طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء
الفصل الخامس والعشرون - بقلمي منى سليمان
* الوداع الأخير *
بسجن النساء جلست منيرة على فراشها الموضوع في نهاية العنبر المخصص للسجينات تحت الحبس الاحتياطي... كانت كلمات المحقق تردد في أذنيها مراراً وتكراراً حينما طلب من يحيى إجراء تحليل الحمض النووي لولديه فعلمت أنها خسرت كل شيء... عادت بذاكرتها إلى سبع سنوات وتذكرت عندما أجرت اختبار حمل منزلي فجاءتها النتيجة صامدة بعد أن علمت أنها تحمل في أحشائها جنين من علاقتها الأثمة مع جارها... وضعت يدها على ثغرها لتكتم الصرخة التي على كانت على وشك الانطلاق ثم تحاملت على جسدها وغادرت الحمام لتلقي بجسدها على الفراش وهي لا تعلم كيف تتخلص من ورطتها... انتظرت حتى خلدت والدتها إلى النوم وتركت شقتها كعادة كل يوم لتذهب إليه لكنها لم تذهب بمفردها فبداخلها قطعة منه، استقبلها بترحاب فقد اعتقد أنه لا على وشك. قضاء ليلة ساخنة ككل لياليه إلا أن جميع أحلامه تبخرت عندما أخبرته بحملها فجحظت عينيه في عدم تصديق وتساءل
- أنتي بتتكلمي بجد يا منيرة؟
- أيوه يا مرزوق أنا لسه عامله تحليل من كام ساعة
- دي مصيبة ولازم نخلص منهاوضعت منيرة يدها على ثغرها لتكتم شهقاتها فابتعد عنها دون أن يعيرها أي اهتمام وبمجرد أن فاقت من صدمتها وقالت بنبرة صوت حزينة
- أنت وعدتني بالجواز علشان كده سلمتك نفسي، جاي دلوقتي وتقول على اللي بينا مصيبة!!!! أنت لازم تكتب عليا
انتفض عن مقعده واقترب منها كالإعصار ثم قبض يده بعنف على معصمها وقال بحدة وصوت عال
- اللي في بطنك ده ينزل وبعدها مش عايز أشوف وشك تاني، اللي ترخص نفسها عمر ما واحد يكتب عليها، أنا اخدت منك كل حاجة بمزاجك ما غصبتكيش يا حلوة
نفض معصمها بعنف فسقطت تبكي على الأرض بعد أن تخلى عنها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى جمع ملابسه وغادر فعلمت أنه لن يعود.... مرت الأيام وتعرفت على يحيى من خلال زوجته رمزية وانخرطت معه في علاقة جسدية بعد أن أوهتمه أن أحدهم اعتدى عليها وأدعت كذلك بعد مرور شهر على العلاقة المحرمة أخبرته أنها تحمل في أحشائها طفل منه وبعد مرور سبعة أشهر أنجبت ولديها مصطفى وعبد الرحمن فاعتقد أنهما ولديه بعد أن دفعت مبلغاً كبيراً من المال للطبيب النسائي فأوهم يحيى أيضاً أن ولديه ولدا في منتصف الشهر السابع بدلاً من التاسع...
عادت إلى أرض الواقع وسقطت دموع الندم من مقلتيها ولكن بعد فوات الأوان فقد دمرت حياتها وحياة أطفالها كما دمرت حياة رمزية ووعد من قبل*******************
تجمع المارة حول يحيى واستدعى أحدهم سيارة الإسعاف وتم نقله إلى إحدى المستشفيات الجامعية في حالة يرثى لها... بغرفة الطوارئ وُضع يحيى على فراش الموت بعد أن فقد الكثير من دمائه وغلفت الكسور سائر جسده... أفرغوا محتويات جيبه ووجدوا بطاقته الشخصية ومبلغاً من المال إلى جانب هاتفه ومفكرة صغيرة تحتوي على أرقام عائلته فقام أحد الممرضين بالاتصال بمنيرة لكنه وجد هاتفها مغلقاً فأجرى اتصالاً بهاتف وعد إلا أنها لم تستمع إلى صوت رنين هاتفها فقد كانت تلعب وتمرح مع الصغار داخل دار الرعاية، فوجد بالنهاية رقم هاتف أرضي تم تسجيله بأسم المكتب فأجرى الاتصال ولكن ما من مجيب فنظر إلى زميله وقال
أنت تقرأ
طريقي بقربك - منى سليمان (الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء)
Romanceالمقدمة مضت وهي لا تعلم أي باب تطرق... فقد أُغلقت جميع الأبواب التي طرقتها في وجهها... والآن تغدو وحيدة... غريبة... شريدة ... تساءلت في نفسها هل هي نهاية الطريق أم أنها البداية... يا له من قدر جعلها هكذا... تمضي ولا تعلم إلى أين تذهب أو إلى أي باب...