الفصل الخامس عشر

44.6K 1.3K 139
                                    

 

الأقوياء ليسوا من ينتصرون دائماً , الأقوياء هم الذين لا يستسلمون عند خسارتهم.
محمد علي كلاي

تحركت بأنين من ذراعها الايسر وعندما حاولت تحريكه مجدداً صرخت بألم شديد مُستنتجة حدوث شرخاً به
- يوسف !
همست ناظرة حولها ونظرت للخلف بعدما جلست فوق الارض بإختناق من الأدخنة المتصاعدة حيث الهاوية
- يوسف!
هتفت بإسمه متحسسة كتفها الايسر بألم بعدما ضمت ذراعها إلي صدرها في محاولة لتثبيته، تحركت ببطئ مضيقة عينيها لضوء الشمس الغارب في نهاية الافق واضعة خصلاتها خلف اذنها اليمني بدموع حتي استطاعت الرؤية جيداً مشاهدة جسده علي مسافة من سقوطها
- يو.. يوسف!
نادته ببكاء سائرة بهزلٍ نحو جسده بكل ما تبقي لها من طاقة حتي وصلت إليه شاهقة من بكائها وخوفها عليه
- يوسف!
خرجت نبرتها وكأنها سؤال قبل أن تجلس بيأس فوق ركبتيها جانبه، وكان هو مُلقي فوق ظهره دون شعور وقد غاب عن وعيه منذ لحظات ارتطامه بالارض عند سقوطه من السيارة
تحركت نظراتها الخائفة فوق وجهه واخذت بضع ثوانٍ حتي استطاعت تحريك اصابعها بشجاعة محاولة الشعور بنبضه عبر شريانه السُباتي، وبتحسسها نفت بفزع من عدم شعورها بالنبض وضغطت أكثر فوق جانب رقبته أسفل الفك مخرجة أنين من تحرك ذراعها الايسر بسبب رجفة جسدها
- يوسف.. لا عشان خاطري.. عشان خاطري
توسلته مستندة علي الارض جانبه بيدها اليمني لتميل عليه محاولة وضع أذنها فوق قلبه علها تستمع لأي نبض وشعرت للحظة بتنفسه البطيء من حركة صدره
- اتنفس يايوسف.. اتنفس عشان خاطري
توسله بدموع غزيرة رغم ابتسامتها التي ظهرت فجأة من كونه حياً ، وضعت يدها في جيب بنطاله باحثة عن هاتفه وصُدمت بإنكسار شاشته!
نظرت لعطل شاشته بدموع وقد كان هاتفه أملها الوحيد بطلب النجاه بعدما ظلت حقيبتها في السيارة، نظرت لوجهه بدموع محاولة تحريك مؤثر اللمس الخاص بشاشة الهاتف ولكن حركته كانت بطيئة ومُتعطلة، وضعت الهاتف جانبها ببكاء وانحنت عليه ماسحة فوق خصلاته ووجهه الملوث بالدماء
- يوسف اتحمل عشان خاطري.. اتحمل
توسلته رغم تأكدها من عدم سماعه وقد كانت حالته خير دليل أنه في عالم آخر..
عالم بعيد كل البعد عن الشعور !

*****

الشعور هبة من الله، أما التخاطر الروحي معجزة.
سرين عادل

ابتلع موسي ريقه بصعوبة من إختناقه وأغلق الملف أمامه ممسداً بين حاجبيه بصداعٍ سيطر علي رأسه منذ وقتٍ قبل أن يضغط زر إستدعائها
- هاتيلي قهوة ياميان وتعالي
أومأت بإهتزاز واضعة سماعة الهاتف ونهضت عندما جلب الساعي قدح القهوة لتطرق الباب منتظرة أمره بالدخول
نظر لها ونهض من فوق مقعده تحت اقترابها حتي جلس فوق الاريكة الجلدية إرهاقٍ مُرخياً رأسه للأعلي
- خلصتي مراجعة الملف؟
نظرت له بقلق من شحوبة مُتذكرة هيئته وقتما إرتفعت حرارته
- اه خلصته
- برافو
همس بنبرة كانت اقرب للشعور بالنعاس ونظرت هي حولها بحيرة لا تعلم هل تخرج ام تظل
- اعدي ياميان.. متخرجيش
عادت له بنظرات مُتسعة من إجابته علي سؤالها الذي لم تسأله من الأساس
- هو.. هو حضر.. قصدي انت .. انت كويس؟!
نفي مُتحسساً معدته
- مش عارف بس حاسس اني مخنوق وكل حاجة فيا بتوجعني.. شكلي خدت دور برد
- يعني سخن؟!
سألته بتوجس تشعر أنه بالفعل كان بنفس الهيئة
- مش عارف
أجابها بعبثٍ كابتاً بسمته وخفق قلبها تعلم إنتظاره لحسها وإخباره كما قالها في الغرفة مُسبقاً
- انتِ بتاخدي الدوا فعلا؟!
سألها معتدلاً ليرتشف من قدحه وتراجعت هي بإرتباكٍ من سؤاله المفاجئ
أغمض عينيه لحظة بضيقٍ مكبوت وقد صدق حدسه، ومن طريقتها المتوترة بإظهار الشرائط شعر بشئ خطأ
- تعالي ياميان
قالها بهدوء رافعاً يده لها وإقتربت بقلق وخوف منه قائلة بندمٍ ونبرة شبه باكية
- مكانش قصدي ارميهم والله انا مش عاوزة اخد دوا
ارتفع حاجبه بصدمة من اعترافها وقد فكر في كل شئ عدا ما قالته، رمش مرتان محيطاً جسدها الذي ارتجف من اقترابه وحرك يده المحيطة بخصرها قاصداً شعورها به
- ها ايه رأيك؟!
نظرت له بذعر محاولة الابتعاد عن يده واقترب هو مشدداً من ضمها اليه ليهمس دافناً وجهه في خصلاتها من الجانب
- عاوزة تعيشي معايا كده ؟!
خفق قلبها بقوة من همسه الذي كان داخل صميم اذنها وتحركت بأنين رافض من شعورها بتقبيله لخصلاتها وجانب وجهها قبل أن يهمس ملامساً أذنها مجدداً
- عاوزة تفضلي تنتفضي من لمستي.. هتقدري تستحملي قُربي منك
أغمضت عينيها بقوة وشهقت بذعر عندما ارتفعت اصابعة لفك أزرار قميصها
- لا.. لا مش عاوزة
تحدثت بهمس مذعور بينما رأسها قد بدأت بالنفي المتوسل كما يدها التي تحاول ابعاد قبضته
- متخافيش.. انا مش هأذيكِ
همس لها ناهضاً ببطئ حتي اصبح امامها منحنياً عليها وتراجعت هي في جلستها مذعورة بعدم تصديق من تصرفاته
-
لا..
نفت برجاء عاجز وابتسم لعينيها الزرقاء ببرود
-
مفيش حاجة اسمها لا!!
شهقت ببكاء واستند بكفيه علي جانبي وجهها حيث ظهر الاريكة حتي اقترب مُقبلاً وجنتها بهمسٍ تحت رعشتها ودموعها
- شايفة حالتك عاملة ازاي؟!
فتحت عينيها ناظرة لقُرب عينيه منها وسالت دموعها بتتابع تحت نظراته الثابتة وحديثه الهادئ
- الدوا اللي رمتيه هيخليكي تتخطي كل دا.. العلاج اللي بتتعالجيه بالعافية هيخليكي متخافيش مني كده
رمشت بنحيب ونهيج من تسارع تنفسها، بينما نظر هو لتعرقها الشديد متابعاً بحنان واصابعه تمسح بظهرها فوق جانب وجهها وعنقها
- اول مرة قربت منك اغمي عليكِ.. وتاني مرة كنتِ فايقة بس جالك انهيار وصرختِ وبعدين وقعتي.. وثالث مرة عيطتي وخوفتي.. ودلوقتِ محصلكيش حاجة بس قلبك هيوقف لانك فايقة وواعية بتوجهي قربي منك ووجودي
نظرت لعنقه ببكاء ضاغطة بيديها فوق الاريكة علي جانبيها
- عارفة دا معناه ايه ياميان؟..
رفعت حدقتيها الُهتزة له وأجاب ببسمة هادئة
- معناه انك بتتغيري وبتتحسني.. انتِ تقدري تبقي كويسة بس لازم تساعدي نفسك وتساعديني.. مترميش الدوا عشان دا اللي هيمنع عنك شبح دانا.. العلاج هو اللي مش هيخليكِ تأذي نفسك أو تأذيني
- انا مش هأذيك..
قالتها بنفي باكي وأومأ لها مقبلاً رأسها
- وانا مش هلمسك الا لما تكوني عاوزة دا.. متخافيش مني..
انا كنت بوريك اننا محتاجين العلاج لان حياتنا مش طبيعية وانتِ مازلتِ بتخافي مني وقُربي بيفكرك بحاجات مش كويسة
ابتلعت ريقها ناظرة لإبتعاده حتي جلس جانبها مجدداً لتنكمش علي نفسها برعشة
- يوم ما قولتيلي ان انتِ اللي ختي الورق وخبتيه.. انا صدقتك علي فكرة لحد ما اتصدمت انك بتهدديني عشان افضل موجود.. اتصدمت عشان متخيلتش إنك بقيتي بتلجأي للتهديد عشان تجبري الطرف التاني زي ما كان بيحصل معاكِ انتِ .. اكيد انتِ مش ناوية تقومي معايا بدور خطيبك أو دانا صح؟!
نفت بقوة شاهقة ببكاء شديد وأومأ مستنداً بمرفقيه فوق فخذيه ليتناول قدحه بهدوء
- يبقي تخدي العلاج ومترميش حاجة وتساعديني عشان انا اكيد مش هفضل كويس كده ومتحمل ظروفك.. دايماً قولي لنفسك موسي ضاغط علي نفسه ومتحمل كل حاجة فأنا لازم ابقي كويسة واساعده.. عشان فعلاً انا لوملقتش منك مساعدة هتلاقي مني وش تاني
ابتلعت ريقها من تهديده الصريح وأومأت برجفة ناهضة ببطيء قبل أن تتصلب علي صوته
- اعدي مكانك.. اهدي وبطلي عياط وبعدين اخرجي
تحدث بهدوء رأته شدية وقوة من حزم حديثه ونهض هو محاولاً الاتصال بأخيه للمرة السابعة !!

وميض العشق.. الجزء الثاني من كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن