الفصل الثالث عشر

43.4K 1.3K 150
                                    

 

يخافون على البنت من الدنيا ولا يخافون على الولد من الآخرة , إذن هو مجتمع يخاف كلام الناس أكثر من خوفه من الله.
مصطفى محمود

نظرت سعاد إلي كوب الشاي الثقيل فوق الطاولة قبل أن تعود لمتابعة شاشة التلفاز المعلقة فوق الحائط
- هو انا مش بكلمك ياما مبترديش ليه؟
مال فمها بسخرية متناولة بعض المسليات لترتشف بعدهم القليل من الشاي
- خلاص مترديش براحتك انا زهجت منكم كلكم يارتني سافرت وهجيت من اهنيه
وضعت الكوب ناظرة له بغضبٍ وإنفجرت! ..
انفجرت بكل ما تكتمه منذ اسبوعاً مضي!
- تهج لفين ومنين ياموكوس.. اوعي ياولا تكون فاكر انك هتفلح بره .. لا ياحبيبي هتخيب خيبتك وهتجبلنا مصيبة زي ما طول عمرك بتعمل .. بجي انا انضرب بالجلم عشان بنت ناهد والبت تورطني اجده بكل عين بجحة بسببك انت
انا العيلة كلها تتكلم علي خلفتي وابني سبع الرجالة بالعاطل وناهد الصايعة بتاعت مصر الكل يتكلم علي شرف بتها وتربيتها الزين
ونهضت من فوق الاريكة بغلٍ وكره لتصرخ في وجهه
- انا يتجالي المحروس ابنك كل علجة من اخو جوز الدكتورة اللي مرديتش تاخده.. بتبص للملوية الصفرا اللي معاهم ياجميل بتبص لواحدة متجوزة يا*** روح الله يفضحك زي ما فضحتنا ووطيت راسنا.. جال ايه واني اللي فرحت لما سمعت حديثكم سوا وفكرت البت مش بنت بنوت بحج
وجولت اجلبها علي راسها هي وامها المايصة.. تجوم تطلع بتلعب بيك بت مصر وغفلتك ياموكوس عشان في الاخر تتكلم عليها ويطلع عرضها منور.. ولا جوزها اللي وجف يجولي بجت مرتي ومحدش ليه عندنا والزمي حدك .. انا بنت العواجنة يتجالي اجده بسببك انت وابوك.. بسبب ريالتكم علي نسوان مصر المصديات الله يحرج جلوبكم زي ماحرجتم جلبي
- يوووه ياما انتِ مبتزهجيش.. ما خلصنا خلاص والموضوع خلص
- خلص!! .. فين خلص ديه هو مش عثمان بردك طردك من المزرعة والارض.. مش عثمان بردك اللي طردك من مجلس الرجال اول امبارح لما جالك الجعدة ديه للرجالة والحريم بتجعد بره
- انا خارج ياما اجعدي انتِ اهري في نفسك اجده والبت الصفرا اللي مش عجباكي دي انا بحبها ومش هسيبها لانها مغصوبة علي جوازتها من الواطي اللي اسمه موسي وبكرة تشوفي ان كلامي صوح

*****

خرج إياس من الغرفة الجانبة بعد أن تخلص من ملابسه محكماً ربط المنشفة البيضاء حول خصره
- نفس المساج ولا محتاج حاجة اضافية؟!
نظر لرسميتها معه بسخرية واستلقي فوق بطنه مجيباً بهدوء
- نفسه
إلتقطت الزيوت وبدأت بسكب قطرات منها قبل أن تُضيف آخرى بادئة التدليك
- العملية كلفتك كام بقي؟
ابتلعت ريقها ببطيء مجيبة بثباتٍ
- كل الفلوس اللي ختها
ابتسم بسخرية مُتذكراً خلافه معها عندما طلبت أخذ المال حتي أنهي أخيه الموقف!
فلاش باك...
- يعني ايه عاوزة الفلوس انتِ بتستعبطي يابت؟!
لم تجب عليه عائدة بنظراتها نحو كمال بحرج
- عشان خاطري انا مش كذابة بس مش عاوزة اعملها هنا
أومأ كمال مهدئاً قبل أن يجذب المقعد لتجلس بدلاً من أن تسقط فجأة
- طيب قوليلي السبب وانا والله هديهوملك
وعنفه إياس هاتفاً به بغضبٍ
- تديلها ايه دي بت نصابة وشكلها بتمثل التعب اساساً..
التفت كمال محدجاً إياه بنظرات نافذة الصبر
- متدخلش انت..
- يعني ايه مدخلش انت بتلاقي فلوسك في الشارع بقولك نصابة انت مش مستوعب ليه؟
- صدقني انا مش نصابة انا معرفش عندي ايه وخايفة اموت بس مش عاوزة اعملها هنا
نظر لها كمال موافقاً
- طيب مفيش مشكلة انا هديكِ تكلفتها بس حسب المستشفي اللي هتعمليها فيها.. لو عاوزة حكومية فبلاش لان هنا هيكون افضل صدقيني
نفت بحرج متجنبة النظر جهة إياس الغاضب، بل ونهضت مرة آخرى مقتربة من كمال بإرتباكٍ
- هعملها في مستشفي الهاشمي
اتسعت عيني كمال بعدم فهم وقد إختارت أكثر المسشفيات رقياً وغلاء
- وحيات امك؟!
أغمضت عينيها علي زعقة إياس وابتعدت بترنح عندما اقترب متخطياً كمال بثورة ليجذبها من ذراعها
- انت تعرفيني يابت.. تعرفي انا مين وابن مين صح؟
نظرت له بتشوش وصورة ضبابية لا تفهم مقصده وتابع هو هاتفاً في وجهها
- انطقي وراكِ ايه.. تعرفيني منين؟!
رفعت يدها مُستندة فوق صدره بدوار شديد بعد أن أغمضت عينيها علي صراخه الذي سبب طنيناً لأذنها اليمني
وتحدث كمال بإستغراب وشبه صدمة من اختيارها لتلك المشفي خصوصاً انها خاصة بعائلة أخيه
- المستشفي هنا ارخص من هناك ياراما وبكتير كمان.. دا غير اني هكون معاكِ هنا يعني هاخد بالي منك
- سيب ايدي
همست لإياس محاولة فلت ذراعها من بين قبضته وتابع هو مقترباً منها أمام تراجعها البطيء
- لو مقولتيش دلوقتِ انتِ مين واشمعني الهاشمي انا هرميكي بره زي الكلاب.. ويبقي ولا هنا ولا هناك
- إياس
ناداه كمال بضيق من طريقة تعامله واجابه بصرخة ساخطة
- استني انت بعد إذنك عشان انا عارف الاشكال دي كويس.. يعني ايه عاوزة تاخدي الفلوس وتعمليها انتِ.. مش كفايا انه بيعرض عليكِ المساعدة وبدون مقابل
حاولت النظر نحو كمال عله ينجدها ولكن نظراتها لم تتخطي جسد إياس الذي حجب عنها الرؤية متابعاً تساؤله الصارخ
- انتِ اتخبطي اصلاً ولا دي ميكب وحركات ؟! .. وبعدين ما انتِ كلتِ خبطة بإزازة الخمرة قدامي وطلعتي منها صاغ سليم اشمعني دلوقتِ
اتسعت عيني كمال بصدمة من حديث اخيه ولم يتوقع للحظة أن تكون تلك الفتاه عاطلة أو ممن يذهبن للحانات الليلية!
- انا اتخبطت غصب عني وانتوا اللي قولتوا اني تعبانة بس انا..
انا.. مش حاسه كده !
خرجت كلماتها الأخيرة بإهتزاز متقطع قبل أن تعود أنفها للنزف الذي لوث قميصه من سقوطها المفاجئ عليه!
- إياس
هتف كمال بقلق من سقوطها وحاول رفعها معه تحت أنينها وانحنائها لتتقئ بألم شديد
- البنت هتموت.. في حاجة في دماغها انا متأكد.. الوقت مش في صالحنا.. ممكن في لحظة تموت افهم بقي
صرخ كمال بإرتباكٍ جاذباً قميصها قبل أن ينادي علي الممرضة
- ساعديها تلبس تاني بسرعة
انهي أمره للفتاه مقترباً من راما التي جلست علي حافة الفراش تنظر بضبابية لتنقيط انفها فوق بنطالها
- انا هديك الفلوس بس روحي بسرعة واكشفي.. انا مش عارف ايه غرضك وايه وراكِ بس لو حد مسلطك عليا أو علي إياس اتمني متأذيش حد عشان فعلاً إحنا منستحقش دا
أنهي حديثه خارجاً بسرعة ليأتي بالمال تحت نظرات إياس المذهولة سواء من موقفه أو من إعيائها الشديد وشحوبها الذي وازي سيل الدماء من أذنها مجدداً
فتح عينيه فجأة من غفوته علي صوت الهرج في الخارج بينما ارتبكت هي مُتراجعة بذعر شديد عندما دلف فريد الصايف ورجاله!!

وميض العشق.. الجزء الثاني من كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن