الفصل التاسع عشر

43.2K 1.3K 193
                                    

 


تذكر دائما بأن التغييرات الكبيرةفي الحياة قد لا تعطينا تحذيرا مبكراً عندما تحدث.
جاكسون براون

وعلي الاغلب قد بدأ القدر باللعب معها لتعاكسها الحياه وتقسو عليها مجدداً ..
مجدداً!..
وكأنها كانت حنونة يوماً!!.

-
انتِ فين يا انسة سيلا انا حاولت اتصل بيك اكثر من مرة
قالها الطبيب علي الهاتف ناظراً للمرضي المتزايدين حوله كواقع اي مستشفي عام
-
انا اسفة بس والد صديقتي جاله جلطة علي المخ وخدناه مستشفي ال__ اللي جمبكوا.. عموماً انا جاية دلوقتِ بس هو حضرتك بتتصل ليه.. ماما فاقت او في جديد؟!
زم شفتيه بحزنٍ وصل واضحاً في نبرة صوته
-
المتبرع سافر للاسف.. جه وقالي انه مش هيستني اكتر ومشي
اتسعت عينيها بصدمة نافية بعدم تصديق فِيما تابع الطبيب بأسف
-
كان نفسي اساعدك بس للاسف هو مصبرش اصلاً وانا معرفتش اوقفه.. هحاول اشوفلك غيره انا فعلاً اسف
اغلقت الهاتف بحسرة وبكاء وكأن ما حدث عادياً وكأن المتبرع لم يأخذ حياة والدتها بسفره!!
وعلي الجانب الآخر أنزل الطبيب الهاتف عن أذنه قبل أن ينظر للمتبرع أو بمعني اصح الرجل الذي جلبه ليقوم بدور المتبرع الكندي في طريقة لوضع خطة نصب اعتاد عليها خصوصاً مع حالات تلك العمليات الكبري
وقد ساعده جهلهم وقلة خبرتهم
-
هتعمل ايه بقي؟!
مط فاروق شفتيه بحيرة وتحرك بإثارة نحو مدخل المشفي
-
ولا حاجة هشوف غيرك .. وبرده يطلع استغلالي لانها فعلا محتاجاه ويبدأ يسحب منها مبالغ لحد ما يمشي برده.. وهي شكل روحها في مامتها بل بالعكس كمان هتكون حركتها اسرع كتير وهتجيب اكتر عشان متخسرش المتبرع الجديد واللي ممكن ميجيش غيره، وبعدين انت مش قلت انك شفتها مع تميم مرة علي موتسيكله ناحية التجمع..
أومأ الرجل بصمتٍ
- خلاص يبقي هتجيب تاني منه .. سيبك انت بس وميبقاش قلبك رهيف كده، ويلا اخلع من هنا لانها علي وصول طلعت في المستشفي اللي جمبنا من الناحية التانية

-
تمام سلام.. ابقي كلمني عشان مش هاجي الناحية دي تاني لفترة بقي.. يلا هروح اخد حمام محترم كده واغير ام هيئة الستات دي الواحد تعب من دور رجالة برا الطريين دول.. ولاوني كنت مبسوط اوي معاها البت حلوة بزيادة الله يسهلك ياعم
ضحك فاروق قائلاً بتعالي مصتنع
-
انا مليش في الشقر والعيون الملونة بس هم بيقعوا في طريقي هعمل ايه بقي..
-
اه ما انا عارف يا فاروق نفسك بتجزع ياعيني من الحلاوة الزيادة .. ربنا يعينك ياحب سلام!!

*****

الحياة قد تمضي بكَ قبل أن تبدأ عيشها.
بول أوستر

والحياه بالفعل مضت بها..
مضت بها دون اختيار بعيشها..
مضت بها منذ طفولتها لتهلكها وتجرفها دون رحمة..
اغمضت ميان عينيها بقوة من رائحة الدماء وتحركت بكل قوتها دون شعور حتي نهضت من مكانها بترنُح وشعور بدوران الارض جعلها تتخبط مُتحركة حتي استندت علي جانب الطاولة الموضوعة بثباب!!
وابتلعت ريقها بصعوبة وبإستنادها واسترداد وعيها خفق قلبها من هيئة الغرفة التي كانت مألوفة لها..
مألوفة حد إنقباض القلب!!
ابتلعت ريقها فاتحة فاهها قليلاً في محاولة للتنفس الجيد وهي تنظر للجدران التي تغير لونهم كما تغيرت المقاعد رغم أن عددهم هو نفسه واماكنهم نفسها .. وثوانٍ مرت قبل أن تنتفض من استنادها علي طاولة المُعلم!
طاولة المُعلم التي لم يتغير مكانها رغم استبدالها كما الحادث مع كل شئمن حولها!

نفت بهستيريا وتسارع تنفسها بقوة ناظرة للوحة الالكترونية بذهول وما رأته كان كضربة في مقتل!
تراجعت بأنين من ألمٍ ضرب صدرها بقوة غير مصدقة رؤيتها للمسألة التي عجزت دوماً عن فهمها لتقوم دانا بدور المُعلم في شرحها لها حتي استوعبها!!
اغمضت عينيها بلهاثٍ اصبح قوي ودموع تحجرت في حدقتيها الزرقاء من عدم استيعاب عقلها الذي بحث عن القلم ليجده بحوزتها حيث مكان نومها
-
ليه يا ميان ؟
انتفضت كمن لدغتها افعي من صوت دانا ونظرت بصدمة عندما سألتها مجددا ببكاء تتذكره جيداً
-
ليه قتلتيني ؟
نفت مغمضة عينيها بقوة كما نفت برأسها ويديها في محاولة لتجاهل الصوت الذي اخبرها الطبيب بوهميته وساعدها لتتخطاه
-
مش عاوزة تسمعيني!.. خلاص بصيلي ولا كمان هتعملي مش شيفاني عشان تريحي نفسك وضميرك وتسمعي كلام دكتورك اللي مفهمك اني مجرد وهم!
-
نظرت بدموع حيث جسدها القابع بهدوء في المقعد الثالث كما كان مكانها دوماً واخفضت بصرها في هروب مذعور تحت سؤال دانا المتألم
-
ليه كتبتِ المسألة دي.. كتبتيها عشان انا بكرهها صح.. كنت قاصدة تقوليلي اشرحهالك عشان تخديني الفصل لوحدنا وتقتليني..
- لالا.. لا والله
همست ببكاء عائدة للخلف في إستناد علي الطاولة من هزل قدميها التي بدأت تعجز عن حملها، فِيما تابع صوت دانا الهادئ بمرارة وبحة بكاء
-
انا كنت عارفة ان محدش بيتمرجح بالحبل بس فكرتك من كتر برائتك متعرفيش وفعلاً عاوزة تعملي كده.. انا طلعت عشان أوريكي مش اكتر.. طلعت عشان خايفة تطلعي انتِ بس متوقعتش انك توقعي الكرسي وتشي رجليا عشان اتخنق واموت
-
اااااااه
آنت بألم هاربة من الفصل الدراسي وعقلها يُخبرها انها في حلمٍ وستنهض الان ليس إلا ولكن صدمتها بالواقع اضنتها وهي تركض في الممر بين الفصول آخذة الدرجات في هبوطٍ لاسفل..
هبوطاً اوصلها للردهة الرخامية قبل أن تخرج حيث الملعب الرملي الذي ركضته سريعاً ببكاء دون شعور ببدأ نزف جسدها الي أن وصلت حيث الباب الحديدي الكبير لتخرج مُستقلة سيارة أجرة دون وعي وكل هدفها الهروب من ذكرياتها الاليمة وواقع مرضها المخيف !!
ترجلت اسفل بنايتهم وصعدت بوهنٍ متمسكة بالدربزين النحاسي حتي وصلت للباب ودلفت بمفتاحها ناظرة لهدوء الشقة وعلب الطلاء الموضوعة علي وضعة يد العمال الذين يحضرون في الصباح لترميم ما احترق بالشقة تاركين عدتهم ومؤن العمل.

تحركت ببطئ حيث غرفتها ودخلت محتمية بها لتغلق الباب خلفها رغم عدم وجود غيرها في الشقة بأكلمها!
نظرت ليدها الملوثة بدماء لا تعرف من صاحبها كما ملابسها المتسخة حتي شعرت بالسائل الدافئ الذي كان يسيل من بين قدميها لتشهق ببكاء شديد ورعشة قوية تملكت من جسدها كشخصٍ مبلل في شارع مدينة جليدية ، عضت فوق شفتيها المُرتجفة التي بدأت تتحول للأزرق وصعدت فوق فراشها لتختبئ تحت غطائها كما كانت تفعل قديما وهي صغيرة!!!

وميض العشق.. الجزء الثاني من كيف عشقتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن