الفصل الخامس والثلاثون(نقطة ضعفه الوحيدة)

8.2K 302 2
                                    

لم يكن هناك زفاف ..لا مدعوين ولا حتى زينة ..لم تكن في الواقع داخل اي مكان محدد .. فقط فستان زفافها الطويل الذي مازالت ترتديه ذكرها بأنها تتزوج بهشام أخيرا .. وبدلا من ان تشعر بالأمان شعرت بالخوف وهي تبحث عن أي شيء مألوف في المكان المظلم الذي كانت تائهة فيه
ظلام .. ظلام .. أحست بالخوف والضياع .. كما شعرت بالضبط عندما صحت من غيبوبتها في المستشفى ..و نظرت حولها حائرة غير قادرة على تذكر ما حدث ..
هبت ريح قوية رفعت حاشية ثوبها الطويل .. وعبثت بشعرها مفسدة تسريحته الانيقة .. صاحت بقلق .. هشام .. هشام
رأته أخيرا يقف والضباب يلفه من كل جانب .. كان يدير لها ظهره وكأنه لم يسمع صراخها .. أسرعت نحوه وهي تقول بارتياح :- أين كنت ؟ انا أبحث عنك منذ مدة .. يجب أن نعود إلى الحفل .. الضيوف في انتظارنا
وعندما لم يمنحها ردا .. مدت يدها وامسكت وأمسكت ذراعه .. عندها ادركت متأخرة بأن هذا الرجل لا يمكنان يكون هشام .. إنه أقصر قامة منه ..
تراجعت مذعورة .. وحاولت الهرب .. إلا أن اليدين القاسيتين امسكتا بها .. والعينين الحمراوين رمقتاها بتلك النظرات الشامتة .. ودوى صوت صلاح يقول لها :- لا مفر لك مني يا أماني .. لا مفر
شقت صرخة اماني الصمت وهي تنتفض قوق السرير الضخم .. صفعها الظلام المحيط بها فظنت لوهلة بأنها ما زالت تعيش الكابوس نفسه .. فعادت تصرخ وهي تلوح بيديها يمنة ويسارا .. حتى سقطت من فوق السرير في نفس اللحظة التي فتح فيها الباب .. وأنير المكان كله بلمح البصر .. ودوى صوت هشام القوي يهتف بقلق :- ما الأمر ؟ ما الذي حدث ؟
أسرع نحوها ليحملها بدون تردد ويضعها فوق السرير .. سماعها لصوته .. وإحساسها بقوة ذراعيه حولها جعلها تنهار باكية بارتياح وهي تضم نفسها إلى صدره بقوة كطفل يطالب بحماية امه
ضمها غليه بقوة وأخذ يربت على شعرها بحنان ويتمتم بخفوت :- أنت بخير .. لن أسمح لأحد بأن يؤذيك .. أي أحد
هتفت بصوت مختنق :- لقد كان هناك في انتظاري .. في قلب الظلام .. وانا لا أحب الظلام .. لقد تركت المصباح مضاءا .. انا متأكدة من هذا
قال بقلق :- لقد أطفأته أنا عندما مررت بك قبل نصف ساعة لأطمئن عليك .. أنا آسف .. لم أعرف بخوفك من الظلام
بدأت تهدأ .. وتحس في الوقت نفسه بسخافتها .. فابتعدت عنه ببطء وهي تمسح دموعها قائلة :- أنا دائما أترك ضوءا صغيرا قبل ان أنام .. أعرف بانك تجدني سخيفة وطفولية .. لابد أنني قد أيقظتك من النوم
أمسك وجهها بين يديه وأجبرها على النظر إليه .. وقال بهدوء :- أماني .. اهدئي الآن .. أنا لم اكن نائما .. وما حدث معك قد يحدث لأي شخص آخر
انتبهت في تلك اللحظة إلى أنه مازال يرتدي نفس الملابس .. ولكن بدون سترته او ربطة عنقه .. ومن خلال فتحة قميصه حيث فتح الأزرار العلوية ظهر عنقه القوي وصدره الأسمر المكسو بالشعر القاتم .. فنسيت فورا كابوسها .. وطار النوم من عينيها لتعود إليها مجددا تلك الأحاسيس المربكة .. تمتمت باضطراب :- آسفة لأنني أزعجتك
ثم تذكرت شيئا .. فنظرت إلى عينيه الداكنتين قائلة :- هل دخلت علي أثناء نومي ؟
هز رأسه قائلا :- لقد كنت غارقة في النوم .. فأطفأت النور ظنا مني بأنك قد نسيته مفتوحا
تساءلت عن السبب الذي دفعه لدخول غرفتها .. وتذكرت الأفكار التي راودتها قبل ان تنام .. ترى .. هل راودته الأفكار نفسها ؟ هل دخا غرفتها محاولا القيام بالخطوة الأولى في التقرب منها فوجدها نائمة ؟ احمر وجهها .. وأبعدت يديها عنه بسرعة فأخطأ فهم سبب توترها .. ابتسم قائلا :- ليس عليك أن تخشي شيئا .. لقد كنت نائمة كالملاك .. والملاءة تغطيك حتى ذقنك .. لم أر شيئا لم ترغبي بأن أراه
انحدرت عيناه إلى الأسفل فجأة لتتفحصا لأول مرة ما ترتديه .. فاختفت ابتسامته .. واحتلت عيناه نيران سوداء جعلتها ترتجف .. وترفع يديها تلقائيا نحو عنقها وصدرها لتحمي نفسها من نظراته
سمعت صوت انفاسه الثقيلة .. وأحست بالجو بينهما يتشبع بالتوتر .. وضع سبابته أسفل ذقنها .. وأجبرها على النظر إليه وهو يقول بصوت أجش :- أنت جميلة جدا يا اماني .. أظنك تعرفين هذا جيدا .. وتعرفين أيضا ما الذي يفعله بي جمالك
كانت المسافة بينهما تتقلص شيئا فشيئا .. وكان خيطا لا مرئيا يجذب كل منهما نحو الآخر ..
همست :- ما الذي يفعله بك ؟
نظر إلى وجهها متمعنا في كل قطعة من ملامحها الناعمة الجميلة .. مد يده نحو شعرها ليتحسس خصلاته الذهبية الحريرية .. ثم لمس بظهر سبابته وجنتها .. ومررها عبر خدها وصولا نحو فمها المرتعش ..
تسارعت خفقات قلبها .. واحست به يكاد ينفجر من ثقل الأحاسيس التي ملاته .. لم تشعر يوما بكل هذا الضعف نحو أي إنسان .. أبدا لم تعرف كيف تفقد الانثى كل إرادة وتعقل أمام لمسة رجل حتى هذه اللحظة
أبدا لم تظن نفسها قادرة على أن ترغب رجلا بهذه القوة قبل الآن
قال بصوت عميق :- يثير جنوني .. يربكني ويضعفني .. وقد أقسمت يوما على ألا أسمح لأي شيء أو أي شخص بأن يفعل هذا بي
أحست بأنه يكره مشاعره نحوها .. ورغبته القوية بها .. أحست بالشفقة والحزن عليه .. هو الرجل القوي القاسي .. الذي يخفي داخله حنان الابن والأخ وحتى ابن الأخت .. هو الذي عانى من طفولة مريرة فأقسم على ألا يكون ضعيفا مجددا .. وجد أخيرا نقطة ضعفه الوحيدة .. هي
رفعت يدها نحو صدره لتلمس عبر قميصه المفتوح عضلاته القاسية .. وتغوص بين الشعيرات الناعمة الكثيفة .. أحست بأنفاسه تضطرب .. ونبضات قلبه تتسارع تحت أناملها
همست :- أنا آسفة .. ما الذي أستطيع فعله لمساعدتك ؟
تمتم :- تستطيعين فعل الكثير
شهقت بإثارة عندما عرفت ما ينوي فعله .. دنا منها ببطء حتى لامست شفتيه شفتيها... وقبلها
انتفض جسدها وكأن تيارا كهربائيا عبر من خلاله .. أظلمت الدنيا من حولها واختفت معالمها .. وأصبح عالمها كله محصورا في الأحاسيس القوية التي انتابتها عندما ضمها بين ذراعيه وقربها من صدره حتى التصقت به ..
ازدادت حرارة قبلاته حتى كاد قلبها يتوقف من فرط الانفعال .. انتابها خوف شديد مفاجئ .. فتراجعت مبتعدة عنه وهي تشهق بعنف .. ولكنه ما كان ليسمح لها بالانسحاب .. ليس وقد اقترب إلى هذا الحد من نيل مأربه
همس لها برقة :- لا تخافي .. سأعتني بك جيدا
الحنان والشغف المطلين من عينيه جعلا عبارة أحبك تكاد تقفز من بين شفتيها .. فعضت عليهما بقوة كي تكبح اعترافها المذل .. فمرر أنامله عليهما مانعا إيها من أذيتهما .. ثم أحنى رأسه ليتناولهما بين شفتيه .. فيسحقهما بقبلاته
في تلك اللحظة .. وعندما أزاحت أنامله حمالات قميص نومها الرقيقة .. فقدت أماني كل خيار أمامها .. وانهارت مقاومتها .. وانهار معها كل أمل لها في الحفاظ على ما تبقى من سيطرتها على حياتها

سيدة الشتاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن