الفصل الحادي عشر

48.7K 1.3K 111
                                    

 

القلب المُحب هو الأكثر حكمة.
تشارلز ديكينز

ودائماً كان حكيم ومنذ رأها أصبح مُحب
توقفت جانباً تنظر له بصمتٍ بعد أن إنتهت من إرتداء ثوبها الطويل واضعة وشاحاً ثقيل فوق أكتافها، نظرت للباب حيث الأصوات في الخارج وقد استمر إطلاق النار أكثر من نصف ساعة وكأن أعمامها يُسمعون الصعيد من شماله لجنوبه
- البسي جاكت
قالها بحزمٍ بعد أن لمحها ناظرة بشرود نحو الباب، وعادت تنظر نحوه بنفس الصمت قبل أن تتحرك بطاعة مُخرجة سترة قطنية لتبدلها بالوشاح
- انتِ في الصعيد مش في القاهرة يعني الكتف العريان جريمة
برر لها أمره وكأنه قاله في البداية مُنتظراً رفضها وعنادها ليفاجئ بطاعتها وإمتصاصها لغضبه للمرة الأولي
- الجاكت احلي اصلا .. دا غير اني مبحبش اللبس العريان وانتِ عارفة
لم تُجيب واقتربت حتي جلست فوق الفراش تنظر لعبثه في الطعام
- انت ليه بتخربه؟
- لم يُجيبها في البداية ولكن بعد قليل من صمتها وهدوئها أجاب ممزقاً الحمام لنصفين
- عشان يبان اننا أكلنا وعادي
رفعت حاجبيها دهشة من تفكيره، ثم نظرت بإستغراب لباقي الحمام وقد وجدتها حجة لفتح حديثاً معه، ولا تعلم لما تراه بصورة آخرى وتري صدقه واهتمامه بها .. او هي تعلم دون دراية أنها اصبحت هادئة اكثر لتري الامور بوضوح بعدما انزاح اكثر من نصف الحمل من فوقها والسبب والفضل كان له بعد ستر ربها
- طيب ليه مقطعتش الا واحدة؟
تنهد مجيباً وقد بدأ بتمزيق البط والدجاج
- عشان انا مش هاكل الا واحدة وانت مبتحبيش الحمام اصلا..
ولثاني مرة ترتفع حواجبها بدهشة من تذكره لتلك التفصيلة
- طب...
كانت ستتحدث ولكنه قاطعها بضيق وقد نفذت طاقته حقاً ولم يتخيل أن يحدث ما حدث منها وما قالته حتي وإن كانت حزينة وخائفة
- مش عاوز اتكلم يا روسيل دماغي مصدعة من كتر الاغاني والطبل
زمت شفتيها بحرجٍ وصمتت تنظر لأصابعها وحلقتها الذهبية
- هغسل إيدي والبس عشان ننزل
نظرت له عندما نهض دالفاً لدورة المياه ثم نهضت ببطئ تنظر لصينية الطعام بفضول وابتسمت دون شعور عندما وجدته قد لوث جانباً واحداً من الرز بالطبيخ لتعلم تذكرها ايضاً لعدم تناولها لأي شئ من مسبكات الطعام وقد قطع جزء من صدر الدجاج قطع صغيرة ناعمة تدل علي أن الفاعل فتاه!
نظرت بشرود لباب الحمام ثم عادت تتأمل الطعام وكأنه لوحه غريبة تجلب النبض لقلبها!

*****

-متخافيش دلوقتِ هيبطلوا
قالتها رقة بضحكة من رجفة ميان التي كانت تغمض عينيها مع كل طلقة مدوية
- محدش هيموت متخافيش
نظرت نحو والدتها بشحوب لتتحدث بإهتزاز
- لا في ناس بتموت بس موجودين في حتت تانية مشفتيش في الفيلم لما طخوا في الجو والرصاصة جت في صدر الست اللي كانت مسافرة فوق الجبل
نفت رقية ببسمة
- اه شفت بس دا في الفيلم ياميان
- مالك.. انتِ لسه خايفة؟
نظروا نحو موسي الذي اقترب منهن بعدما خرج ليظل مع ابيه والرجال منذ طلوع العرض
اجابته والدته ماسحة فوق رأس ميان
- هي فاكرة إن في ناس بتموت من الرصاص دا بس في مناطق تانية.. هو دا بجد ياموسي ؟
ضحك ناظراً نحوها
- لا طبعا مش بجد اللي بينضرب دا مش رصاص حقيقي .. والشرطة منعت الرصاص الحقيقي من فترة كبيرة عشان الحوادث دي.. بس انتِ عرفتي منين إن ممكن يحصل كده ياميان
رفعت بصرها له برعشة
- من فيلم اجنبي الولد طخ في الجو والرصاصة دخلت في ست ملهاش ذنب
- يخربيت السينما والافلام والمخرجين اللي بوظوا دماغك
ضحكت رقة مُطمئنة انه صوتاً فقط قبل أن تتجه نحو موسي متسائلة بإستفسار
- هو احنا هنبات هنا؟
نفي ناظراً حوله
- لا انا بس مستني بابا واعمام روسيل عشان موضوع جميل وهنمشي علي طول لما يوسف ينزل
ارتبكت مقتربة منه لتمسح فوق ذراعه بحنان
- خلاص ياموسي متكبرش الموضوع ياحبيبي انت ضربته بما فيه الكفاية.. عشان خاطري بلاش مشاكل معاهم
نظر لها بهدوء ثم نظر نحو ميان
- منا فعلا معملتش مشاكل لاني مقتلتوش .. حاولوا تهدوها احسن اهيه حاجة مفيدة
تنهدت ناظرة لإبتعاده ومن يومها لا تستطيع التعامل مع عقليته الحادة بل رغم أن يوسف الاسرع غضباً إلا انه يلين كثيراً ويتبادل النقاش الي حدٍ كبير

وميض العشق.. الجزء الثاني من كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن