الفصل السادس

45.5K 1.3K 80
                                    

الخذلان شعور بإنسحاب الروح، وشدة الألم تُحدد بدرجة الوثوق.
سرين عادل

ودرجة وثوقها كانت كبيرة، درجة لا يمكن تحديدها.. لذا لا يمكن وصف ألمها!
نظر لوجهها الشارد بصمتٍ للخارج كما حالها منذ خرجت من عند الطبيبة واستقلت معه السيارة
- انا بعت العربية يا باشا تتعمل زي ما أمرتني، وعربية يوسف باشا وديتها التوكيل تاني
أومأ موسي للسائق ثم إلتفت ينظر مرة آخرى لجانب وجهها مشاهداً إنغلاق عينيها البطيء قبل أن تفتحهم بتثاقُل وكأنها تقاوم النوم
- نامي ولما نوصل هصحيكِ
لم تُجيب ولم تسمعه، وكيف لا وعقلها كله مازال في المشفي حيث روسيل
لا تنسي صدمة تراجع خطواتها، صدمة ركضها للداخل وتركها وحيدة!
- ميان..
همس ملامساً كفها وإنتفضت بفزع جعل السائق ينظر في المرآة
ابتلعت ريقها برعشة ناظرة لوجهه بإرتباكٍ زاد أضعاف من نظرته الهادئة!
وكانت هادئة بألف معني..
هادئة بألف لمعة..
- انا...
تمتمت بحرج وإضطراب وقاطعها بذات النظرة الهادئة.. المُتحدثة بصمتٍ
وصمتت بالفعل حتي مالت رأسها مستندة للخلف، بينما نظراتها مازالت متقابلة معه لأول مرة
ونبضت القلوب في الداخل..
ونضبت الأفكار تماماً ..
تشعر به.. ويفهمها
تشعر بقلبها الذي يضطرب بقُربه منذ لقائهما الأول
ويفهمها بقلبه لا بعقله..
وفهم القلب خاص وقوي.. لا يصله أياً من كان!

*****

أُمّي وإنْ طَالَ الحَديث بها فَلا .. شِعرٌ يُـوَفيْهاولا الأَقلامُ.
أحمد شوقي


مسحت روسيل فوق قدمها بحنان بعد أن ألبستها الحذاء
- كده تمام.. هجيبلك الجاكت وأكلم يوسف
أومأت ناهد بصمتٍ ورغم أن الطبيب طلب منها عدم إرهاق عقلها في الوقت الحالي إلا أنها ومنذ إستيقظت تضغط بكل قوتها عليه في محاولة لتذكر ما فقدته
- مالك ياماما؟!
نظرت للأعلي حيث ابنتها وهبطت عينيها بجلوس روسيل القرفصاء امامها
- ليه دايماً سرحانة مش الدكتور قالك متفكريش دلوقتِ في حاجة ؟
نظرت لعسل عينيها الذابلة بحيرة وداخلها شعور أن روسيل تتهرب من شئ.. وتمسكها بحديث الطبيب خير برهان
- انا ازاي وقعت.. وحصل ايه وقتها؟
إبتلعت روسيل ريقها هامسة بنفس الكذبة
- انا كنت.. كنت في الاوضة وسمعت صوت خبط ولما خرجت.. لقيتك واق..
- من امتي وانتِ بتلقلقي في الكلام ومهزوزة كده؟
- لا مش كده.. انا بس..
- هتفضلي تكذبي عليا كتير ؟
رمشت عدة مرات برعشة، فِيما تابعت ناهد بتساؤل هادئ
- ليه بتعدي تعيطي بليل.. وليه متحسسة اوي معايا
امتلأت حدقتيها بالدموع المُنكسرة
- ايه فكراني مبحسش بيكِ وانتِ بتوبسي ايدي وراسي طول الليل
- دا تصرف طبيعي حضرتك متعرفيش روسيل كانت حالتها عاملة ازاي وقت الغيبوبة
نظرت كلامنهن علي صوت يوسف، وسقطت دموعها منزلة رأسها للأسفل بينما ابتسمت له ناهد بإمتنان علي كل ما فعله ويفعله
- اممم.. افهم بقي انك عارف اللي حصل وبداري عليها
ضحك مُقترباً منها حتي أمسك مقعدها المُتحرك من الخلف
- لابداري ولا عارف.. ولا حتي حصل حاجة الموضوع كله ان رجوعك بالنسبة لروسيل حياه.. هي فعلا كانت بدونها وقت غيابك
وقفت روسيل جانبه تحاول إيقاف دموعها ماسحة فوق خصلاتها برعشة وتشتت من موقفه معها، لا تعلم لما يُداري عليها وما حجم الشكوك داخله.. وفي نفس الوقت واثقة انه لا يعلم شئ وليس يوسف من يعلم عن شئٍ كهذا ويصمت دون ثأر مؤكد سيكون قتل!

وميض العشق.. الجزء الثاني من كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن