استسلام فارس - الفصل العاشر - بقلمي منى سليمان

15.9K 370 7
                                    

الفصل العاشر
* دموع ميسون *

بعد مرور عدة دقائق أوقف سيارته داخل أسوار قصر الكافي فترجلت الباكية وركضت إلى غرفتها وأغلقت بابها بالمفتاح ثم ألقت بجسدها على الفراش وازداد بكائها..... طرق فارس بابها علها تجيبه ولكن دون جدوى، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى دلف إلى الغرفة عبر الشرفة الملحقة بالغرفة المجاورة ثم وقف أمام طفلته قائلاً بحنان

- ميسون

نظرت إليه بعينيّ أغرقتها الدموع فشعر بالأسى على حالها... اقترب منها وجلس إلى جوارها ثم جذبها لتختبئ داخل صدره

- علشان خاطري كفاية وقوليلي زعلانه ليه
- علشان خوفت عليها وما سبتنيش أضربها وكمان نطقت اسمها

اندهش فارس بشدة حينما علم سبب بكائها فقد اعتقد أنه ناتج عن الغيرة، ولكن أتضح أنه ناتج عن الجنون.... فأبعدها عنه وأزال أثر الدموع عن وجنتيها

- أنا ما سبتكيش تضربيها علشان هنا ممكن ترفع عليكي دعوة، لما نرجع مصر هجيبهالك تضربيها براحتك

قالها مازحاً فاختلطت دموعها بابتسامة ساحرة تسرق القلوب، فكيف لقلب العاشق الذي يجلس إلى جوارها أن يتمل ابتسامتها، لم يشعر بنفسه إلا وهو يمطرها بقبلات متفرقة بدأ بعينيها ثم انتقل إلى وجنتيها وانتهى بشفتيها... لم تعترض كما اعتاد منها واستسلمت لقبلاته وبادلته العديد منها بعشق، ولكن بعد مرور عدة دقائق ابتعدت عنه وجلست تبكي على حافة الفراش وهي تدثر جسدها بالغطاء، اندهش بشدة وارتدى ثيابه ثم ذهب إليها وجلس أمامها راكعاً

- أنا عملت حاجة ضايقتك؟

حركت رأسها كإشارة بالنفي فازداد اندهاشه وأردف قائلاً: أنتي خايفة؟

حركت رأسها مرة أخرى كإشارة بنعم فاستطرد هو قائلاً : مني؟!!

- خايفة تاخد اللي أنت عايزه وترميني زي ما هي قالت

قالتها وهي تبكي بغزارة وبدأت دموعها تتساقط على يديه الممسكة بيديها فشعر بالضيق لأنه سبب لها هذا الألم ... حاول تهدئتها بكل الطرق، لكنها ظلت على تلك الحالة حتى غفت بين أحضانه كطفلة صغيرة بكت وبكت حتى غفت بين أحضان من أغضبها.... أراح جسدها على الفراش ثم جلس إلى جوارها واضعاً يده على وجنته ويفكر في طريقة تنسيها الخوف

***********************
عادت صوفيا إلى المنزل وهي تترنح يميناً ويساراً وتغني بأعلى طبقات صوتها


- أشششش هلا بايك بيفيق

قالها فادي ثم جذبها من ذراعها قبل أن تتعثر في الدرج، لكنها أحاطت عنقه بيديها وهتفت بوقاحة

- تعا معي عالغرفة
- صوفيا أصحي عا حالك
- صحيانه فادي، بس بدي إياك تضل وتنسيني فارس
- وبايك؟!!
- عادي ما رح يقول شي، هتضل معي؟
- رح ضل وأمري لالله

قالها ثم مضى معها فتعثرت قدمها عدة مرات، فما كان منه إلا أنه حملها وصعد بها إلى غرفتها

**********************
في صباح اليوم التالي تململت ميسون في فراشها ثم فتحت عينيها حينما شعرت بعدم وجود فارس إلى جوارها.... أعتدلت في جلستها وهبطت دمعة من عينها اعتقاداً منها أنه تركها وغادر بعدما فعلته مساء أمس...
ظلت تبكي وتبكي حتى قاطعها دخوله إلى الغرفة حاملاً صينيه الطعام، وما أن رآها بتلك الحالة اندهش بشدة ثم وضع الصينية على المنضدة وذهب إليها فسبقته وألقت بجسدها في صدره وتشبثت بثايه

- بتعيطي ليه؟!!
- أفتكرتك سبتني ومشيت

ما أن وصلت كلماتها إلى مسامعه، ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيه ثم أبعدها عنه ونظر في عينيها قائلاً

- للدرجة دي بتحبيني وعايزاني جمبك؟
- طبعاً بحبك
- وأنا بعشق التراب اللي بتمشي عليه

مسحت دموعها بكلتا يديها ثم اقتربت منه وطبعت قبلة رقيقة على وجنته فغمز لها بمشاكسة ثم هتف مازحاً

- أنا بقول تلمي الدور بدل ما أتهور وتعيطي زي أمبارح

رفعت أحد حاجبيها واصطنعت الغضب ثم وكزته في كتفه فتأوه كمشاكسة لها، لكنها لم تهتم وضيقت بين حاجبيها فغمز لها مرة أخرى قائلاً بحنان وصوت دافئ

- مقدرش على زعلك وهصالحك حالاً

ابتسمت له فبادلها بقبلة رقيقة على مقدمة رأسها، وما أن ابتعد عنها استجمعت شجاعتها وهتفت بخجل

- أنت مش زعلان مني؟
- طبعاً زعلان بس من نفسي مش منك، أنتي فجأة لقيتي نفسك متجوزه شيطان فليكي حق تخافي مني

قالها بصوت حزين فعضت ميسون على شفاها السفلى حينما شعرت بأنها أغضبته، لكنه اقترب منها وحرر شفاها الأسيرة وأردف قائلاً

- أنا هفضل معاكي مهما حصل، فاهمة؟


حركت رأسها كإشارة بالموافقة فشعر هو بالسعادة حينما رأى لمعان عينيها يعانق انعكاس صورته

*************************
في القاهرة.....
جحظت عيني مي من هول ما سمعت ثم انتفضت عن مقعدها وهتفت بحدة

- أنت أكيد أتجننت يا جاسر
- أهدي يا مي

قالتها سلمى فرمقتها مي بنظرة نارية قائلة : أنتي ليكي عين تتكلمي فارس إيه اللي عايزين تصحبوه وتعزموه وكمان روحتي فرحه من ورايا

- مي ما تزعقيش لسلمى وبعدين أهدي أنتي حامل

قالها جاسر بهدوء ثم اقترب من طفلته وخبأها خلفه ثم نظر إلى مي واستطرد قائلاً


- مي ممكن تهدي وتسمعيني
- أسمع إيه يا جاسر، بعد كل اللي عمله هتأمنله
- بس هو أتغيّر وكل إنسان من حقه فرصة تانية

اشتعلت مي غضباً وشرعت أن تجيبه، ولكن قاطعها صوت الجدة سميرة

- جاسر بيتكلم صح يا مي، كلنا بنغلط وبنسامح ونتسامح
- بس يا تيته

قاطعتها سميرة قائلة: من غير بس يا مي، أنا ليا نظرة في الناس وهخلي العزومة عندي هنا ولما أشوفه هعرف إذا كان صادق ولا كداب ومش عايزه كلمة تاني تتقال ويلا كل واحد على شقته، عايزه أنام

قالت سميرة كلماتها الأخيرة بحزم فلوت مي شفتيها بضجر فغمز لها جاسر وهتف بمشاكسة
- أتكتمتي دلوقتي

كادت أن تجيبه ولكن تدخلت سميرة مرة أخرى قائلة بحدة : لم نفسك يا جاسر
رفعت مي أحد حاجبيها بشموخ ثم أرجعت شعرها للخلف فعض جاسر على شفاه السفلية بغيظ بينما راقبت سلمى ما يحدث وكتمت ضحكتها بصعوبة

************************
في ألمانيا.....
ضيق فارس بين حاجبيه ورمق طفلته بنظرة اندهاش ثم تحدث بهدوء

- ميسون أنتي عايزه تقوليلي حاجة؟

ابتلعت ريقها بصعوبة وشعرت بهروب الكلمات فابتسم على خجلها ثم أردف قائلاً

- من ساعة ما قعدنا وأنا حاسس إنك عايزه تقولي حاجة، يلا قولي ما تتكسفيش
- أنت عرفت أزاي؟
- بحس بيكي يا عمري


قالها بصوت دافئ ثم اقترب منها وجلس راكعاً أمامها... أمسك كفيها بين كفيه وطبع على كل واحد منهم قبلة رقيقة، فقد أراد رفع الخجل عنها، لكنه بدلاً من ذلك زاده

- يلا قولي
- أنا عايزه أرجع مصر
- ليه؟
- علشان خاطري نرجع مصر

قالتها بصوت أقرب إلى الرجاء فعلم أنها تريد الهروب من تلك الصوفيا فشعر بالغضب لكنه لم يظهر ذلك وتحدت بهدوء قائلاً

- خاطرك غالي عليا، بس مش هسمح لحد يسرق فرحتك علشان كده هنفضل هنا ومش هسمح لأي مخلوق يقرب منك، يلا قومي لمي الشنط علشان هنسيب القصر
- هنروح فين؟
- هنروح مكان تاني محدش يعرفه غيري

اتسعت ابتسامة الجميلة فبادلها بابتسامته الساحرة ثم غمز لها وهتف بمشاكسة

- مش قولنا بلاش ابتسامات يا قمر أنتي

خجلت بشدة وتوردت وجنتيها فشعر هو بالرضا فكم يعشق خجلها وهي بين يديه

********************
في القاهرة....
أراح جاسر جسده إلى جوار طفلته ثم أسند معصمه على جبهته فاعتدلت سلمى في جلستها ونظرت إليه قائلة برقة

- أنت مضايق من كلام مي؟
- لا طبعاً، مي عندها حق تخاف بس بكرة تتعود

قالها ثم ابتسم لطفلته وجذبها لتستند برأسها على صدره... استنشق عبير عطرها ثم أخذ يمرر أصابعه بين خصلات شعرها الحريري وهتف بهدوء
- لو يارا عايشه كانت أكيد هتساعده

لوت سلمى شفتيها بضجر لكنها لم تظهر غضبها وهتفت برقة

- ربنا يرحمها، ياريت نبطل كلام عن يارا ونجيب في سيرة سلمى شوية يا عسكري

رفع جاسر أحد حاجبيه وابتسم على غيرتها، فشدد في احتضانها حتى يشعرها بالدفء الذي يسكن بين ثنايا قلبه

- بحبك يا مجنونة
- وأنا كمان بحبك أوي أوي أوي

************************

في ذات اللحظة كانت مي تجوب غوفتها ذهاباً وإياباً وهي في قمة غضبها، راقبها سامح في صمت لعدة دقائق ثم اقترب منها وحملها ثم وضعها على الفراش قائلاً بحدة

- بقالك نص ساعة رايحه جايه وسيادتك حامل
- متغاظه يا سامح
- مي اسمعيني من غير عصبية، جاسر مش عبيط بالعكس ظابط ذكي جداً فأكيد فارس ما بقدرش يضحك عليه

رفعت مي أحد حاجبيها وشرعت أن تتفوه بكلماتها، لكن سبقها سامح وأردف قائلاً

- أنا عمري ما أدخلت بينك وبين أهلك بس المرة دي لازم أفهمك الصح
- يا سامح صح إيه، فارس ده حيوان كل ليلة مقضيها في حضن واحدة شكل، كسر قلب يارا وكان عايزه يخطف سلمى جايين النهارده تقولوا أتغير

- الله يهدي من يشاء، أتفضلي أفردي ظهرك علشان اللي في بطنك وكفاية عصبيه، ممكن؟

قالها سامح وهو يضع يده على جنينها فابتسمت له ثم حركت رأسها كإشارة بالموافقة

***************************


في ألمانيا....
خرج فارس من الحمام ثم صلى فرضه فاتسعت ابتسامة ميسون حينما دلفت إلى الغرفة ورأته راكعاً في صلاته... جلست على حافة الفراش وانتظرت حتى فرغ ثم اقتربت منه وجلست أمامه على سجادة الصلاة فابتسم لها ثم طبع قبلة على مقدمة رأسها قائلاً بحنان

- خلصتي يا قلبي؟
- أه خلاص، هنمشي أمتى؟
- دلوقتي حالاً، يلا بينا

مضت الجميلة برفقة زوجها وهي تشعر بسعادة تغمرها... فتح لها باب السيارة وانتظر حتى جلست على المقعد ثم
وضع لها حزام الأمان، لكن المشاكس لم يكتفي بتدليل طفلته بل سرق قبلة من شفتيها ثم غمز لها وأغلق باب السيارة.... ابتعد عنها قليلاً وذهب إلى أفراد الحراسة الخاصة بالقصر وتحدث معهم لدقائق ثم عد إليها وانطلق إلى وجهته....  بعد مرور ساعتين أوقف سيارته ثم نظر إلى ملاكه النائم وأخذ يداعب خصلات شعرها ويمرر يده على وجنتها حتى فتحت عينيها

- وصلنا
- أيوه يلا بينا

قالها ثم ترجل من السيارة وذهب إليها....مد يده فوضعت يدها داخلها وترجلت من السيارة ثم أخذت تجوب بعينيها في المكان وعضت على شفاها السفلى من روعة ما رأت... رأت كوخ صغير تحيطه الأشجار وعلى مقربة منه يتسابق موج البحر ليصل إلى الشاطئ... ظلت هكذا لعدة. دقائق ثم نظرت إلى فارس وتقابلت أعينهم فشعر بالسعادة لرؤية لمعان عينيها

- فرحة عينيكي أهم عندي من الدنيا وما فيها، ربنا يخليكي ليا وبخليني ليكي وأسعدك العمر كله
- بتحبني يا فارس؟
- بحبك كلمة قليلة على اللي حاسه جوايا
- يعني مش هتزهق مني أبداً أبداً ؟

قالتها بطريقة تمثيلية أقرب إلى طريقة الأطفال فابتسم ثم غمز لها وهتف بمشاكسة

- أنا ممكن أحبسك في أوضة لأخر عمري علشان ما تبعديش عني
- رخم
- عارف




استسلام فارس - منى سليمان (الجزء الثالث لسلسلة نهاية وعد)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن