الفصل الرابع
ولدت فى السجن لأم سجينه فى قضية دعاره .. هكذا بدأ عمار حكايته .. صدم رائد ولكنه أستطاع أن يخفى صدمته واستمع اليه وهو يحكى بصوت ساخر لامبالى تتخلله من حين لآخر بعض المرارة أن أمه نفسها لا تعرف من يكون والده فهو واحد من عشرات من عرفتهم من الرجال ويعتقد أنه لولا وجودها فى السجن عندما علمت بحملها به لكانت أجهضته على حسب ظنه .. وعندما أتم عامه الأول تركته فى ملجأ أيتام وأعترف عمار بأنه كان سعيدا هناك فقد كبر وله الكثير من الأخوة والأخوات والعديد من الأمهات الذين عوضوه عن أمه الحقيقيه التى لم يكن يعرف فى ذلك الوقت من كانت فقد كان يظن نفسه يتيما وعندما أصبح فى الحادية عشر وحصل على الشهاده الأبتدائيه أنتقل الى دار رعايه خاصة بالأولاد البالغين وهناك أستطاع أن يطلع على ملفه من وراء المشرفين وعرف منه أنه مجهول النسب أى لا أب له هذا ما فهمه فى حينها وعرف أن أمه مازالت على قيد الحياه ولكن ليس لها عنوانا مكتوبا فى ملفه ولفترة راحت الأحلام تداعب قلبه الصغير وحلق خياله فى أن يعثر على أمه أو أن تأتى هى للبحث عنه واسترجاعه ولكن سرعان ما صدمة الواقع ليفيق على عالم قاس لا يرحم صغيرا .. فقد عانى أولا من قسوة المشرفين على الدار وعصيهم التى كانت تنهال على جسده بلا رحمه أو شفقه لأتفه الأسباب وزملاءه فى الدار الأكبر سنا وتنمرهم عليه ومحاولتهم أخضاعه لمشيئتهم التى قاومها وكان الثمن المزيد من الألم والتعذيب ولكن الذى كان أشد ألما هو ألم الروح .. كل الموبيقات أجتمعت فى مكان واحد يضم أطفالا .. مخدرات بشتى أنواعها وأعتداءات جنسيه على أطفال ضعاف لا حول لهم ولا قوة وقد أعتاد عمار أن يحمى نفسه وينام وعقله مستيقظ وجسده متأهب فى أى لحظه للدفاع عن نفسه ويده مدسوسه تحت وسادته قابضا على سلاحه وبعد عام ونصف العام قضاه فى ذلك المكان لم يعد يحتمل فقرر الهرب وما كان أسهله من قرار فالباب على الشارع كان مفتوحا على الدوام ولا يوجد حارس يمنعه من الخروج واكتشف أن الشارع أكثر رحمه والأسفلت أكثر راحه من فراش يملأه الخوف ورغم ان الشر كان موجودا فى الشارع أيضا لكن فى المقابل وجد بعض الخير وتعلم أن يتبعه , ان وجد عملا يعمل وان لم يجد كان يبحث عن قوته كما يفعل أربابه من الأولاد أى فى صناديق القمامه وتعلم كيف يهرب من رجال الشرطه اللذين قد يعيدونه الى جهنم التى هرب منها حتى تعرف على رجل عجوز يبيع الكبده على عربه فى موقف الميكروباصات وعرض على عمار أن يعمل معه وعندما تعب الرجل العجوز وقرر العوده الى قريته ترك عربه الكبده لعمار ليعتاش منها ولكن أصحاب الشر ظلوا حوله يحومون كالشياطين يوسوسون له ويزينوا له طريقهم وكان بين خيارين .. اما أن ينضم اليهم أو يظل فى حرب دائمه معهم .. وجاءت فترة بدأ يتعب فيها من محاربتهم وفكر أنه مادام لا أمل له فى أن يكون ذو شأن فى يوم من الأيام فلماذا يصر على مقاومة ما لابد منه فعندما يصبح منهم على الأقل سيصبح بمأمن من شرهم وكانت بداية أنتمائه لهذه الفئه فى نفس الليله التى قابل فيها رائد وشارلوت وكره ما كانوا مقبلين على فعله وهو كان يعلم جيدا ما يستطيعون فعله .. كره أن يتحول ليصبح مثلهم .. مدمنا ومغتصبا وربما قاتلا , هاله أن يتحول الى حيوانا مجردا من المشاعر ودون لحظة تردد وقف فى وجه الشر بدلا من مصاحبته وأقر لرائد أنه أعجب بشجاعته فى مواجتهم برغم من أنه لم يكن له أمل أبدا فى التغلب عليهم وحده وهكذا كانت مقابلته له صفعه من القدر كى يفيق ولا ينجرف الى حياه نهايتها أحد خيارين .. الموت أو السجن وفى الآخرة لن يجد سوى جهنم فى أنتظاره
أنت تقرأ
رواية : (( زهرة بين قلبين ..زهرة بين خريفين ) ) ..كتابة : مايسة ريان
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة ...ممنوع النقل او الاقتباس رائد وعمار .. كلاهما أصبح فى الشارع .. ورغم أختلاف نشأتهما الا أن الظروف جعلتهما فيه يلتقيان .. فجمعتهما الحاجة الى الأمان والأنتماء .. كانت الحياة عليهما صعبة ولكنها عادلة , تعبوا وأجتهدوا وحص...