استسلام فارس - الفصل الثاني - بقلمي منى سليمان

22.1K 525 7
                                    

الفصل الثاني

* غرور شيطان  * 

همت ميسون أن تغادر الغرفة لكن أوقفها صوت فارس

- أنتي يا أم لسان طويل
- نعم
-خدي هدوم من دولابي و غيري هدومك
- مش عايزة

اقترب منها فارس ثم رفع أحد حاجبيه وهتف بشموخ

-أنا بقي عايز هدومي اللي أنتي لابساها
- لما أرجع بيتي هبقي أغيرهم وأغسلهم وابعتهوملك، هو مين اللي غيرلي هدومي أصلا؟
- أنا

قالها بخبث ليشعل غضبها فجحظت عينيها وتعالت شهقاتها، بينما ابتسم فارس ابتسامة نصر وأردف قائلاً


- يلا يا شاطرة علشان تعلميني  أصلي
- ( أنت وقح ) Tu es empli

قالتها بصوت خفيض اعتقاداً منها أنه لا يفهم الفرنسية لكنه اقترب منها و هتف بحدة

- أنتي لسه ما شوفتيش وقاحتي

ركضت الفريسة قبل أن يفتك بها فابتسم على فعلتها وشعر بإحساس جديد يسري داخله

****************
بعد مرور عدة دقائق ذهب فارس إلى غرفتها لكنه وجد بابها مغلق بالمفتاح فطرق عليه بخفة

- يا أبلة ميسون مش هتعلميني؟
- لا أنت مفيش أمل فيك 
- طيب جربيني الأول يا أبلة
-خلي أي حد يعلمك علشان أنا همشي كمان شوية

اشتعل فارس غضباً وضرب قدمه بالأرض لينفس عن غضبه ثم هتف بحدة

- قولت مفيش خروج من هنا
- لا همشي
-  لا مش هتمشي
- همشي قولت
- مش هتمشي قولت

زفرت ميسون بضيق بينما ابتسم فارس على مشاكستها له لكنه فوجئ بها تفتح باب الغرفة فهتف بخبث

- ايه ده أنتي ماشية؟
- هنعمل أتفاق
-سامعك
- هعلمك تتوضى و تصلي مقابل أنك تسيبني أمشي من هنا

فرك فارس ذقنه بأنامله واصطنع التفكير العميق ثم نظر إليها وتحدث قائلاً


- موافق بس عندي شرط
-  سمعاك
- لو ما أتعلمتش تفضلي هنا لحد ما تعلميني
- اتفقنا
-  اتفقنا

مد فارس يده ليصافح الجميلة لكنها خجلت بشدة وتوردت وجنتيها، لكنه لم يهتم وأمسك يدها ثم طبع على ظاهرها قبلة فانتفضت بدنها وابتعدت عنه

- لو سمحت أحترم نفسك
- بالراحلة علينا يا أبلة
- صبرني يارب أتفضل علي الحمام

دلف فارس برفقة ميسون إلي الحمام في محاولة منها لتعليمه كيفية الوضوء لكنه لم ينتبه وظل يشاكسها

- بص أنا جبت أخري وأنت كده بتهزر
- أنا معملتش حاجة يا أبله
- أنا غلطانة علشان بعلمك تصلي قبل ما تموت 

قالتها ثم همت أن تغادر لكنه أسرع وقبض يده على معصمها ثم أدارها إليه

- تعرفي أنك أول بنت اصبر عليها كده
- يعني ايه  ؟
- مش مهم تفهمي
- طيب لو سمحت سيب إيدي علشان عايزة امشي

ما إن تفوهت بكلمتها الأخيرة، شدد المشاكس في الإمساك بيدها

- هو أنتي ما بتسمعيش الكلام ليه، أنا مبحبش أعيد كلامي مرتين
- علي فكرة أنت مغرور أوي
- من حقي أتغر ده أنا حتى مز

قالها فارس بشموخ فرمقته ميسون بنظرة اشمئزاز وهتفت بحدة

- شكلك محتاج دكتور عيون يشوف عينيك
-هو أنتي شايفاني وحش  ؟
- بالنسبة لسنك مقبول بس مش الشئ البيئة اللي أنت قولته
- مز
- اه هو ده

قالتها ثم نفضت يده وعقدت ذراعيها أمام صدرها فابتسم على فعلتها ثم تحدث بحنان وصوت هادئ لم يعتاد عليه

- ممكن تعلميني؟

ضيقت ميسون بين حاجبيها وأجابته قائلة: حاضر بس ركز شوية

*****************
دلفت ميسون إلى الحمام ثم توضأت أمامه لكي تعلمه فتابعها باندهاش ثم فعل مثلها، ثم شرحت له كيفية الصلاة

- فهمت هتصلي أزاي؟
- لا
- يارب هتشل
-تعالي صلي معايا
- هو إحنا رايحين رحلة، حضرتك ما بتعرفش تصلي هنصلي مع بعض أزاي، وبعدين مفيش ست بتصلي براجل؟

لوى فارس شفتيه بضجر وما هي إلا دقيقة واحدة حتى هتف

- طيب هقولك حل تاني صلي وهعمل زيك
- بص أنا يا هتشل يا هقتلك
- وأهون عليكي؟
-  أبوس أيدك ركز شوية علشان عايزة أرجع بيتي
- طيب ما ينفعش تبوسي حاجة تانية

تعالت شهقات الجميلة حينما وصلت كلماته إلى مسامعها ثم هتفت بارتباك

- أنت أنت أنت

قاطعها قائلاً : أنا ايه يا قمر؟

- أنت قليل الأدب
قالتها ميسون ثم ركضت من أمامه لتحتمي بغرفتها، لكنه سبقها ووقف أمام باب الغرفة

- عندك حق بلاش أدخل الأوضة، أنا ماشية
- هترجعي تاني يا أبله

قالها فارس ببرود فهبطت ميسون الدرج وهي في قمة غضبها، لكنها بمجرد أن استعدت للخروج منعها رجال الحراسة

- وسع من وشي أحسنلك
- ممنوع يا آنسة
- هو أنا محبوسة هنا و لا إيه؟
-  حضرتك تقدري تسألي فارس باشا

اشتعلت ميسون غضباً وهمت أن تتشاجر مع هذا الكائن لكنها توقفت حينما رأت رفعت أمامها

- لو سمحت يا أستاذ رفعت، أنا عايزة أمشي
- في حاجة حصلت ؟
- لا بس أنا عايزة أرجع بيتي ومحتاجة هدوم وتليفوني علشان أكلم ميسون، بس خايفة أمشي وكمان خايفة أقعد
- طيب ايه رأيك تحكيلي ؟

جلست ميسون برفقة رفعت في حديقة الفيلا وقصت عليه كل ما حدث معها دون أن تشعر بوجود فارس خلفها فقد أشار إلى رفعت لكي يلتزم الصمت حتى يستمع إلي قصتها بينما حزن قلب رفعت على حال تلك البريئة التي هربت من مغتصب لتقع في يد شيطان

- أعمل ايه يا أستاذ رفعت ؟

نظر رفعت إلى فارس وهتف بجدية مصطنعة

- خليكي هنا على الأقل تبقي قدام عينيا وهروح أجيبلك اللي أنتي محتاجاه اهو هنا زي هناك
- بس أنا خايفة من فارس ده شكله مش مظبوط خالص وأهبل كده في نفسه ومتخلف كمان
-أنا متخلف  ؟!

قالها فارس فانتفضت ميسون عن جلستها وخجلت بشدة بينما جاهد رفعت ليكتم ضحكته

- رفعت 
- تحت أمرك يا باشا
- روح هاتلي الراجل ده وهاتلها كل حاجة تحتاجها من بيتها

نظر فارس إلى ميسون لكنها خبأت عينيها عنه من شدة خجلها فابتسم وهتف

- قوليله محتاجة ايه وأنا هستناكي في أوضتي علشان تعلميني الصلاة يا أبله ميسون ومش هضايقك

تركهم فارس وغادر فاندهش رفعت وأتسع فاه وتسأل في نفسه أهذا حقاً الشيطان الذي أعرفه عن أي صلاة يتحدث إنه لم يصلي يوماً علي رسول الله فكيف تبدل حاله ليصلي فرضه، إنه من صنع تلك الجميلة



- أستاذ رفعت  أستاذ رفعت
- معاكي معلش سرحت، أديني العنوان و قوليلي محتاجة إيه
*******************
بعد مرور دقائق قليلة غادر رفعت بينما جلست ميسون في حيرة من أمرها

- أنا مكسوفة أوي، ده سمعني وأنا بتريق عليه، أعمل إيه ؟!

ظلت ميسون علي تلك الحالة لعدة دقائق ثم استجمعت شجاعتها وصعدت إلي غرفة فارس ودلفت إليها، لكنها وجدته يتحدث على الهاتف فهمت أن تترك الغرفة لكنه منعها حينما قبض يده على يدها فحاولت تحرير يدها من قبضته لكن دون جدوى

-  تمام بكرة الصبح هبقى في الشركة بس جهزي كل حاجة 


قالها فارس ثم أنهى المكالمة ونظر إلى أسيرته قائلاً : أتأخرتي ليه؟

- سيب أيدي
- قوليلي من فضلك يا فارس باشا سيب أيدي
- لو سمحت سيب أيدي يا مغرور
- لا مش كده قوليها صح

تلألأت الدموع في عينيَّ الأسيرة ثم تسللت دمعة على وجنتها فشعر فارس للمرة الأولى في عمره بألم يسري داخل قلبه فحرر يدها من قبضته

- أنا كنت بهزر معاكي ما تزعليش
- ممكن أرجع الأوضة التانية؟
- طيب مش هتعلميني أصلي ؟
- لا عايزة أنام

قالتها بصوت غلبه الحزن فشعر فارس بغصة في قلبه وتحدث بحنان


- خلاص براحتك روحي نامي وما تخافيش مش هضايقك
- طيب خلاص تعالى أعلمك، أنت حافظ الفاتحة ؟
- لا
- أرجوك شوفلي دواء ضغط علشان أنا هتشل

انفجر فارس ضاحكا فاندهشت ميسون وهتفت بحدة:  أنت ليك عين تضحك ؟

- هههههههه خلاص يا أبله علميني وهبقى مطيع
- و الله شكلك بتتسلي و مش عايز تتعلم حاجة
- خلاص بقى قولت هتعلم
- أتفضل أتوضى تاني

دلف فارس إلى الحمام ليتوضأ ثم علمته ميسون كيفية الصلاة وللمرة الأولى في عمره يتزين صوته بتلاوة القرآن فاتسعت ابتسامة ميسون
- كده فهمت هسيبك تصلي وأروح الأوضة التانية
- خليكي هنا
- لا علشان ما تجبليش شلل كفاية كده النهارده
- هههههه ماشي
غادرت ميسون الغرفة فجلس فارس على حافة فراشه وشرد كثيراً ثم هتف

- إيه اللي بعمله ده، أنا مش كده، أنا فارس الكافي أزاي بنت زي دي تقلب حياتي كده

زفر بضيق ثم أبدل ثيابه وغادر الفيلا دون أن يصلي فقد تغلب شيطانه عليه

******************
في ذات الوقت وصل رفعت إلى منزل ميسون وبعد عدة دقائق جمع كل ما تحتاجه ثم أحضر الشخص الذي حاول الاعتداء عليها وانطلق عائداً إلي الفيلا

- خدوا الكلب ده اربطوه وارموه تحت

أخذ رجال رفعت ذلك المغتصب وذهبوا به إلى القبو، وفي مساء ذلك اليوم دلف فارس إلى الفيلا وهو يترنح يميناً ويساراً

- لا إله إلا الله، مفيش فايدة
قالها رفعت ثم أتجه صوب فارس وساعده حتى صعد الدرج فصدمت ميسون من رؤيته هكذا

-  ماله يا أستاذ رفعت؟
-  سكران
- ما تيجي معايا الأوضة يا قطة؟

قالها فارس ثم نفض يد رفعت وحاول الإمساك بتلك البريئة، لكنه سقط على الأرض فنظرت رفعت إليها وهتف بحزم

- أدخلي أوضتك وأقفلي الباب بالمفتاح
- أنا همشي مش هقدر اقعد هنا ثانية واحدة
- هتروحي فين يا حلوة، تعالي ده أنا هدلعك

ما أن تفوه فارس بكلماته الوقحة، اقترب منه رفعت وساعده على النهوض بينما انفجرت ميسون باكية

- خليكي هنا هدخله الأوضة وأرجعلك و ريحي نفسك الحرس مش هيخلوكي تخرجي من هنا

دلف فارس الغرفة مستندا على رفعت، وبمجرد أن جلس على فراشه،  هتف بوقاحة

- هات البت الحلوة دي معانا
- أرتاح و الصبح هتبقى عندك
- ايوه أنا هنام

أراح فارس جسده علي الفراش واستسلم للنوم في أقل من دقيقة، فتعجب رفعت ثم ذهب إلى الجميلة الباكية وجلس إلي جوارها

- بتعيطي ليه؟
-  بعيط على نفسي
- أنتي زي اختي وأوعدك أني هساعدك
- أنا عايزة أمشي من هنا
قالتها وهي تزيل الدموع عن وجنتيها فابتسم لها رفعت وهتف بحنان

- هتمشي تروحي فين و أهلك بره مصر؟
- أنا خايفة منه أوي
- مش عارف هتصدقيني ولا لا بس دي أول مرة أشوفه متغير كده
- يعني ايه ؟
- يعني خليكي يمكن تقدري تساعديه

اندهشت الجميلة وظهر ذلك بوضوح على قسمات وجهها فاردف رفعت قائلاً

- خليكي هنا وهي دي المساعدة وأنا هحميكي
- بس

قاطعها رفعت : جربي يومين لو فضلتي مضايقة منه هروحك بيتك بنفسي

- حاضر

تركها رفعت وغادر فأمسكت هاتفها لتهاتف شقيقتها، لكنها تركته مرة أخرى وأراحت جسدها على الفراش وتعالت شهقاتها من كثرة البكاء... وظلت علي تلك الحالة حتى استسلمت عينيها للنوم

في صباح اليوم التالي دلف رفعت إلى غرفة فارس ليوقظه

- بتصحيني ليه ؟
- فاضل ساعتين على اجتماع الوفد الألماني

اعتدل فارس في جلسته فشعر بألم حاد يكاد يفتك برأسه، لكنه تحامل على نفسه ونهض عن الفراش ثم نظر إلى رفعت

- خليهم يحضروا الفطار على ما اخد شاور واغير هدوكي
- حاضر يا باشا
- فين ميسون ؟

- في الأوضة والكلب اللي حاول يعتدي عليها تحت من إمبارح
-  خليها تنزل تفطر معايا
****************
بعد عدة دقائق ارتدى فارس أفخر ثيابه ونثر عطره المفضل ثم غادر الغرفة وهبط الدرج، لكنه تفاجأ حينما لم يجد ميسون

- فين ميسون؟
- مش راضية تنزل، أصلها خافت منك بالليل لما رجعت سكران يا باشا
-أطلع خليها تنزل حالاً

هم رفعت أن يذهب إليها لكنه فوجئ بميسون تهبط الدرج وهي في قمة أناقتها فاتسعت ابتسامة فارس

- صباح الخير يا أبله ميسون

لم تجيبه ولو بكلمة، لكنها رمقته بنظرة نارية ذات معنى فاشتعل غضباً وهتف بحدة

- رفعت هات شنطتي من المكتب وهات ملف المناقصة علشان امشي
- والفطار؟!
- مش عايز

ذهب رفعت ليحضر ما طلبه فارس بينما تركت ميسون الفيلا وتوجهت إلي الحديقة .... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد رفعت
- جهزت كل حاجة يا باشا
-  أنا همشي وخليك أنت مع ميسون ولما أرجع هشوف الكلب اللي مرمي تحت
-  هي فين ؟
- خرجت الجنينة
- يا نهار أسود ده رعد بره ومش مربوط

ما أن قال رفعت كلماته ركض فارس إلى خارج الفيلا وتفاجأ حينما ألقت ميسون بجسدها في صدره فحملها مُسرعاً قبل أن يفتك بها رعد

-  رعد set ( أجلس )

تعالت صرخات ميسون خوفاً من هذا الكلب المتوحش فشددت في احتضان فارس بعد أن حاوطت عنقه بيديها

- خده من هنا يا رفعت

ابتعد رفعا مصطحباً رعد فنظر فارس في عينيَّ ميسون وهتف بوقاحة

- تصدقي أنا حبيت الكلب ده علشان خلاكي في حضني

توردت وجنتيها خجلاً فخبأت عيناها عنه وهتفت بصوت مرتعش

- لو سمحت نزلني
- ببلاش كده  ؟؟
- قصدك ايه  ؟!
- لو عايزة تنزلي لازم تقبلي بشرطي

رفعت ميسون أحد حاجبيها فابتسم لها وهتف بصوت دافئ
- أفطري معايا
- لا
- خلاص هخلي رفعت يجيب رعد تاني وأنزلك
- لا بلاش هفطر معاك بس بشرط
-مفيش واحدة تتشرط على فارس الكافي

لوت الجميلة فمها ورمقته بنظرة نارية ثم هتفت ببرود

- خلاص خليك شايلني لحد ما ظهرك يتكسر
- علي فكرة أنا عندي اجتماع مهم وهسيبك وأمشي
- و أنا مش هنزل غير لما تصلي
- هو أنتي طبيعية؟
- طبيعية جداً، أنت اللي مش طبيعي

ارتسمت ابتسامة على ثغر فارس فأشاحت ميسون بوجهها عنه حتى لا يرى ابتسامتها فأنزلها ثم ادار وجهها إليه

- هصلي بس علشان تفطري معايا
- اللي بيصلي بيصلي لربنا مش علشان حد
- لو مردتيش عليا يجرالك حاجة

استسلام فارس - منى سليمان (الجزء الثالث لسلسلة نهاية وعد)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن