ساد الصمت الكامل على كل ناحية من الحجرة التي لم تحتوي إلا على طاولة ومقعدين جلس فاريغل على أحدهما بهدوء وهو ينظر للفراغ الممتد أمامه وأفكار عديدة تدور في عقله، لقد مضى على وجوده هنا قرابة الساعتين دون أن يحصل على كلمة واحدة من أي فرد داخل هذا المركز اللعين، ضغط على قبضتيه بتوتر وما لبث أن نهض ليدور حول الطاولة قليلا محاولا أن يحرك أعضاء جسده الخاملة والتي أحس بها متيبسة كلوح خشبي عفن، رفع نظره نحو الساعة التي علقت فوق باب الغرفة والتي أشارت للثالثة ليكز على أسنانه بغضب وحدة، ما الذي يحدث هنا بالضيط؟ أين هم هؤلاء بحق الجحيم؟ لقد أكدت له تلك الشرطية أن كل ما يحتاجونه منه هي بعض المعلومات وفقط ثم سيغادر المكان دون أي جلبة وهو ما دفعه في المقام الأول للقدوم برفقتها، سحقا لهم جميعا إن رجال الشرطة لا يمكن الركون إليهم فعلا، ما كان عليه أن يستمع لكلامها فهو لم يخبر أحدا عن مكانه ومحاميه بالذات لا يعرف بتواجده هنا
-اللعنة
كل التوتر الذي أحس به ينهش لحمه انطلق مع تلك الصرخة الحادة التي دارت في كل ناحية من المكان، أيمكن أن يكونوا قد أرادوا احتجازه هنا لكي يتمكنوا من تفتيش مكتبه كما يريدون؟ هذا ممكن فلا شيء يمكنه إيقافهم الآن لا سيما بعد الخيبة التي منيوا بها المرة الماضية، وهذا يعني أن هناك إمكانية كبيرة أن يعثروا على الملفات، تزاحمت تلك الأفكار في عقله دفعة واحدة لتزيد من حقنة التوتر التي سرت في روحه مما دفع بقطرات العرق تلك لتملأ جبهته وهو يدور حول الطاولة تارة وحول نفسه تارة أخرى مما دفع بكل الأفكار السوداء لتتراكض في دوامة عميقة لا قرار لها داخل رأسه لينتفض فجأة ملتفتا نحو الباب الذي فتح ليستقر نظره على المحقق الشاب الذي وقف أمامه بقامة رياضية منتصبة وشعر أسود كثيف تهادى على كتفيه وجبينه مع عينين صبغتا بلون بني قاتم وهادئ زادت من الهيبة التي بدت على طلته لا سيما البذة الرسمية السوداء التي ارتداها وهو يمسك ذلك الملف في يده، تقدم نحو الطاولة دون حرف واحد فيما نظرات الرجل معلقة عليه بتوتر لم ينجلي من عينيه، وضع ألكسندر الملف على الطاولة ليجلس هو على المقعد ونظر لضيفه قائلا بنبرة هادئة قوية حملت معنى الأمر والسيادة اللذان تعود عليهما صاحبها
-تفضل يا سيد فاريغل
حدجه الرجل بغضب تملك منه بالكامل ليقول بحقد
-لقد تركتموني أنتظر هنا ساعتين كاملتين والآن تتصرف وكأن شيئا لم يحدث
وهنا أجابه بهدوء زاد من هيبته
-آسفون فعلا لهذا ولكننا كنا مضطرين لفعله
-يا للسخرية! أتدرك فعلا ما الذي تتفوه به أيها المحقق؟ أتدرك ماذا بإمكاني أن أفعل جراء هذا
وتقدم ليجلس على المقعد المقابل له مردفا بغضب متوتر وقلق
-يمكنني أن أقدم ضدكم شكوى لحاكم الولاية
أنت تقرأ
الأسياد-الجزء الثاني-أسياد الرصاص
Aksiعندما تكتشف أن كل ما عشته حتى الآن في عالمك الوديع ليس سوى مجرد كذبة ملونة والأسرار التي تختبئ خلف ظهرك قادرة على أن تقلب حياتك مئة وثمانين درجة والأفكار التي كنت تعتنقها قادرة على أن تدفعك لتقود أكبر ثورة في تاريخك وليس تاريخك وحدك بل هو تاريخ ا...