طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء
الفصل السادس والعشرون - بقلمي منى سليمان
* احتواء *
هل أحلم... لا إنه كابوس ساستيقظ منه بعد قليل... وماذا إن كان كابوسي حقيقة.. كيف أحيا بعد الفراق؟ كيف أعيش بعد كل صفعات الزمن؟... أخبرني يا زمان أي ذنب اقترفت لتسرق مني الأمان فالسعادة وبالنهاية أسرتي؟ أخبرني متى تنتهي دموعي وألامي؟ أو أخبرني أين المفر من جروحي وأحزاني؟....
كانت تُغمض عينيها وتردد الكلمات وهي تبكي بغزارة... انتبه لها وتمنى أن يخبأها بداخله لينتهي حزنها ولكن أمنيته كانت مستحيلة.. بعد مرور ساعة كاملة ترجل أمير من السيارة ثم اتجه صوب باب وعد وفتحه فاستندت عليه وترجلت هي الأخرى... أحاط ظهرها بذراعه وساعدها على الدخول إلى العقار ثم اصطحبها إلى شقة والدها بناءاً على رغبتها... وقفت بين الغرف تتأمل الصمت والفراغ فبالأمس كان صوت ضحكات شقيقيها يصدع في أرجاء المكان واليوم ودعتهم كما ودعت أبيها ودفنوا جميعاً تحت التراب منذ قليل... تساقطت الدموع من مقلتيها واحدة تلو الأخرى ثم اتجهت صوب غرفة مصطفى وعبد الرحمن، جلست على فراش مصطفى وتحسسته بباطن كفها وباليد الأخرى أمسكت ملابس عبد الرحمن لتشتم رائحته... كانت النيران تتأكلها فقد رحلوا جميعاً دون أن تودعهم، أغمضت عينيها وتذكرت ما حدث بالأمس بعد أن انطلقت من بين شفتيها أعلى الصرخات... ركض أمير إلى الغرفة ووجدها تحتضن جسدي شقيقيها فاقترب منها مسرعاً وتحسس نبضهما فنظرت إليه بعين راجية وقالت والدموع تنهمر على وجنتيها- ساعدهم وخليهم يفتحوا عينيهم، هما بس دايخين وبعد ما تساعدهم هيقوموا يحضنوني ويقولولي وحشتينا، صح يا أمير؟
شعر بغصة في قلبه ولم يستطع أن يخبرها برحيلهم كما رحل أبيها فاقترب منها وأبعد جسد مصطفى ثم عاد وحرر جسد عبد الرحمن من بين يديها فصرخت منادية بأسمائهم ثم ألقت بجسدها في صدر أمير فحاوطها بكلتا يديه في ذات اللحظة التي دلفت فيها حنين إلى الغرفة بعد أن استمعت إلى صوت وعد فجلست راكعة على الأرض من هول الصدمة....
فاقت وعد من ذكرياتها الأليمة عندما جلس أمير إلى جوارها وأحاط ظهرها بذراعه فأسندت رأسها على صدره لتبكي على من رحلوا بلا وداع تاركين بقلبها الحسرة والألم... كم تمنى أن يحمل الحزن عنها لكنها أمنية بعيدة المنال- ربنا يرحمهم، لو فضلوا عايشين كانوا هيتعذبوا أكتر
- منها لله منيرة هي السبب في كل حاجة، أكيد بابا ما استحملش الصدمة وأكيد ربنا رحم مصطفى وعبد الرحمن علشان ما يجيش يوم ويعرفوا أنهم ولاد حرام وأمهم أتمسكت في شقةصمتت للحظات وأكملت بكائها ثم ابتعدت عنه قليلاً وتساءلت بصوت كساه الألم
أنت تقرأ
طريقي بقربك - منى سليمان (الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء)
Romanceالمقدمة مضت وهي لا تعلم أي باب تطرق... فقد أُغلقت جميع الأبواب التي طرقتها في وجهها... والآن تغدو وحيدة... غريبة... شريدة ... تساءلت في نفسها هل هي نهاية الطريق أم أنها البداية... يا له من قدر جعلها هكذا... تمضي ولا تعلم إلى أين تذهب أو إلى أي باب...