إني أقبّل الألم قبلة الوداع؛ إذا قبّلتك.
كارل ماركس
وبالنسبة له مجرد وجودها قُربه ومعه وداع للوداع..- ادخلي
قالها بهدوء، وتقدمت بخطوات بطيئة للغرفة، وبتخطيها للباب شعرت وكأن روحها تنسحب من جسدها
- هتفضلي واقفة؟!
سألها ماراً من جانبها بعد أن أغلق الباب تاركاً الحقيبة جانباً كما حقيبته
ولم تجيبه بشرود أو محاولة لتصديق واستوعاب كونها اصبحت بالفعل زوجته ومكوثها القادم سيكون في غرفته.. وفراشه!
نظرت لتحركه عندما دلف لدروة المياه ليصلها صوت المياه، جلست ببطئ فوق حافة الفراش ناظرة بإستغراب لكبر حجم الغرفة مقارنة بإحتوائها فقط علي فراش ومقعد أمام طاولة الزينة، والتي علي الأغلب أتت حديثاً من أجلها هي!
وفي الداخل توقف هو بعد إنهاء حمامه الدافئ وقد تخلص من أغلب تشنجات عضلات جسده بعد السفر لساعات والذي كان من الممكن إختصاره بالسفر عبر الطرق الجوية لولا والدتها وحالتها التي فضلت السفر براً، مسح البخار فوق المرآة ناظراً لوجهه وخصلاتها المتدلية بتبلل يشبه تبلل قلبه!
ومنذ مواجهتهم الأخيرة وإنفعالها عليه شعر وكأن شيئاً ما حدث لقلبه.. وكأن كلمتها تركت ندبة ما!
مسح فوق رأسه بضيق وحيرة من عدم معرفته لطريقة التعامل الصحيحة معها.. كيف يتعامل وكل ما يفعله بالفعل من أجلها وفقط.. كيف يتعامل وهي في النهاية تراه مثل الجميع يضغط عليها ويحاول إذلالها.. كيف يتعامل وهو يترك جميع السبل أمامها لتخبره وهي تصمت وتهرب..
خرج وأنزلت بصرها سريعاً بعدما إلتقطت مظهر جسده من وسط بخار الحمام الذي فاق من الباب وكأنه كان يستحم بمياه مغلية وليست فاترة
- تقدري تاخدي شاور وتلبسي اللي انتِ عاوزاه!
قطبت جبينها بحرج من حديثه الأخير وكأنه يخبرها انه لا ينتظر منها ملابس نوم كأي عروس في ليلتها الأولي
- هو مفيش كنبة ليه؟
سألته وعاد بعد أن تخطي الحائط ليقترب تحت دقات قلبها الهادرة من عودته بهذا الشكل !
- كان فيه وشلتها بسببك !
رفعت بصرها له بصدمة قبل أن تنزلهم مرة آخرى بتوتر شديد
- ليه؟
ظل ناظراً لها لثوانٍ من بعد سؤالها الهامس بتردد حتي أجابها بصدقٍ
- عشان مفيش نوم إلا علي السرير.. ولو فضلت هنا كنت هتنامي عليها زي مادورتي عليها اول حاجة في الاوضة !
ابتلعت ريقها بشحوب وتحرك هو ببرود من أمامها عائداً ليرتدي ملابسه بدل تلك المنشفة البيضاء
- انا مش هعملك حاجة علي فكرة ولو عاوز كنت عملت..خليكِ فاكرة وفاهمة دا كويس
رفعت بصرها حيث الجدار الذي أنفذ صوته حاجباً هيئته، ونهضت هاربة عندما خرج ببنطاله القطني لينام فوق الفراش بأنين يُنشد الراحة بأشكالها
دخلت ناظراً للبخار حولها وقامت بتدفئة الماء قبل أن تستلقي به بإسترخاء ودموع سالت فجأة وكأنها لا تصدق خلاصها.. لا تصدق أنها كانت بين أعمامها وخرج عرضها وانطلقت رصاصات الفرحة والفخر بها.. لا تصدق أن جميل وضعها لها المكيدة وحفر لها الفخ ليسقط هو فيه وبإرادته !
لا تصدق دموع والدتها وقبلاتها الفخورة بها وكأنها تشكرها علي رفع رأسها الذي أثبت للجميع أنها كانت قادرة وجديرة علي تربيتها وحدها دون رجل
أغمضت عينيها بشهقات حامدة برعشة من رسائل الله لها وإطمئنانها بوجوده معها، ولم تشعر بنومها في الماء إلا بطرقات الباب وصوته القلق في الخارج
- امم. اححم انا هنا.. طالعة معلش
تنحنحت مجيبة بإرتباكٍ وحرج من غفوتها في المياه دون معرفة كم مضي وبعد دقائق خرجت مُرتدية ما أخذته من حقيبتها والذي تكون من بجامة خضراء .. بجامة محتشمة!
- انا اسفة محستش الوقت
- نظر لها بتفحص وهربت هي من وجوده بالبنطال فقط قبل أن يستدير مرة آخرى للفراش
- طيب لو جعانة قولي نفسك في ايه عشان اطلبه
- لالا مش جعانة الحمدلله
- تمام يبقي يلا تعالي!
تجمدت في مكانها ناظرة له برهبة من تمدده فوق الفراش دون أن يجذب الشرشف فوقه
- مالك؟
تحركت عينيها بإهتزاز قبل أن تتحرك لطاولة الزينة مُلتقطة الفرشاه برعشة
- انا.. مبعرفش انام جمب حد
تحدثت بحرج شديد من الموقف ورهبة ملأت قلبها الذي تجمد داخلها رغم ارتفاع درجة الحرارة
- هتتعودي
قطبت جبينها من رده البارد وإلتفتت له بنزق لتصرخ بشهقة فزعة من إقترابه المفاجئ منها وقد أتي فجأة من جانبها حتي لا تراه في المرآة
- مترديش عليا!
همس لها محيطاً جسدها من الخلف وتصلبت هي بنهيج من تتابع صوته الهامس وانفاسه التي لفحت جانب عنقها وأذنها
- لما بتردي عليا بفقد اعصابي وانا مش زي موسي مبعرفش اتحكم وقت ما أحب.. خليكي مطيعة وهادية انا مبحبش العناد
نظرت لعيناه في المرآة وبادلها النظرة قبل أن ترتجف بنفي مذعور من قبلته لرقبتها
- انا.. مش .. معلش انا..
- وقاطع توسلها المتعثر بقبلة آخرى قبل أن يجيب ساحباً جسدها
- انا عارف.. ومش عاوز منك حاجة .. تعالي ننام متخافيش
ابتلعت ريقها برعشة ونفضة سيطرت علي جسدها بأكمله عندما شعرت بإحاطت ذراعيه وما هي إلا دقائق معدودة وذهب في نومٍ عميق
أنت تقرأ
وميض العشق.. الجزء الثاني من كيف عشقت
Любовные романыوكأن قُبلتها ضربت بوميضٍ قوي إخترق قلبه ! وكأن ما يُنقصه الأن سحر قُبلتها عليه ! وكأن ما لديه من سحر وعشقٍ لها لا يكفي! وبين كأن وكأن.. تعلق قلبه بذلك الوميض .. وميض العشق!