الفصل السابع
* بداية جديدة *
في صباح اليوم التالي ارتدى المشاكس الكبير ثيابه واستعد للقاء المشاكس الأخر
- ماشي يا سي فارس لما أشوف أخرتها معاك
قال جاسر كلماته في نفسه وشرد بشدة، لكن أعاده للواقع صوت طفلته
- برضو مش هتقولي رايح فين؟
- قولتلك عشر مرات هقولك لما ارجع يا زنانة
- طيب ما تقول دلوقتي وخلاص
- لا و لو ما سمعتيش الكلام مش هنزل وهعاقبك
- لا روح وبطل قلة أدب
- ههههه ما قولنا كده من الأول
ودع جاسر طفلته ثم غادر للقاء فارس، وما أن رأه أمامه سدد له عدة لكمات ثم تشبثت في ثيابه بعنف وتحدث بغضب
- أنت إنسان واطي ومريض
- اهدى يا جاسر
تدخل رفعت للفصل بينهما وسيطر بصعوبة على غضب جاسر
- لو قربت من مراتي همحيك من على وش الدنيا
- طيب ممكن تقعد علشان
قاطعه جاسر قائلاً : أنا مستحيل اقعد مع واحد زيك وصدقني ده أخر تحذير لأن الدنيا دي كلها كوم وسلمى كوم تاني
- طيب أقعد نتكلم وما تخافش على مراتك أنا مش هقربلها تاني لأني اتجوزت
صدم جاسر بشدة ورمق فارس بنظرة نارية تحمل تساؤل فأردف قائلاً
- أنا فرحي بكرة بس حبيت قبل ما أبدأ حياة جديدة، أقفل كل الصفحات القديمة، اقعد يا جاسر
جلس جاسر علي المقعد المقابل لفارس ولم يتفوه ولو بكلمة وانتظر التوضيح
- أنا عارف أنك مستحيل تسامحني بس كان لازم أقابلك وأتكلم معاك
- أنت عايز ايه دلوقتي؟
- عايز ننسي الماضي و نبدأ بداية جديدة، أنا قابلت ملاك قدر يتغلب على الشيطان اللي عايش جوايا، كنت فاكر أنك سرقت مني يارا لكن للأسف ملاكي قالي أني شيطان ومستحيل ست تفضل معايا
استمر الحديث بين جاسر وفارس ساعة كاملة هدأت خلالها الأمور وقل التوتر شيئاً فشيئاً
- أتمني تكون سامحتني
- ربنا يقدم اللي فيه الخير
-عارف المطعم ده كان هدية مني ليارا بس ملحقتش أقدمهولها
- ربنا يرحمها
- أحنا الأتنين مشتركين في حبها و كل واحد فينا بقاله حبيبة بس مكان يارا دايما موجود
- محدش بينسي حبه الأول
قالها جاسر ثم شرد في محبوبته الراحلة وشعر بغصة في قلبه حينما تذكر موتها بين أحضانه، ولاحظ فارس تبدل وجهه فعلم ما يفكر به وقرر تغيير مجرى الحديث
- هتيجي فرحي بكرة؟
- هتتجوز أزاي ووشك بقي خريطة ؟!
قالها المشاكس الكبير فابتسم المشاكس الأخر وهتف مازحاً
- البركة فيك و تكفيراً عن ذنبك هتيجي الفرح بكرة
- هحاول
- يبقي هتيجي
قضي جاسر برفقة فارس عدة ساعات و تبادل كل منهم الحديث عن أمجاده وكذلك ذكريات كل منهم مع الجميلة الراحلة
- تفتكر حبت مين فينا أكتر؟!
رفع جاسر أحد حاجبيه وهتف بشموخ : أنا طبعاً
- ههههه وإيه الثقة دي؟!
- أنا جاسر الهلالي
- وأنا فارس الكافي برضو
- ربنا يرحمه، أنا همشي و بجد مرتاح جداً لأنك اتغيرت
- بعتذر منك مرة تانية وياريت المقابلة تتكرر، أنا يشرفني أكسب صديق زيك
- أكيد مع الأيام اللي جوانا هيتغير
بادر جاسر بمصافحة فارس ثم غادر فجلس العاشق مرة أخري وهاتف ميسون
- وحشتيني
- وأنت كمان وحشتني
- هبعتلك رفعت حالاً
-مش هتيجي أنت ليه؟
- بلاش تشوفي الخريطة
قالها فارس مازحا فاندهشت ميسون قائلة : خريطة ايه؟!!!
- لا خليها مفاجأة
أشار العاشق إلى رفعت لكي يغادر وظل يثرثر مع طفلته حتى وصل إليها رفعت ثم أنهى المكالمة وعاد إلى الفيلا..... أبدل ثيابه وجاهد ليخفي آثار المعركة ولكن دون جدوى
**********************
بعد وقت ليس بالقليل وصلت الجميلة إلى المكان وأخذت تبحث عنه لكنها لم تجده فاستجمعت شجاعتها وصعدت إلى الغرفة، وما أن فتحت بابها، اتسعت ابتسامتها حينما رأت العاشق ساجداً في صلاته فسرت أنواع عديدة من السعادة داخل أوردتها وجلست على المقعد في انتظاره.... وما أن فرغ من الصلاة استغفر ربه وطلب منه السماح معلناً توبته ثم ذهب إلى طفلته وجلس راكعا أمامها فتعالت شهقاتها
- ايه ده؟!!!!!!
قالتها الجميلة ثم أخذت تتحسس وجهه بأناملها فتأوه كمشاكسة لها فهتفت برقة
- آسفة معلش
- يلا صلحي غلطتك وهاتي بوسة
- أنت قليل الأدب
انفجر فارس ضاحكاً فاصطنعت الجميلة الغضب لتبادله المشاكسة
- لا مقدرش علي زعلك وهصالحك أنا وأصلح غلطتي
- بطل هزار وقولي مين عمل فيك كده ؟!
نهض فارس عن الأرض وجلس إلى جوارها ثم بدأ يقص عليها ما حدث
******************
في ذات الوقت كان يدور حواراً أخر في منزل جاسر
- قولتلي الصبح هقولك لما أرجع، أتفضل قول ؟!
- طيب وغضبانة ليه ؟!
- مش غضبانة بس عايزة اعرف
اقترب منها ثم أحاط خصرها بذراعه وقربها بشدة إلى صدره قائلاً بمشاكسة
- طيب مفيش رشوة كده ولا كده ؟!
- لا احكي الأول
- اوامرك يا سيادة اللواء
بدأ جاسر يقص على طفلته كل ما حدث هو الأخر
****************
في تلك اللحظة انتهى فارس من سرد ما حدث فاتسعت ابتسامة ميسون وألقت بجسدها في صدره فحاوطها بكلتا يديه وشدد في احتضانها
- أنا فرحانة بيك وفخورة أنك قفلت الماضي
ابتعدت ميسون قليلا فتمسك بها فارس ونظر في عينيها ثم هتف بحنان
- أنتي اللي غيرتيني وعايز أبدأ معاكي بداية جديدة، أنا أتولدت من يوم ما قابلت عيونك وكل اللي يرضيكي هعمله بس خليكي في قلبي دايما وأوعي تبعدي عني
- وعد مش هبعد عنك بس أوعدني أنت كمان ما تزعلنيش أبداً
- طيب ممكن أعمل حاجة الأول وبعدها أوعدك
حركت الجميلة رأسها كإشارة بالموافقة فاقترب العاشق من شفتيها واقتطف قبلة ساحرة ثم ابتعد عنها ونظر في عينيها
- وعد
في ذات اللحظة انتهى جاسر من سرد ما حدث فصدمت سلمى بشدة
-كده يا جاسر قعدت تحكيله ذكرياتك مع يارا
قالتها سلمى بغضب ناتج عن غيرة فاندهش هو الأخر وهتف بغيظ
- كل اللي حكيته ده و اللي همك كلامنا عن يارا!!! أقسم بالله هبله
تركت سلمى مقعدها فابتسم المشاكس على فعلتها ولحق بها قبل أن تدلف إلى الغرفة ثم حملها ووضعها برفق على الفراش
- كده تجري و أنتي حامل ؟
- بس بقى أنا زعلانة منك
-بس أنا ما عملتش حاجة يا سيادة اللواء ، هو اللي جرجرني في الكلام و بعدين أنتي اللي في حضني ، بطلي دلع بقى وقوليلي نروح ولا نبعتله هدية وخلاص؟!!
- أنت مصدقه أصلا ؟!!
فرك جاسر جبينه بأنامله ثم تنهد براحة وهتف بجدية
- بصراحة في الأول لا بس لما بدأ يتكلم أكتر حسيت أنه فعلا متغير، قولتي ايه نروح ولا ؟!
- أمبارح فرح ملك وبكرة فرح تاني وقريبا فرح بابا سعيد، الأفراح كترت أوي
- ههههه لو غيرانة أعملك فرح تاني
- لا مش عايزة بس ممكن نروح بكرة نتفرج وكمان نقفل الماضي
- عندك حق الماضي لازم يتقفل بكل ذكرياته
ضم جاسر طفلته إلى صدره و هو يشعر بارتياح
*****************
مر ما بقى من اليوم في تجهيزات العرس واختارت ميسون فستان زفاف ساحر وساعدها العاشق في شراء كل ما تحتاج إليه.... وفي المساء أعادها إلى فيلا شريف
- أخر مرة أوصلك هنا من بكرة هحبسك عندي
- و أنا موافقة تحبسني عندك طول العمر بس ما ترجعش تشتكي
- أنا عمري ما أشتكي منك
اقتربت منه وطبعت قبلة على وجنته ثم ترجلت من السيارة.... ابتسم على براءتها ثم انطلق بالسيارة
*******************
في صباح اليوم التالي استيقظ فارس والسعادة تملأ قلبه، وما أن فرغ من صلاته، انتبه إلى صوت رنين هاتفه فزفر بضيق حينما رأى اسم المتصل "صوفيا"
- أفندم
- رح تتزوچها عن چد ؟!
- عندك مانع
- ايه عندي، أنت الي وبس
- أنا عمري ما وعدتك بالجوار وياريت بلاش تتصلي بيا تاني لأني مش هسمحلك تدخلي حياتي الجديدة
شرعت صوفيا أن تجيبه لكنه سبقها فارس وأنهى المكالمة فتوعدت له
*********************
في المساء ذلك وقف فارس بحلته البيضاء في انتظار عروسه، ولم تمض سوى دقيقة واحدة حتى رآها تقترب منه بفستان أبيض ذو ذيل طويل فكانت لها طله كلاسيكية أرق من قطرات الندى، اقترب منها وطبع قبلة على مقدمة رأسها ثم هتف في أذنها
- أنا عمري ما كنت سعيد قد النهارده يا ملاكي
ابتعد عنها وأخذ يتأمل لمعان عينيها فقد رأى السعادة التي تنتظره داخلهما..... تأبطت الجميلة ذراعه و دلفا سويا إلي قاعة العرس، كانت أجواء ساحرة وتعددت قبلاته لها وشاركها الرقص ولم يتركها ولو للحظة متناسياً كل من يحيط بيهم فهو عاشق لتلك الجميلة ولا ترى عيناه سواها، وزادت سعادته عندما شاركه جاسر الفرحة
- مبروك
- الله يبارك فيك ، متشكر أنك جيت
- مبروك يا عروسة
قالتها سلمى فابتسمت لها ميسون ثم هتفت برقة
- الله يبارك فيكي، أنا مبسوطة أوي علشان سامحتوا فارس
- إحنا اللي لازم نشكرك علشان خلصتينا من غتاته
قالها جاسر مازحاً فانفجروا جميعاً ضاحكين
**********************
انتهت السهرة وعادت الجميلة إلى الفيلا.... ما أن ترجلت من السيارة ركض إليها رعد ورفع يده ليصافحها فابتسمت له واقتربت من الأرض ثم ضمته إلى صدرها فاصطنع فارس الغضب
- أنا هولع في رعد على فكرة
- لا ملكش دعوة بيه ده حبيبي
- خيانة في يوم فرحي
- ههههههه دي خيانة مشروعة
- بعد أذنك يا أستاذ رعد هأخد عروستي
فاجأها فارس وحملها بكلتا يديه فشعرت بالخوف وارتبكت بشدة لكنه لم يهتم وصعد بها إلى الغرفة، وما أن حررها، ابتعدت عنه قدر المستطاع
- فارس اطلع بره
- هههههه حاضر بس ممكن أقرب منك شوية؟
- لا مش ممكن
- طيب بصي والله العظيم ما هعمل حاجة، ممكن أقرب شوية بقى؟
حركت رأسها كإشارة بنعم فاقترب منها بخطوات هادئة حتى لا يزيد خوفها
- ممكن تقعدي وأقعد جمبك علشان عايز أقولك حاجة؟
جلست الجميلة على حافة الفراش فجلس العاشق على مقربةٍ منها ونظر في عينيها
- أنا عارف أنك مش متعودة عليا علشان كده أوعدك أني مش هقربلك غير لما تحسي أنك عايزة وخدي الوقت اللي تحتاجيه أتفقنا
- أتفقنا
- تسمحيلي أقدملك هدية جوازنا؟
حركت رأسها مرة أخرى بالموافقة فابتعد عنها قليلاً ثم عاد حاملاً تذاكر طيران ومجموعة من الأوراق
- بصي يا قمر، أنا دخلتك شريكة معايا في الشركة بالنص ولو عايزة النص التاني اكتبهولك برموش عينيا
اتسعت ابتسامة الجميلة وهتفت بعشق : تسلملي عيونك ورموشهم
- لا لمي الدور يا بنت الناس بدل ما أنسى الوعد واتهور
رفعت ميسون أحد حاجبيها وهتفت بجدية : احترم نفسك
- هههههههه حاضر، و الله و اتهزقت على أخر الزمن يا فارس يا حفيد الكافي
- هههههههه بطل بقى وقولي الهدية التانية
- جهزتلك شهر عسل و هنسافر بكرة بالليل السعودية نعمل عمرة وبعدين هنروح ألمانيا
ما أن أنهى فارس كلماته اقتربت منه ووضعت يدها على وجنته ثم أطالت النظر في عينيه
- فرحتي بيك دلوقتي اكتر من فرحتي بجوازنا، هصلي وأحمد ربنا انه هداك وبجد أنا بحبك اوي
أزال فارس يدها عن وجنته ثم طبع على باطنها قبلة عميقة وهتف بعشق
- ربنا يخليكي ليا، أنا هعيش عمري كله أحمد ربنا عليكي، ممكن تنامي في حضني النهاردة وهنام بأدب
- موافقة ؟
بعد دقائق قليلة ضمها فارس إلى صدره و ما أن غفت الجميلة بين أحضانه شعر بالطمأنينة تسري في قلبه فشدد في احتضانها وتأكد لديه الشعور بأن حياته معها أصبحت بداية جديدة
أنت تقرأ
استسلام فارس - منى سليمان (الجزء الثالث لسلسلة نهاية وعد)
Romantikيقولون لكل شيطان قلب لا ينبض، لكن أيعقل أن يأتي ملاك ليحيي قلب شيطان؟ رواية استسلام فارس - الجزء الثالث لسلسلة نهاية وعد بقلمي منى سليمان ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة المصرية دائرة حقوق المؤلف...