لتدافع عن نفسها وترد اعتبارها طالما أصدر حكمه عليها واعتبرها فنانة تتقن التمثيل، إذًا ليستمتع بالعرض الذي ستقدمه الآن، رمقته بنظرة غامضة تحوي كرهًا مبررًا، ثم أردفت قائلة بنبرة ذات مغزى:
-شوف بقى التمثيل اللي بجد، واتعلم
قطب "معتصم" جبينه بشدة وقد بدت على قسماته التوتر الحائر، بعثرت "آسيا" خصلات شعرها فباتت غير مرتبة، واستخدمت أظافرها لتخربش بشرتها في عدة أماكن ثم أفسدت قميصها بمحاولة نزع أكمامه لتصرخ بعدها بصورة مفزعة:
-ابعد عني، إنت بتعمل إيه يا "معتصم"؟ حـــــرام عليك!
صُدم الأخير مما تفعله، وحدق فيها مدهوشًا بعينين متسعتين في ذهول، حاول تفسير ما تقوم به لكن صراخها الذي هز أركان المنزل جعله يرتبك ويرتعد من داخله، رمقته بنظرة انتقامية لا تعرف الشفقة ثم تراجعت للخلف لتقترب من الدرج، تابعت صراخها المذعور:
-الحقوني، ابعد عني!
اندفع نحوها بلا تفكير محاولاً إسكاتها، فهي ستتسبب في حدوث فضيحة له دون أي أساس من الصحة، انقض عليها مكممًا إياها من فمها ومحاوطًا لرأسها بذراعه الأخر، نظر لها بنظرات مشتعلة، كز على أسنانه هامسًا بغلٍ:
-إنتي اتجننتي، عاوزة تلبسيني مصيبة
أبدت "آسيا" مقاومة عنيفة وهي تدفعه من صدره بقبضتها وفي نفس الوقت تجتهد لانتزاع يده من على فمها بقبضتها الأخرى، خرجت الخادمة من المطبخ على إثر الصراخ المريب، رفعت بصرها للأعلى لتجد الاثنين متلاحمين بطريقة مثيرة للشك، للحظة توهمت أنه يحاول الاعتداء الجسدي عليها، بدا المشهد هكذا بالنسبة لها، تساءلت مع نفسها بقلقٍ وهي تتابع الموقف من الأسفل:
-هو بيعمل إيه معاها؟
التفتت برأسها للجانب حينما سمعت قرع الجرس، أسرعت بفتحه وهي توزع نظراتها بينه وبين "معتصم" و"آسيا"، تفاجأت بوصول "وحيد" وزوجته إلى منزلهما، رمقتها بنظرة قلقة مضطربة، سألها رب عملها باستغراب حينما رأى تعبيراتها المريبة:
-مالك؟
أجابته بارتباك جلي وقد تلعثم صوتها:
-أصل .. في ...
ولجت "نادية" من خلفه لتسألها أيضًا باهتمام:
-اكلمي على طول، في إيه؟
أنت تقرأ
المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅
Romanceعادت لتنتقم من الأقرب إليها كالغريب، فوجدته يقف أمامها كالحائط المنيع، لم يجمعهما سوى الكره العنيد، لكنها سرت في عروقه مثلما تجري الدماء في حبل الوريد المحترم البربري رواية اجتماعية بين قطبين شرسين #منال #منال_سالم