29 - معبدُ حُورُس

1.3K 226 190
                                    

« و إنك في ناظريّ كأحفورة عتيقة بين يدي عالم آثار ، ينفض الغبار عنها برفقٍ شديدٍ ، يتلهّف لقراءة خباياها و كلّما مرّ عليها الزمن زادت قيمتها في عينيه. »

•°•°•°•

و نحن الآن في رحاب مصر القديمة !

بعد محاولات باءت بالفشل الذريع في استيعاب وصولنا إلى هنا أو على الأقل في التوصل إلى ذرة منطق في خضم ما جرى ، لاحظت الناس ينفرون منا بهلعٍ حاولوا طمسه لكنّه يتجلى بين ثنايا أعينهم الجاحظة و ثغورهم المفتوحة

لا ألومهم بتاتا ، لو أتى مجهول من خفايا المستقبل إلى عصرنا لأبدينا جميعا نفس ردة الفعل

و فجأة من بين الجثث الضخمة المتزاحمة ظهر جسدٌ نحيل صغير لفتًى شديد السّمار برز على إثره بياض أسنانة المصطفة ، اقترب منّا بلا خوف على عكس البقية ليمدّ يده ناحيتي بنيّة مساعدتي على الوقوف

لبّيت دعوته بضمي كفي إلى كفّه تقديرا لمبادرته اللطيفة و لم أنوِ الاعتماد عليه لإنهاضي بما أنه صغير لكن صدمني بقوّته الفائقة عندما سحبني بكل سهولة لأغدو واقفا

صحيح نسيت ، لقد كانوا يمتازون ببنية جسدية قويّة

ليتني ركّزت جيدا مع معلمة التاريخ أيام الثانوية ، لكانت المهمة أسهل الآن

نفضت الغبار المتغلغل في ملابسي ثم مددت يدي لأسند ميلوفيا على الوقوف

" هي ! أنت يا ولد ، لمَ لا ترتدِ ملابسك ؟ "

صاحت في وجهه لِما لم أتفطن له فهمست لها

" فلتتركي فضولك في عالمنا عزيزتي ، ستشاهدين ما لا يحصى من الغرائب و يفضل ألا تسألِ كثيرا "

" من أنتم ؟ "

باغتنا بسؤال مفاجئ لأجيب قبل تنسيق جملة مناسبة

" آه نحن ؟ جئنا من بلاد بعيدة لا تعرفها "

رمقنا بقلّة اقتناع مضيقا عينيه الواسعتين فقررت استغلال خبرته بينما نتمشى في السوق الشعبي المكتظ بأنواع مختلفة من الثمار ، اللحوم و الجلود التي تقايض بدل سلع أخرى كنمط من أنماط معاملات البيع و الشراء قبل اختراع القطع النقدية

" هل تعرف شيئا ما عن هاكت أو يورب ؟ إننا بحاجة إليهما "

نظر إلي باستغراب قائلا " و لمَ قد يحتاج أحدهم إلى هاكت ، إنه موجود في شتى الأصقاع حتّى أن والدتي تسقينا إياه كل يومٍ "

في حركة لا إرادية ضربنا كفّينا أنا و ميلوفيا بانتصار ، ها قد بدأت اللعبة حقا

" أ يمكنك أن تاخذنا إلى بيتك من فضلك ؟ "

طلبت بلباقة مبالغ فيها لكن الأهم أن نحصل على مرادنا و لحسن الحظّ وافق بسلاسة

عبر زقاق ضيّق مررنا لنخرج في مساحة واسعة تلتف حولها منازل الطوب المنخفضة

خَيْلان قُبْرُصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن