طريقي بقربك - الفصل الثاني والثلاثون - بقلمي منى سليمان

12.9K 305 21
                                    

طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الثاني والثلاثون - بقلمي منى سليمان

* غرام وانتقام *

الحب كلمة من أربع حروف ولكن تحمل بداخلها الكثير، نظرات وهمسات ومشاكسات وصعاب يتخطاها فقط الحب الحقيقي...
تململ أمير في الفراش وفتح عينيه بمجرد أن استشعر عدم وجود وعد إلى جواره... ترك الفراش وأخذ يبحث عنها حتى وجدها تجلس بالشرفة وتجلس قطتها على قدمها... اقترب منها بهدوء إلى أن استقر خلفها ثم ثنى جزعه وطبع قبلة على خصلات شعرها فابتسمت بسعادة وتساءلت

- إيه صحاك؟
- قلقت لما ما لاقتكيش جمبي، مالك؟

قال كلمته الأخيرة بعد أن جلس على المقعد المقابل لها فأجابته: مفيش حاجة، قلقت وقومت، قولت أصحيك لما المنبه يرن علشان تروح شغلك، شهر العسل خلص

قالتها بطريقة طفولية فقبض برفق على معصمها ثم جذبها بخفة فوقفت عن مقعدها وجلست مرة أخرى على قدمه وتابعت

- أوعي تنشغل عني
- إيه رأيك تيجي معايا؟
- مش هينفع أخر الأسبوع كتب كتاب ماما يعني فاضل أربع أيام ويادوب نحلق نجهز كل حاجة

رفع يدها إلى شفتيه وطبع على باطن كف يدها قبلة عميقة وهتف: خدي بالك من نفسك وما تتعبيش نفسك

- ما تخافش عليا
- لا أخاف طبعاً لتكوني حامل ولا حاجة

غمز لها بمشاكسة فضحكت على جنونه وبمجرد أن استردت أنفاسها وضعت يدها على كتفه وتحدثت مازحة

- مخك ضرب خالص من أول شهر جواز
- لو مكنش ورايا شغل كنت وريتك الجنان على أصوله

صمتت لدقائق وشردت في عينيه فبادلها نظرات العشق وتأمل كذلك انعكاس صورته داخل عينيها لتقطع الصمت قائلة

- أنا بحبك أوي
- وأنا بعشقك

******************
بمنزل أمجد...
استيقظ في الثامنة والنصف عندما صدع صوت رنين آلة التنبيه وقبل أن يترك فراشه ألقى نظرة سريعة على صغيرته النائمة فقالت وهي مازالت مغمضة العينين

- صباح الخير

ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيه وأزال الخصلات الساقطة على وجهها ثم طبع قبلة على جبينها ففتحت عينيها وأردفت

- هتسيبني وتروح المشرحة؟
- غصب عني معجزة أني أخدت شهر أجازة بس مش هتأخز، هتنزلي أمتى؟
- هعدي على وعد الساعة ١١ وسواق أمير هيوصلنا عند طنط سوسن
- خدي بالك من نفسك

قالها ثم أتكى على ذراعه وأخذ يداعب وجنتها بظاهر يده فتركت وسادتها وأتخذت من صدره وسادة وتابعت

- أنا بحبك أووووي كتيررررررر
- وأنا بعشقك يا أجمل مجنونة في الدنيا، حسام قالك أنه هيطلب أيد أمل في كتب كتاب بابا؟
- قالي وحلفني ما أقولهاش وللأسف مضطرة أسكت بس هقول لوعد لساني مش قادر يسكت

ضحك على جنونها فشاركته الضحك وهي تشعر بالسعادة لأجل شقيقها الذي قرر الزواج بعد طول انتظار ولن يبقى وحيداً

******************

في التاسعة استيقظت أمل لتذهب إلى عملها لكنها لم تغادر الفراش بل رقدت على ظهرها وأخذت تفكر في الهمجي الذي سقطت في غرامه وتعلم جيداً أنه يكن لها مشاعر ولا يرغب في البوح بمشاعره... شعرت برغبة ملحة في الفتك به فقد تزوج الجميع وهي باقية في انتظار اعترافه فاعتدلت في جلستها ثم أمسكت هاتفها وبحثت عن صورته وبمجرد أن وجدتها ضيقت بين حاجبيها وهتفت بغيظ

- أقسم بالله حلوف ولا بتحس و

توقفت عن إكمال كلماتها وصرخت عندما صدع صوت رنين هاتفها ثم وضعت يدها على ثغرها وتنفست بعمق ثم أزالتها وأردفت

- منك لله خضتني وأنا بهزقك

ضغطت زر الإيجاب بعد أن توعدت له وقالت بحدة: نعم

أبعد الهاتف عن أذنه ليتأكد من الرقم فتأكد أنه يتحدث إليها فلوى شفتيه بضجر وقال

- مالك يا بت أنتي؟
- ملكش دعوة، هتقول متصل ليه ولا أقفل السكة في وشك؟
- أقفليها كده وأنا أجي أجيبك من شعرك

قالها بحدة تفوق حدتها فصرت على أسنانها فكانت أشبه بالبركان الذي على وشك الانفجار وإلقاء الحمم البركانية ولكن في وجه حسام فقط فتحدثت بغيظ قائلة

- مين دي اللي تجبها من شعرها يا بارد يا تلم يا رخم
- أتعدلي يا أمل بدل ما أعدلك وأقص لسانك
- أنا مش عايزه أتكلم معاك أصلاً، أقففففففل

أبعدت الهاتف عن أذنها وألقت به على الفراش اعتقاداً منها أنه أنهى المكالمة فتابعت بغيظ وهي تنظر إلى الهاتف

- الكل بيتجوز وأنا قاعده مستنيه جنابك تنطق وتقولي بحبك، جتك القرف

تركت الفراش واتجهت كالإعصار صوب الحمام فأبعد حسام الهاتف عن أذنه وابتسم بسعادة فطفلته تعشقه بجنون وغضبها نابع عن العشق الساكن بداخلها فتنهد براحة وردد في نفسه وهو ينظر إلى صورتها الموجودة بهاتفه

- حمارة صحيح، كلها أربع أيام وأقولك أني بعشقك يا هبله

*******************

في الظهيرة ذهبت حنين إلى منزل وعد ليذهبن إلى منزل سوسن وبالطريق أخبرتها حنين برغبة حسام في الزواج من أمل فشعرت وعد بالسعادة لأجل حسام كما رحبت باختياره لأمل... بعد مرور ما يقارب الساعة ترجلن أمام مركز تجاري فخم وبدأن في اختيار كل ما يليق برمزية التي عادت الفرحة تسري بداخلها من جديد....
مرت الأيام هادئة و انشغلوا جميعاً في تحضيرات عقد القران وطوال تلك المدة تعمدت أمل عدم رؤية حسام ولم تجيب أي من مكالماته عله يشعر بأهميتها

**************

في صباح اليوم الرابع كانت وعد في طريقها إلى المطبخ عندما صدع صوت رنين جرس شقة سوسن فقد قضت ليلتها برفقة والدتها... اندهشت بشدة فلم تتخطى الساعة السابعة صباحاً فاتجهت صوب باب الشقة وفتحته لتتفاجأ بحبيبها.... أتسعت ابتسامتها الساحرة فبادلها بأخرى وقال بعشق

- وحشتيني، وطول الليل ما نمتش علشان مش في حضني

خفق قلبها بسعادة مع كل كلمة من كلماته وبمجرد أن فاقت من سحر كلماته ألقت بجسدها في صدره فشدد في احتضانها ليطفأ شوقه وحنينه إليها... ابتعدت عنه بصعوبة فدلف إلى الداخل وتساءل بعد أن أغلق باب الشقة

- كنتي صاحيه ولا صحيتك؟
- أنا كمان ما نمتش طول الليل وكنت رايحه أعمل شاي يفوقني
- يبقى نشربه سوا

أمسكت يده واصطحبته إلى المطبخ فشاكسها بلمساته وقبلاته فكانت تعبس تارة وتبتسم على جنونه الذي لا يتوقف تارة أخرى، وما أن انتهت من إعداد الشاي حمل عينيها الصينية واتجه إلى الشرفة... انتبهت وعد إلى صوت بكاء أمل فاتجهت إلى غرفة الصغيرة وحملتها فتوقفت عن البكاء... وقف أمير عن مقعده حينما رأى وعد تقترب وصغيرته بين يديها فحملها وقال بسعادة

- وحشتيني، صاحيه بدري ليه أنتي كمان؟
- أكيد عرفت أنك هنا

قالتها وعد فنظر إليها وهتف: قصدك بتقطع عليا

- أمولا تعمل اللي هي عايزاه و

توقفت عن إكمال كلماتها عندما صدع صوت رنين هاتف أمير فاندهشت بشدة إلا أنها لم تعلق بينما أخرج أمير الهاتف من جيب بنطاله واندهش هو الأخر لاتصال حسام في هذه الساعة المبكرة فأجاب قائلاً

- أنت ما نمتش من فرحتك ولا إيه؟
- للأسف طلبوني في مهمة مستعجلة بس بأمر الله هكون موجود في المعاد ولو أتأخرت ما تقلقش
- خد بالك من نفسك، ترجع بالسلامة

أنهى حسام المكالمة وحاول الاتصال بأمل ليتحدث إليها قبل أن يغادر لكنها تمسكت بالعناد ولم تجيبه فزفر بضيق وكرر الاتصال عدة مرات ولكن دون جدوى فأرسل إليها رسالة نصية

(خلي عندك دم وردي عليا، أولاً وحشتيني جداً.. ثانياً أنا طالع دلوقتي مهمة وعايز أسمع صوتك علشان لو ما رجعتش يكون صوتك أخر صوت سمعته)

أرسلها ثم حمل مفتاح سيارته ليغادر وقبل أن يصل إليها صدع صوت رنين هاتفه وسرت السعادة بأوردته عندما وجد الاتصال منها فأجاب قائلاً بصوت دافئ

- وحشتيني

لم تستطع أن تجيبه ولو بكلمة فقد كانت تبكي بغزارة تأثراً بكلماته فشعر بغصة في قلبه وتساءل

- بتعيطي ليه؟
- علشان أنت رخم أوي ورسالتك رخمة زيك، عارف لو ما رجعتش على معاد كتب الكتاب هاجي أجيبك أنا

مرر يده بين خصلات شعره في سعادة فالجميلة خاصته تخشى عليه وتبكي من خوفها لفقدانه فتنفس بعمق وتمنى أن يخبرها بعشقه إلا أنه فضل الانتظار للمساء حتى لا يُفسد كل ما خطط له فتحدث بصوت دافئ قائلاً

- ما تعيطيش وما تخافيش عليا، أنا هرجع علشانك يا أمل

اختلطت دموعها بابتسامة ساحرة وهتفت: لا إله إلا الله

- محمد رسول الله

قالها وأنهى المكالمة ثم دلف إلى سيارته وانطلق بها، بينما أنهت أمل المكالمة وتركت فراشها ثم توضأت وصلت ركعتين لله لكي يعود حسام إليها كما وعدها

******************

في السادسة مساءاً أوقف أمجد سيارته أسفل منزل سوسن.... ترجل منها وكذلك فعل والده وهو يشعر بالتوتر فالمشاعر التي تسري بداخله كان قد نسيها فأعاده أمجد إلى أرض الواقع عندما ربت على كتفه وقال مازحاً

- مبروك يا عريس، عايزينك تشرفنا النهارده

صر محمود على أسنانه ووكز ابنه المشاكس في كتفه فتأوه كمشاكسة لوالده إلا أنه لم يهتم وهتف بغيظ

- لم نفسك يا قليل الأدب
- بشجعك الله
- واد أنت إحنا طالعين عند الناس عارف لو قعدت تضحكني زي عوايدك هتبرى منك

أسر أمجد ابتسامته بصعوبة وحرك رأسه بالموافقة ومضى برفقة والده وهو يتمتم في نفسه

- أبويا ده نمس بس مداري

وصل محمود إلى وجهته فوقف يهندم ثيابه ثم تنفس بعمق وضغط زر الجرس... ترك أمير مقعده واتجه صوب باب الشقة وفتحه فدلف محمود وأخذ يبحث بعينيه عن عروسه لكنه لم يجد أحد فنظر إلى أمير متسائلاً

- هو مفيش غيرك ولا إيه؟
- والله بقالي ساعتين مرمي هنا لوحدي وكلهم في الأوضة مع العروسة
- طيب

دلف إلى الداخل ولحق به أمجد فوكز أمير في كتفه وقال مازحاً: أبويا متوتر، تقولش أول مرة يتجوز

- أتهد ما تضحكنيش بدل ما يشتمنا

بعد مرور عدة دقائق حضر الشيخ الذي سيقوم بعقد القران فاتجه أمير صوب غرفة وعد وطرق بابها ليخبرهم بوصول الشيخ فتأبطت رمزية ذراعه ومضت برفقته وصدرها يعلو ويهبط من شدة شعورها بالتوتر، وبمجرد أن استقرت أمام محمود أتسع ثغره فقدت كانت تشبه الأميرات... كانت ترتدي فستاناً ضيق من الستان الأبيض، حجاب باللون الوردي مع لمسات طفيفة من الماكياج.... اقترب منها وطبع قبلة على ظاهر يدها فخجلت بشدة وسحبت يدها مسرعة فقال محمود بسعادة

- مبروك يا عروسة
- الله يبارك فيك

تأبطت ذراعه ومضت معه إلى طاولة عقد القران المزينة بالورود الحمراء والستان الأبيض فبدأ الشيخ في إجراءات عقد القران... كانت الأجواء ساحرة وشعر الجميع بفرحة عارمة عدا أمل فقد كانت تشعر بالقلق على حسام الذي لم يأتي حتى الآن... لاحظ أمير شرود شقيقته فأخرج هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً بهاتف حسام لكنه وجده مغلقاً فشعر هو الأخر بالقلق... لم تمض سوى دقائق قليلة حتى انتهى الشيخ وعلا صوت الفرح في أرجاء المكان وتبادلوا التهاني حتى استقرت رمزية أمام محمود فطبع قبلة على جبينها وهتف بصوت دافئ

- ألف مبروك يا أجمل عروسة
- الله يبارك فيك

أخرج علبة من جيب بنطاله وفتحها ثم أخرج منها أسواره وألبسها إياها وألبسها أيضاً خاتم من الألماس فقالت برقة

- ليه كلفت نفسك؟
- دي شبكتك ده أولاً، ثانياً مفيش حاجة في الدنيا تغلى عليكي
- ربنا يخليك ليا ويفرح قلبك زي ما بتفرحني
- طول ما أنتي جمبي الفرحة هتسكن في قلبي، يلا بينا

بعد مرور ما يقارب الساعة تأبطت رمزية ذراعه بعد أن ودعت ابنتها والجميع ثم مضت برفقته إلى السيارة فانطلق إلى منزله ليبدأ حياة جديدة وهي إلى جواره

*****************

طريقي بقربك - منى سليمان (الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن