كنتُ أظُن أنّ الذي يحبُّني سيحبُني حتى وأنا غارقٌ فيظلامي، حتى وأنا ممتلئ بالندوب النفسية، حتى وأنا عاجزٌ عن حُب نفسي، سيحبُنيرغمًا عن هذا، ولكن لا ، فلا أحد يخاطر ويُدخِل يدهُ في جُب البئر ، الظلام لناوحدنا.
أحمد خالد توفيق رحمه اللهأغمضت عينيها بدموع من تركه لها .. وقد مر أكثر من ثمانية أيام لا يأتي ويزورها!
- ازيك يا ميان!
ابتلعت ريقها ناظرة لدانا التي دخلت من الباب وجلست امامها، تنهدت بتعبٍ شديد قبل أن تغمض عينيها بإرهاق من كثر رؤيتها
- ايه مش هتردي عليا؟
رمشت ناظرة للجانب بصمتٍ في تجاهل للتجاوب معها أو الحديث مع خيالها
- فاكرة انك كده هتبقي كويسة وقال يعني عرفتِ تتجاهليني؟!
مسحت دموعها بتعبٍ ولو مهما كلفها الأمر لن تتجاوب تلك المرة مع خيالاتها.. تلك المرة ستتخطاها وستتعافي
مسحت فوق خصلاتها برعشة أصبحت مصاحبة لجسدها الضعيف، وكلما يجذبها تفكيرها للرد والتجاوب معها ..
أو للإعتذار وتوسلها بأن تتركها.. تتوقف متذكرة الصدمات الكهربائية التي بدأت تقتلها !
- انتِ لازم تنتحري ياميان عشان متأذيش موسي
ابتلعت ريقها بقوة ممسكة أصابعها ببعضهم البعض حتي نالت صفعة قوية أطاحت بوجهها وخصلاتها للجانب
- فاكرة انك هتقدري تتجاهليني يعني!
نظرت بصدمة للجالسة أمامها ونالت آخرى اشد قوة وثالثة جعلتها تميل للجانب بإرهاق ونهيج قبل أن ترفع أصابعها ملامسة جانب شفتيها النازفة !!
- انتِ مجنونة يا ميان.. مجنونة!
ظلت عينيها تنظر بصدمة وذعر وعقلها يُخبرها أنها حقيقية وليست كما يقنعها الجميع بما فيهم موسي
- محدش هيصدقك .. دانا ماتت من زمان.. انتِ قتلتيها من زمان
اغلقت عينيها وسقطت دموعها برجفة وفي ثانية خرجت صرختها قوية عندما جذبت الفتاه خصلاتها مقترباً من وجهها بشرٍ
- ايه هتعملي مش شايفاني برده؟!
نظرت لها بعدم تصديق ودون شعور بألم خصلاتها القابعة بين قبضة ليالي!!
- انت بتقاومي ليه.. ليه منتحرتيش .. انطقي!
إهتزت حدقتيها وإهتز المحيط الأزرق داخلهم كما إهتزت الكرة الأرضية عندما مالت مُقبلة شفتيها قُبلة مقززة ومقرفة جعلت ميان تنحني بقوة متقيأة بألم
- اقولك ايه اللي بيحصل معاكِ.. اقولك مين اللي صح!
رمشت ميان عدة مرات ناظرة للأضية المتأرجحة أسفلها وبمجرد ما تركت ليالي خصلاتها سقطت أرضاً فوق ركبتيها!
- انا ليالي... وانا كل اللي بتعيشيه!
لم ترفع رأسها بل وبدأت بالنفي الهستيري من إختلاق عقلها لقصص جديدة
- من أول ما شفتيني في حمام المطعم وانتِ صح!
انا عرفتك لان دانا كانت بتورينا صورك.. افتكرتك من خوفك مني وجمالك اللي مستحيل انساه.. تشنجك ووقوعك علي الارض وشللك أكدلي إنك انتِ..
لحد ما نطقتِ اسم اختِ.. ولما سألتك خايفة يا ميان صدمتك ريحتني اوي!
فلاش باك...
- د.. دا.. نا!
همست بصدمة وإهتزت حدقتيها بدموع وذعر لا تصدق.. لا تستوعب ما تراه!
ضيقت الفتاه عينيها وقد مال ثغرها بغموض قبل أن تقترب من وجهها لتهمس جانب أذنها اليمني
- حاسه بشلل... يا ميان؟!
أغمضت ميان عينيها التي غرقت بدموعها وصدمتها
ولم تعد تتمني فقد الوعي
بل أصبحت تتمني الموت!
- كويس إنك فكراني!
همست بوحشية وزادت ميان من إغماض عينيها لتأن بألم شديد شاعرة بحدة الاسنان التي ضغطت فوق أذنها قبل أن يصلها الهمس المخيف والذي نثر الثلوج فوق قلبها وجسدها لتتجمد تماماً !
- وحشتيني!
إرتجفت بنفضة قوية تملكت منها ليزداد نزيفها الذي كان يخرج بغزارة وكأنه يُخرج ضغطها معه وكان ذلك أو تأثير شعوري من صدمتها!
- عارفة اني أكيد وحشتك.. بس المرادي أنا اللي هعبرلك عن شوقي!!
انهت حديثها المُبطن بالتهديد طابعة قبلة مقززة فوق شفتيها
- وهاخد حقي!
همست بصوتٍ كفحيح الأفعي قبل أن تلمس خصلاتها من الجانب لتجذبهم بقوة طابعة قبلتها الأخيرة فوق عنقها ناحية الخلف
- ياميان!
وكانت تلك همستها الأخيرة قبل أن تُلقي خصلاتها بقوة ضاربة وجهها بهم
ورمشت ميان بألم وقد فقد عقلها كل قوته لينكسر في النهاية ويتوقف مُنطفأً ..!
نظرت لها ليالي وتابعت بهدوء مخيف
- مشيت وانا بغلي من جوايا ومش مصدقة انك اخيراً وقعتي بين إديا.. مشيت بس بعد ما سبتلك مايك في شنطتك
مايك يخليني اسمع أي حاجة تقدر توصلني بيكِ لاني عملت حساب إن ممكن يكون معاكِ حد في المطعم من اهلك او صحابك!!
رفعت ميان رأسها بألم ناظرة لسيرها حولها وسردها متذكرة وقتما خرجت من دورة المياه
فلاش باك..
- اتأخرتِ كده ليه؟ .. انتِ كويسة؟
أومأت مجيبة موسي بشرود ورعشة، ومازال شعور تلك اللحظة السوداء مسيطراً عليها
عقلها مظلم كما داخلها وكل شئ.. حتي النور حولها لا تراه
- مالك ياميان؟
نفت برأسها تريد الذهاب..
تريد النوم والتخلص..
تريد الإختباء ..
وأياً ما كان المهم هو إزالة هذا الشعور..
- انتِ بردانة ليه.. بترتعشي وجسمك ساقع
رفعت كفها بإرهاق لتضغط قلبها المرتجف في الداخل وقد عاد الدوار للاستحواذ عليها
- حاسه بإيه؟.. بتعيطي ليه
ابتلعت ريقها بصعوبة ناظرة حولها بضياعٍ لتهمس بحلقٍ جاف
- عا..عاوزة.. اروح
ضاقت عيناه بإستفهام مما طلبته، ونظر حوله بإستغراب لا يعلم ما بها ولما تبدو غريبة
- حاضر.. تعالي
فتح باب السيارة وركبت بهدوء لتجلس ناظرة للأمام بصمت
- ميان!
تحركت ببطء وكأنها ستترجل من السيارة
- اا..انا.. ا
بالكاد سمع ما تمتمت به وانحني نحوها ليمط جسده من جانبها مُتناولاً زجاجة الماء من المنتصف جانب مقعده
- تشربي مية طيب؟
سألها وهو يفتح زجاجة الماء ليتسمر من ملامسة اصابعها الباردة ليده
خفق قلبه رافعاً عينيه لها وكانت هي مازالت تنظر ليدها الملامسة ليده الدافئة لترفع بصرها نحوه
وثوان مرت!..
ثوانٍ دار بها عقلها بسرعة شديدة مُتخبطاً بين ظلماته القاتمة لتري ملامح دانا قريبة وصوت تامر بعيداً، كما بكاء والدتها صادحاً و حديث والدها خافتاً!
- ميا...
لم يُكمل عندما نظرت له بإهتزاز شديد زلزله، وصمت تماماً ناظرا لذراعيها عندما رفعتهما برعشة محيطة عنقه!
إختلت نبضاته بشدة لتُكمل أخر حرف من إسمها، ورفع ذراعه مُحيطاً جسدها عندما شعر بضمها لجسدها المنتفض نحوه هامسة ببحة متقطعة
- انا.. خاي.. فة.. اا.. انا.. م..مجنونة!
وتابعت ليالي بإبتسامة منتشية وحركة منتظمة وبطيئة حول جسد ميان الجالس أرضاً بهزل
- الحظ كان معايا وضدك لاني سمعت إنك في بيت موسي ولما دورت عرفت إنه موسي رشيد الهاشمي رجل الاعمال المعروف.. عمري ما انسي سعادتي في اليوم دا لان كان اسهل من السهولة إني اجيب عنوان شخصية مرموقة زية في حين إن لو كنتِ في بيتك مكنتش هعرف اجيب حد جربوع زيك ملوش قيمة!
فلاش باك..
تحركت ليالي ناظرة للقصر من الخارج ثم عادت حيث السيارة السوداء الكبيرة مشغلة الجهاز الصوتي.. ولو تطلب منها الأمر المكوث لحين اصطيادها ستفعل
- وقتها مشمعتش اي حاجة غير حركة في الاوضة وبعدين صوت الخدامة بتقولك لو محتاجة مساعدة وبتناديكِ مكنتش فاهمة في الاول واضايقت انك خرجتِ من محيط الشنطة لاني مش هقدر اسمع اكتر .. لحد ما الشنطة جت لمكانك عشان تاخدي منها البخاخ!!
فلاش باك...
- اذهبي لغرفة المدام واجلبي لي الحقيبة الخاصة بها ستجدينها خارج الخزانة
- أمرك سيدي
- ميان اتنفسي .. هجبلك البخاخ دلوقتِ .. متخافيش .. سمعاني ؟!
لم تُجيبه، لكنه شعر أنها تسمعه وتراه من حدقتيها التي تحركت بين عيناه بدموع ونظرات خائفة
- متفكريش في اللي حصل فكري فيا انا.. متخافيش.. تمام
انهي حديثه ناظراً للخادمة التي أتت بالحقيبة وأخرج منها البخاخ تاركاً إياها فوق الأرض جانبه
- استنشقي.. اتنفسي يلا ..
جلست دانا القرفصاء امام ميان ناظرة لتألمها وصمتها المصدوم
- منكرش إن قربي منك كان غلطة متهورة ومكانش لازم ألمسك وأسبلك علامات.. بس انا كنت مغلولة منك ومحستش انا بعمل ايه لاني مكنتش مخططة لسه هعمل ايه فيكِ وهتصرف ازاي.. بس الغلطة دي هي اللي جابتلي الحل..
جابتلي الطريق خصوصاً لما فهمت من كلام موسي انك هلوستي.. وقتها عرفت إن مقابلتنا دمرتك نفسياً خصوصاً إن مليش وجود ودماغك بدأت تتعب من الصدمة اللي متحملتهاش .. وكان احلي حاجة لما هو اتصدم بالعلامات وانتِ قلتي انه غصب عنك.. وقلتِ هم!!
فلاش باك...
- ميان!
همس مُقطباً جبينه من تخمينه لسبب تلك العلامة الواضحة فوق جيدها، ولا يوجد علي الأقل رجلاً لا يعرف معناها!
وتضاعفت صدمته عندما لمح أذنها صاحبة الجرح الذي نتج من حدة ضغط الأسنان عليها !!
- ميان.. ايه دا؟!
خرج سؤاله بصدمة حقيقية، بينما أصابعه قد ضغطت برفقٍ موضع الأثر لتهتز نبرته بعدم إستيعاب
- من.. من ايه دا!
رمشت عيناه عدة مرات متتالية، وريقه في اِزدرادٍ مستمر، فِيما أصبح الصعود والهبوط من نصيب صدره
- ال.. العلامة دي جتلك منين؟!
وكأن ضغط أصابعه قد إزداد دون شعوره فوق عنقها لتشعر هي!
وشعرت، ورأتها مجدداً بصورة مشوشة، بينما وصل الصوت واضحاً لأذنها، وانتفضت من شعورها بضغطه فوق جيدها موضع القبلة
نظر لها بعينين هجرها التعبير لتُصبح غامضة بشئ غريب، وأجابته نظراتها المذعورة ورجفة شفتيها الباكية دون حديث!
تسارعت نبضات قلبه بقوة علي أنينها الذي خرج فجأة باكياً لتتبعه حالتها الغريبة وهي تمسح رقبتها بهستيريا مُتذكرة تلك اللمسة التي لم تراها وقد شعرت بها فقط!
وصدمته.. بل وضربته في مقتل عندما رحلت يدها المُرتعشة عن عنقها لتصيب شفتيها بمسحات عنيفة!
اتسعت عيناه بذهول وقد تشنج جسده بقوة مُستنتجاً قُرب الجاني من شفتيها أيضاً..
وماذا عليه أن يفكر الأن وقد قبلها آخر مُخلفاً علامات فوق جيدها وعلي الأغلب جسدها أيضاً!
أغمض عينيه لحظة من ذلك الألم الذيقبض فوق عظام نصف رأسه مسبباً رجفة قوية لجفونة، وإحتر جسده في لحظة وكأن النار دبت به مشتعلة
- يعني.. يعني إيه! .. م.. مين!
خرجت نبرته متقطعة وكأن عقله فقد تركيزاً كبير مُرسلاً الحديث دون وعي للسانه، ولم تسمعه من شعورها بلمسات الفتاه وهمسها الصادح داخل طبقات أذنها ليستمر جنونها الهستيري وهي تمسح عنقها وفمها بادئة بالمسح فوق قدميها بكفٍ مرتجف كالآخر القابض برعشة فوق المنشفة التي ارتخت عنها لتسقط حتي نهاية ظهرها بينما الامام مستوراً من قبضتها التي كانت ستخترق عظام صدرها من قوة الضغط!
- مين.. مين لمسك .. امتي و.. فين!
شهقت بذعر عندما تملكت قبضته من ذراعها بقوة محركاً جسدها في مواجهته
- غص..غصب..عن.. هما.. هم..ااا...!
أنت تقرأ
وميض العشق.. الجزء الثاني من كيف عشقت
Romanceوكأن قُبلتها ضربت بوميضٍ قوي إخترق قلبه ! وكأن ما يُنقصه الأن سحر قُبلتها عليه ! وكأن ما لديه من سحر وعشقٍ لها لا يكفي! وبين كأن وكأن.. تعلق قلبه بذلك الوميض .. وميض العشق!